د. سلطان الخضور
لست نادما على فراقك, ولا على فراق أي من أخوتك، فكل أخوتك الخمسين على الأقل الأكبر منك سنا، ما كانوا أكثر منك جمالا، ولا أكثر منك عطاء, ولا أكثر لطفا في التعامل مع الناس.
لم تسهم في رفع الظلم عن شعب مقهور , فقد بقي المعذبون في الأرض يذوقون من العذاب الوانا ,ولم تسهم في توفير الطعام لأفواه الملايين من الجوعى من فقراء العالم , بل على العكس ، زاد الجوع شدة ، وزاد عدد الجوعى .وكذلك زاد الظلم قسوة، والقهر عنادا والعذاب استهتارا , وزاد عدد المعذبين في الأرض , وزادت الأفواه المحلقة في السماء ، تنتظر لقيمات تكفيها شرور الموت جوعا. بل أسهمت في جفاف الحلوق ، حلوق الأفراد والجماعات ,جفت حلوق المظلومين عطشا للماء وعطشا لرؤية أنفسهم أحرارا، يعبرون عن أنفسهم بحرية دون حساب أو عذاب
اسمح لي أن أعبر عن خيبة أملي بك ,أتذكر حين التقيتك ،قبل عام وتصافحنا, فوعدتني آنئذ أن لا ترحل إلا وقد أخذت معك على الأقل شيئا من ظلم الكبار, لتستبدله بشيء من العدل والإنصاف . ألم نتفق على بداية جديدة أحسن من سابقاتها , وصدقتك لأني ظننت أن الزمان لا يخلف وعدا, ولا يخذل فردا, لكنك للأسف لم تفي بما وعد.
ها نحن على طاولة العشاء الأخير, وها أنا أسمع ما تقول , وتتوالى جمل الاعتذار تخرج من فيك على استحياء. فإذا كان عود الظلم أقوى من عودك, وإذا كنت أعجز من أن تمسح الدمع عن خدود أطفالنا في فلسطين والعراق والشام واليمن والصومال ،فلم الوعد أيها الوغد؟
سأعلن على الملأ أنك تخبرني أن أخاك الأصغر الذي سيطل برأسه بعد أيام ، يحمل بشائر خير للعالم , لن أصدقك ، واحكم عليك من تجربتي المريرة مع اخوتك الاكبر منك سنا ، مع أني لا أريد أن أبث روح التشاؤم في فضاءات أمتنا ، لكني سأهمس بأذنك وأصارحك بدواخلي بكل صراحة ووضوح , والكلام بيني وبينك ،وبناء على تجاربي منذ تفتحت عيناي على الدنيا ، فأقول لم أعد أثق بما توعد به السنون ,طالما أنها دمية بيد أولئك الذين تعاهدوا على قهر الشعوب , واللعب بدماء الأبرياء، لكن الله على كل شيء قدير.
2017 لست نادما على فراقك.