زاد الاردن الاخباري -
يبقى غذاء نازحي مخيم الركبان على الجانب السوري من الحدود السورية الأردنية الشرقية، رهن أمراء الحرب في سورية، وضحية تقلبات مصالح القوى الدولية الفاعلة على الساحة السورية، ليظل هؤلاء النازحون يتضورون جوعا بانتظار صفقات و تسويات سياسية بين الفرقاء، تسمح بمرور هذا الغذاء عبر حواجز النظام الذي ما زال يمنع مروره، بحسب العديد من المعارضين السوريين.
مماطلة الحكومة السورية ومراوغتها بشأن ادخال هذا الغذاء، بحسب المعارضين دفعت بالمستشار الانساني للامم المتحدة بدمشق يان ايغلاد، الى الخروج عن صمته مؤخرا والقول في تصريحات صحفية بأن الحكومة السورية "تمنع دخول المساعدات الى مخيم الركبان حتى الآن"، حاثا هذه الحكومة على "تسهيل المهمة امام المنظمات الدولية".
فيما ينظر المعارضون بياس الى وصول هذه المساعدات، التي جرى التوصل الى تفاهمات حولها بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والامم المتحدة مؤخرا، الى المخيم قبل ان يحصل النظام السوري على صفقه وصفوها بـ"شبه المستحيله".
هذه الصفقة او التسوية التي يكشف عنها المعارضون لاول مرة ويصفونها بـ"عملية الابتزاز"، يضغط بأتجاهها النظام من خلال وسطاء تحت شعار" الغذاء مقابل التسوية".
ويدلل هؤلاء المعارضون على صحة ما يذهبون اليه بان النظام السوري ما زال يغلق جميع الطرق المؤدية الى المخيم، ليس فقط امام المنظمات الاغاثية الدولية، بل انه يمنع وصول المواد الغذائية من قبل التجار السوريين، الذي يضطرون الى دفع مبالغ طائلة على الحواجز العسكرية للوصول ببضاعتهم الشحيحة الى المخيم، ما يرفع من اسعارها بشكل خيالي ويجعلها في غير متناول اغلب النازحين.
مسؤول الشؤون المدنية والسياسية في الادارة المدنية بمخيم الركبان ابو عبدالله عقبه يؤكد أن "النظام هو من يقف وراء عدم وصول المساعدات الاغاثية الى المخيم"، مشيرا الى ان" ادارة المخيم زودت مكاتب الامم المتحدة بكل ما طلبته من اعداد النازحين والمخازن وآلية التوزيع.
بيد ان ابو عبدالله يشير الى ان "مكاتب الامم المتحدة لم تعد تتواصل مع ادارة المخيم، معبرا عن خشيته من وجود صفقه .
من جانبه اعتبر المعارض السوري والناطق باسم مجلس عشائر تدمر والبادية السورية والتي يشكل ابناؤها معظم نازحي المخيم عمر البنية، ان صفقه او تسوية تدبر بالخفاء بشأن الركبان وهي "خطة روسية بالاشتراك مع النظام، تستخدم لاغراض سياسية فقط، مشيرا الى ان الهدف منها تعويم النظام وتمرير مشاريع تسويات على مبدا التسوية مقابل الغذاء.
وقال البنية انه اصبح من الواضح ان "مكاتب اللامم المتحدة في دمشق تعلم بهذا الموضوع، لكنها تتصرف وفق منطق غريب".
وتساءل البنية "لماذا المستشار الانساني كان قبل جنيف يصرح عن مساعدات وخطة .. وبعد جنيف والرياض يقول النظام لا يسمح"، متهما اياه بأنه يسيس العمل الانساني لاجل حسابات سياسية".
وقال ان "النازحين واللاجئين هم مسؤولية الامم المتحدة مجتمعة وفق القانون الدولي، وليسوا مسؤولية روسيا التي تدافع عن من يقتلهم ويهجرهم، وتقف بوجه محاسبة النظام في مجلس الامن".
اما الناطق الرسمي بأسم قوات الشهيد احمد العبدو المعارضة والتي تتواجد بالقرب من مخيم الركبان سعيد سيف فأكد ان "النظام السوري يراوغ بشأن قضية ادخال مساعدات الى الركبان، مدللا على ذلك بقوله ان "المناطق التي لاتحتاج الى اتفاق دولي ولا تبعد عن العاصمة دمشق سوا 10 كيلومترات لم يقم بإدخال مساعدات اليها".
واضاف سعيد ان "النظام يحتاج الى ضغط واجبار دولي كالعادة من قبل المنظمات الدولية لادخال المساعدات الى مخيم الركبان، وعدم الاكتفاء بدعوته فقط لادخال هذه المساعدات".
وعبر سعيد عن استغرابه "من مجتمع دولي ينتظر موافقة المليشيات الشيعية التي تسيطر على الطرق المؤدية الى المخيم لإغاثة حوالي 85 ألف نازح". بيد ان سعيد أكد انه لو أراد الأميركان ادخال مساعدات للمخيم فهم ليسوا عاجزين عن ذلك".
من جانبه أكد الناشط الاعلامي في مخيم الركبان عمر الحمصي ان النظام وضع شروطا لادخال المساعدات الأممية الى المخيم، وذلك بأن تدخل القافلات حاملة اعلام النظام وشعارات المليشيات الطائفية المساندة له، بيد ان النازحين المتواجدين داخل المخيم رفضوا ذلك.
وقال ان المليشيات الشيعية والنظام يضعون الحواجز العسكرية على الطرق المؤدية الى المخيم، ويتقاضون من خلالها مبالغ طائلة من التجار، الذين يزودون المخيم بالمواد الغذائية الشحيحية، ما يرفع اسعارها بشكل خيالي لا يقدر عليه اغلب نازحي المخيم.
وكان مخيم الركبان يتم تزويده منذ وجوده قبل اكثر من 3 سنوات، بالمساعدات الاممية عن طريق الاردن لاسباب انسانية، بيد ان تعرض موقع عسكري اردني متقدم كان يقوم على خدمة هؤلاء النازحين لتفجير ارهابي انتحاري من قبل ارهابيي تنظيم "داعش" قبل عام تقريبا دفع الاردن الى اغلاق الحدود، فيما تبدل الوضع الميداني في الاراضي السورية، بعد سيطرة الجيش السوري على الطرق المؤدية الى المخيم دفع بالاردن الى المطالبة بأيصال المساعدات من خلال دمشق.
وهو ما عبر عنه وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي اكد خلال لقاء بسفراء الاتحاد الأوروبي في مبنى وزارة الخارجية مؤخرا إن الأردن قدم للاجئين أكثر مما قدم غيره، وإن قاطني الركبان هم مواطنون سوريون على أرض سورية ما يجعل التعامل مع المخيم مسؤولية سورية دولية، وليس مسؤولية أردنية، وقضية تستوجب حلا في سياق سوري وليس أردنيا.
وقال الصفدي إن الموقف الأردني الثابت هو أن الأردن لن يسمح بدخول لاجئين من مخيم الركبان إلى المملكة، ولن يقبل بأي آلية للتعامل معه قد تجعل من معالجة الأوضاع فيه مسؤولية أردنية في المستقبل.
وشدد على أن تقديم المساعدات لنازحي الركبان يجب أن يكون عبر الأراضي السورية، وبما يؤكد أنه قضية سورية، خصوصا أن الظروف الميدانية الآن تسمح بإيصال المساعدات لمخيم الركبان من داخل سورية، وعبر آليات تقديم المساعدات الإنسانية المتبعة فيها.
وأضاف الصفدي إن الحكومة مستعدة للتعاون مع شركائها في الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي لبلورة طرح لإيصال المساعدات الإنسانية لنازحي مخيم الركبان، شرط أن يكون ذلك خطوة محدودة لمعالجة احتياجات إنسانية ضاغطة، وأن تأتي تلك الخطوة في إطار تحرك أوسع لوضع خطة واضحة لمعالجة احتياجات المخيم من داخل سورية.
وشدد على أن المملكة لن تقبل أي معالجة تمأسس لإيجاد حالة تجعل من مخيم الركبان مشكلة أردنية، أو تكرس الاعتماد على الأردن طريقا لإيصال المساعدات.
الغد