زاد الاردن الاخباري -
قال رئيس الوزراء، الدكتور هاني الملقي، إن حكومته لم تبحث عن الشعبوية الآنية على حساب الوطن ومستقبل أبنائه "ولو أرادات ذلك لما تصدت للتحديات والمعضلات الاقتصادية التي تواجه الأردن".
وأضاف رئيس الوزراء، في مقابلة مع التلفزيون الأردني اجراها مدير الاخبار الزميل انس المجالي وبثت مساء اليوم الثلاثاء، إن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية جاءت لحماية الوطن والمواطنين، مؤكدا أنه لولا هذه الاجراءات لوصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الاجمالي إلى 100 بالمائة وهي مرحلة الإفلاس.
وقال: "نحن ندرك ونقدر أن المواطن تحمل صعوبات اقتصادية، وعلينا جميعا أن نتحمل معا لأن الذي نحميه ليس حكومات، وإنما الذي نحميه هو وطن، فالحكومات تأتي وتذهب ويبقى الوطن"، معربا عن ثقته بقدرة الوطن وأبنائه على الخروج من هذه المرحلة الصعبة.
وأكد "أننا نجحنا في العام الماضي بدليل الأرقام التي تم تحقيقها"، وقال: " ليحاججني أي اقتصادي بالأرقام ويقارن هذه الأرقام بأرقام السنوات الماضية".
وأشار إلى أن الاقتصاد الأردني كان ينمو لغاية 2008 بنحو 7 بالمائة، وكان يُنظر لنا كنموذج للنمو، ولكن بدلا أن نصلح اقتصادنا في تلك السنوات، كنا نشعر بأن الأزمة الاقتصادية العالمية لن تصيبنا واستمرينا بالانفاق الزائد والانفاق الرأسمالي الكبير على البنية التحتية في غير وقتها، وكان يجب انفاق هذا المال في الأماكن التي تحقق نموا، وليس في الأماكن التي تحقق شعبية، في فترة من الفترات، وكان ذلك تخطيطا غير سليم، مما ساهم في زيادة عجز الموازنة سنة بعد سنة.
ولفت إلى أن نسبة الدين في نهاية العام 2010 للناتج المحلي الإجمالي كانت 65 بالمائة واستلمنا هذه الحكومة وكانت نسبة الدين للناتج المحلي 9ر94 بالمائة أي كان يزيد الدين بواقع 8ر4 بالمائة سنويا، ولو وصلنا إلى نسبة الدين 100 بالمائة لوصلنا إلى مرحلة الافلاس.
وأكد الملقي أنه كان لا بد من اتخاذ إجراءات حاسمة؛ حيث عملنا على تخفيض الموازنة، خاصة في النفقات الجارية، ولكن وصلنا إلى حد لا يمكن تنزيل أكثر، سيما وأن نحو 64 بالمائة من النفقات الجارية هي رواتب وتقاعد وعملت الحكومة ابتداء بنفسها؛ حيث تم منع شراء الأثاث والسفر والتقليل من المصاريف الجارية ومصاريف الوزارات، ونعلم أنه لا زال هناك جزء يمكن تنزيله، ولكنه يحتاج إلى وقت.
كما أكد أن هذه الحكومة استطاعت إيقاف نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند الحد الذي استلمته ومعنى ذلك أنها استطاعت إيقاف النزيف الذي كان بازدياد مستمر، وهذا يعني أن القرارات صحيحة.
وردا على سؤال، قال الملقي: "نحن نستقطب استثمارات، ولكن ليس بالزخم المطلوب لأن الدول تتنافس في استقطاب الاستثمارات".
وردا على سؤال حول الطبقة الوسطى، قال: "إن مفهوم حماية الطبقتين الفقيرة والوسطى أن نضمن لهما مستقبلا أفضل، مؤكدا أن الحكومة عندما تقدم دعما مباشرا وصل الى 196 مليون دينار بشكل مباشر حصل عليه 3ر5 مليون مواطن، إضافة إلى دعم بقيمة 750 مليون دينار لدعم الغاز والجامعات والتنمية الإجتماعية، فهي تقوم بدورها الاجتماعي في حماية الطبقة الفقيرة ونحن ننظر للناس وندرك ونقدر احتياجاتهم".
وأشار إلى أن غالبية الحكومات لم تستطع إيصال رسالة إعلامية واضحة للمواطن بشأن إجراءاتها وقراراتها.
وقال الملقي إن ما قامت به الحكومة من إجراءات اقتصادية أعادت الأمور إلى نصابها من خلال التراجع عن إعفاءات متتالية اتخذت سابقا لأغراض شعبوية، وساهمت في تعزيز ثقافة الإستهلاك، وأدت إلى تداخل الطبقات في الاستهلاك، مما زاد من ديون المواطنين، في ظل غياب برامج تتحدث عن التوفير وتقنين الإستهلاك، لافتا إلى مظاهر الاستهلاك المتمثلة بشراء الأسرة القاطنة في شقة واحدة لأكثر من سيارة، والبورصات الوهمية، والبيع الآجل.
وأوضح أن انفاق حكومات سابقة بأكثر من إمكاناتها، وإنفاق المواطن بقدر إمكاناته الجديدة بعد الإعفاءات سبب هذه المعضلة التي تصدت الحكومة الحالية إلى إصلاحها كضرورة ملحة لئلا ننتقل –لا سمح الله- إلى مشكلة أكبر واجهتها دول أخرى، مؤكدا في هذا الصدد الحرص على إجراءات تضمن منعة الوطن فيما يتعلق بالسياسة النقدية، قائلا:" إنه لا خوف على الدينار وإننا اليوم أقوى ما نكون في السياسة المالية بشهادة الجهات الدولية".
وأضاف: "سنخرج من عنق الزجاجة، منتصف عام 2019، داعياً إلى محاسبة الحكومة نهاية العام الحالي، إذا فشلت فيما التزمت به، مبينا حرصه على التعامل بكل شفافية والعمل مع الجميع للخروج من الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، لنرى بعد ذلك نموا في الطبقة الوسطى وتقليصا للطبقة الفقيرة.
وتابع:"هذا العام يجب أن يكون عاما لتحفيز الاقتصاد في ظل أمن واستقرار عملت حكومات سابقة على حمايته، لافتا إلى أن الأسبوع القادم سيشهد بدء عودة الشاحنات إلى العراق، موضحا أن الأمور سوف تتحسن، ولكننا بحاجة إلى صبر؛ حيث لا يمكن حل ما حدث في عشر سنوات في سنة واحدة".
وأشار إلى أن الحكومة ستتعامل مع التهرب الضريبي من خلال إجراءات تنقل التهرب من "جنحة" إلى "جريمة" وفق قانون عصري لضريبة الدخل تعمل عليه الحكومة حاليا بالتزامن مع محاربة الفساد، مبينا أن حكومته هي الوحيدة التي تعاملت مع تقارير ديوان المحاسبة منذ عام 2010 وحتى عام 2015 وحولتها إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
التردد الثابت في المنظور القريب، لكن ربما تظهر النتائج بعد سنوات.
وأضاف أن الكلام عن أن هدف الحكومة جمع المال في خطوة الرفع الذي جرى على سيارات الهايبرد، لا مكان لصحته، مؤكدا أن اتخاذ هذه الخطوة جاء لتخفيف عدد السيارات، ضمن آلية تدريجية تراكمية ستوصلنا بعد عشر سنوات إلى نظام نقل متطور.
وأشار إلى أنه لم يكن لدينا في الأردن قبل العام 2005 نظام نقل متطور، مثلما لم يكن لدينا عدد السيارات الموجودة حاليا، معتبرا أن تزايد السيارات هو بسبب الثقافة الاستهلاكية والتي تسببت في أزمة النقل.
وأكد الملقي أهمية تفعيل دور وزارة الشباب في الفترة المقبلة بشكل كبير، لعمل لقاءات مكثفة مع الشباب لا سيما وأنهم هم من يجنون نتائج ما نزرعه اليوم.
وعن البطالة في صفوف الشباب، قال إن ارتفاعها لنسبة 18 بالمئة شيء يؤرق الحكومة، معتبرا أن الحكومة الحالية هي الوحيدة التي أتت بالأرقام الصحيحة، وأن البطالة أصبحت المشكلة الكبرى الموجودة لدينا اليوم.
وتساءل الملقي: كيف لدينا 18 بالمئة نسبة بطالة ونتحدث عن 250 الف وظيفة، وفي الوقت ذاته لدينا مليوناً وثلاثمائة ألف وافد، ما يعني اننا بحاجة إلى ثقافة شبابية في هذا الصدد وهو ما سيكون من دور ومهمات وزارة الشباب.
ولفت إلى أن الحكومة اعتمدت التشغيل بدل التوظيف، لا سيما وان الحكومة لم تعد قادرة على التعيين، مشيرا إلى أن جميع المؤسسات المستقلة رابحة ما عدا قطاع الكهرباء والمياه، مضيفا إذا ألغيت المؤسسات المستقلة هل يكون مقبولا أن نسرّح الموظفين، وفي هذه الحال سيأتي خيار نقلهم إلى الوزارات وهل هذا يحل المسألة.
وقال إن إلغاء ودمج المؤسسات لا بد وأن يكون ضمن آلية متدرجة وليس بين ليلة وضحاها، ويجب أن يعرف الناس أن هناك شيئا تكتيكيا سريع النتائج وآخر طويل الأمد.
وأكد أنه يخضع للمحاسبة من المواطنين ومن مجلسي النواب والأعيان وفوق كل ذلك من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني، وفي نهاية العام إن لم تكن الأرقام أفضل، ولا أقول "قمرة وربيع" ولا تسير بالاتجاه الصحيح عندها يحق للجميع أن يرفض وجودي في موقع رئيس الوزراء.
وفي رده على سؤال، قال الدكتور الملقي إن الدول العربية بدأت تتحدث، وفي الخليج بشكل خاص، عن مشاريع استثمارية بدل المساعدات النقدية وهذا جيد، مؤكدا أن علاقة الأردن مع الدول العربية، وخاصة الاشقاء في الخليج استراتيجية أخوية قومية وسندافع عن أي حق عربي مهما كان.
واوضح أن الأردن لا يبني علاقاته مع أشقائه العرب على المنفعة المادية وإنما على المنفعة الوطنية، ومنفعة الأمة، وهم إخواننا ونحن نعلم أن لديهم هم أيضا ظروفهم، وهم لم يبخلوا علينا في السابق، وإن شاء الله لن يبخلوا علينا في المستقبل.
وحول ما تعرضت له المناطق الحدودية من وصول شظايا نتيجة مواجهة اسرائيلية سورية، قال الدكتور الملقي إن حدودنا متلاصقة مع سوريا وإسرائيل ولازال هنا تواجداً لبقايا عصابة داعش الارهابية في بعض الأماكن، مؤكدا على الجهد الكبير الذي تقوم به القوات المسلحة الاردنية-الجيش العربي، في حماية حدودنا من أي مخاطر.
واضاف إذا ما تماسكنا واستمرينا في الدعم المالي لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية فسنكون في أمان، ولكن إذا ضخمنا أي أمر صغير فعندها سنفقد ثقتنا بأنفسنا، وهذا ما يريده الأعداء، ونحن واثقون من أنفسنا.
وحول الحالة المرضية التي يواجهها الدكتور الملقي، أعرب رئيس الوزراء عن الشكر للأردنيين الذين اطمانوا عن صحته، وقال "طلبت من وزير الدولة لشؤون الاعلام، وبكل شفافية، أن يتحدث بالأمر كاملا عندما ذهبت إلى المدينة الطبية وأجريت فحوصات فيها، وتبين بحسب تقارير المدينة الطبية، أن هناك كتلة في اللوزة الشمال، وهي بحاجة إلى استئصال عن طريق جراحة بالريبوت هي غير متوفرة في الأردن.
وذهبت هناك ليس لتخرج إبني فابني متخرج من سنة ونصف من جامعة القاهرة، وهو اختصاصي يعمل في الولايات المتحدة ولم أذهب لذلك بل ذهبت لأخذ النصيحة الطبية، ولما ذهبت إلى الولايات المتحدة أخبروني "أن حجمها صغير وليست بحاجة إلى تدخل جراحي وإنما بحاجة إلى تدخل إشعاعي، ولديكم في الأردن خبرات متخصصة، ذات كفاء عالية وعالمية، وعدت بعد ستة أيام لأني لم أجر الجراحة، والآن أراجع في المستشفى ولدي جلسات أشعة لمدة خمسة أسابيع، وساكون خلالها في دوامي، لأنه لا يوجد مشكلة، وادعو الله أن يشفيني، وأشكر كل المواطنين الذين سألوا عني وأنا قادر على القيام بعملي على أكمل وجه".
بترا