منذ تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على أساس نظرية\"ولاية الفقيه\" المثيرة للجدل و الاختلاف، فقد دأب القادة و المسؤولون الإيرانيون على التأکيد من إن جمهوريتهم تقدم الدعم و المساندة غير المشروطة للبلدان التي تواجه\"الاستکبار العالمي و الصهيونية\"، وإنها تعتبر ذلك بمثابة الواجب الشرعي لها، وهذا الکلام ردده أيضا عدد کبير من الاقلام و وسائل الاعلام العربية و الاسلامية المنبهرة و المأخوذة ببريقه، ومع إن هذا النظام لم يقدم أي شئ من تلقاء نفسه لأي جهة أو طرف إلا وقد کان له أکثر من مأرب و غاية من ورائه، لکن ظل المنبهرون و المنساقون وراء هذا النظام وبشکل خاص الاحزاب و الجماعات التابعة لها في بلدان المنطقة، يؤکدون على\"براءة\"و\"نظافة\"الدعم المقدم من جانب هذا النظام وإنه عمل لايبتغي سوى رضا الله و نصرة الاسلام و المسلمين.
الاحداث و التطورات التي أعقبت الاحتلال الامريکي للعراق و کذلك تلك التي أعقبت ثورة الشعب السوري ضد نظام الدکتاتور بشار الاسد، حيث أدى ذلك الى إستشراء النفوذ الايراني و بصورة إستثنائية و غير مسبوقة في هذين البلدين و بعدهما في اليمن، الى جانب لبنان الذي يعتبر أول ضحية للنفوذ الايراني المباشر في المنطقة، هذا النفوذ و إستمراره و تطويره وماقد نجم و تداعى عنه وخصوصا من حيث جعل هذه البلدان بمثابة قواعد للإنطلاق ضد بلدان أخرى بل و ضد العالم، کشف النقاب بشکل واضح عن النوايا المريبة و غير السليمة للنفوذ الايراني ليس فقط ضد البلدان التي تتواجد فيها وانما ضد بلدان العالمين العربي و الاسلامي برمتها.
مع إن الدور الذي إضطلع به النظام الايراني الى جانب الممارسات و النشاطات التي قام بها في العراق و سوريا و اليمن و لبنان، قد أماطت اللثام عن المعدن الردئ للدعم المشبوه المقدم من طهران للأحزاب و الميليشيات و الجماعات المسلحة التابعة لها في المنطقة، لکن ظل القادة و المسؤولون الايرانيون يرددون تصريحات\"نشاز\" مخدشة و مزعجة للأسماع بشأن\"نظافة و مبدأية\"ذلك الدعم، غير إن ماقد جاء في التصريحات الاخيرة ليحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد الاعلى الايراني بشأن المطالبة بعقد صفقات سياسية و إقتصادية مع النظام السوري بهدف إسترجاع النفقات و التکاليف التي تکبدتها إيران في سوريا منذ عام 2011، قد بدد الشك باليقين و أظهر هذا النظام على حقيقته من دون أي رتوش أو مساحيق دأب على الدوام إستخدامها للتمويه على الانظار و الاسماع و حتى العقول.
المثير في هذه المطالب التي قدمها صفوي بصراحة ليس عليها أي لبس، هي إنها تکشف ولأول مرة عن إعتراف رسمي من جانب مسؤول رفيع المستوى من دائرة المرشد الاعلى بشأن الخسائر الفادحة التي تکبدها النظام الايراني في سوريا و التي أثقلت کاهله و أثرت بصورة بالغة السلبية على مختلف أوضاعه، الملفت للنظر، إن کل تلك الخسائر الفادحة التي تکبدتها طهران کانت لسببين رئيسيين، أولهما المحافظة على نظام الاسد بإعتباره حليفا أساسيا لها في المنطقة و ثانيهما لتخوف اطهران من إن سقوط نظام الاسد من شأنه أن يمهد لسقوط النظام في إيران، ولکن هل ستتمکن طهران أن تجني ماقد جنته موسکو کثمن لتدخلاتها في سوريا