زاد الاردن الاخباري -
بعد عامين وأربعة أشهر على وفاتها، أسدلت محكمة التمييز مؤخرا الستار على قضية الطفلة نورا ابنة الـ30 شهرا، التي قضت تحت "التعذيب من قبل والدها"، حيث أيدت محكمة قرار محكمة الجنايات الكبرى "بإدانة والد الطفلة بجناية الضرب المفضي إلى الموت، مع إعادة الملف إلى محكمة الجنايات للأخذ بإسقاط الحق الشخصي".
وكانت "الجنايات" حكمت بالسجن 12 عاما بحق الأب، لكن مع إسقاط الحق الشخصي من قبل والدة الطفلة وشقيقها القاصر، يتوقع أن تخفض العقوبة إلى النصف لتصبح 6 أعوام.
وكانت النيابة العامة وجهت تهمة "القتل القصد" لوالد الطفلة وزوجته، باعتبار أن الأفعال التي اقترفها المشتكى عليهما من ضرب وتعذيب وحرمان من الغذاء والرعاية الصحية، تمثل "جناية القتل القصد وليس الضرب المفضي إلى الموت".
غير أن قرار "الجنايات"، الذي أيدته محكمة التمييز، اعتبر أنه "لم يكن هناك قصد للقتل في الجريمة، وبالتالي حولت إلى تهمة الضرب المفضي إلى الموت"، كما برأت الزوجة من التهمة وأسند إليها جرم "إهمال رعاية قاصر لتحكم بالسجن لمدة عام".
وكان تقرير الطب الشرعي الذي كشف عنه قبل عامين عن حالة وفاة الطفلة نورا، والذي علل الوفاة بسبب "نزيف دموي حاد نتيجة الارتطام الشديد والمتكرر بجسم صلب راض (ما يعرف بمتلازمة الطفل المرتج)"، بالإضافة إلى "الكدمات العديدة والواسطة والنزوف والتي غطت 90 % من جسدها، وكذلك الصدمة العصبية الناتجة عن الآلام المنبعثة من ضربها العنيف والقاسي على مختلف أجزاء جسدها".
كما بين التقرير، أن "الطفلة كانت تعاني من كسر قديم في الذراع قدر حدوثه قبل ثلاثة أسابيع من الوفاة، إلى جانب معاناة الطفلة من جفاف وسوء تغذية، كما أن وزنها كان أقل بدرجة كبيرة من الوزن الطبيعي لطفلة في هذه السن، إذ كان وزنها 7 كيلوغرامات فقط".
واعتبر أن "الإهمال الواقع على الفتاة كسوء التغذية والجفاف هو إهمال مقصود وذلك يظهر من مجمل الصفة التشريحية للجثة".
وبحسب لائحة الاتهام، فإن الأب وزوجته "عمدا إلى عدم إطعام الطفلة وتغذيتها الغذاء الملائم والكافي، وضربها بشكل نمطي ووحشي ومتكرر، إلى أن جاء مساء الرابع والعشرين من تموز (يوليو) 2015، عندما عاد الأب إلى المنزل ووجد المجني عليها تبكي، فقام بضربها بواسطة سلك كهربائي وحذاء على مختلف أنحاء جسدها، وبعد ذلك أمسك بعصا خشبية غليظة وضربها على رأسها وغادر المنزل وعاد فجرا".
وتبين أنه "بعد أن سمع الأب ابنته المغدورة تبكي مجددا من شدة الألم الناجم عن الضرب الذي تلقته قبل ساعات، انهال عليها مجددا بالضرب بواسطة يده على وجهها وهزها بعنف وباتجاهات مختلفة من أجل إجبارها على السكوت، ثم لفها بحرام شتوي وربطها بحبل من مختلف أنحاء جسدها وعاود هزها بشدة حتى غابت عن الوعي، وبدلا من أن يسعفها إلى المستشفى ذهب لينام إلى صباح اليوم التالي، وعندما حاول صبيحة اليوم التالي إيقاظ الطفلة لم تستجب للمحاولات لينقلها إلى المستشفى ويتبين أنها توفيت".
وتعيد قضية الطفلة نورا التي أثارت الرأي العام حينها الجدل حول العقوبات المتعلقة بقتل وإيذاء الأطفال، إذ يرى حقوقيون أن "حالات العنف ضد الأطفال أصبحت في تزايد داخل نطاق الأسرة، وما ينجم عنها من إيذاء شديد يصل في بعضه إلى الموت".
ويجمع حقوقيون على ضرورة "تعديل قانون العقوبات، وتحديدا البنود المتعلقة بالضرب المفضي إلى الموت بحق الطفل، وكذلك إلغاء إسقاط الحق الشخصي في جرائم القتل الواقعة على الأطفال داخل نطاق الأسرة، إلى جانب ضرورة مراجعة العقوبات المتعلقة بالإهمال في رعاية قاصر وتوفير احتياجاته ورعايته، خصوصا في حالات الإهمال المتعمد التي تؤدي إلى أثر دائم أو وفاة".
وينص قانون العقوبات، على عقوبة مشددة بحق: من يضرب طفلا أو امرأة ضربا يفضي إلى الموت، إذ تنص المادة 330 من القانون على: "من ضرب أو جرح أحداً بأداة، ليس من شأنها أن تفضي إلى الموت، أو أعطاه مواد ضارة، ولم يقصد من ذلك قتلا قط، ولكن المعتدى عليه توفي، متأثراً بما وقع عليه، عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن سبع سنوات".
ويكون الحد الأدنى للعقوبة 12 عاما، إذا وقع الفعل على من لم يكمل 15 عاما من عمره، أو على أنثى مهما بلغ عمرها.
لكن الإشكالية، بحسب ناشطين في حقوق الطفل، تكمن في بند "إسقاط الحق الشخصي"، إذ غالبا ما تعمد الأسرة إليه في مثل هذه الجرائم، لتنخفض العقوبة من 12 عاما إلى 6 أعوام فقط.
ويرى خبراء أن الحكم ببضع أعوام على مرتكبي العنف القاتل ضد الأطفال داخل الأسرة، حتى وإن كان بغطاء قانوني عبر استخدام إسقاط الحق الشخصي، "يتفق وكونه شكلا من أشكال الإفلات من العقاب".
الغد