خلال الايام الاخيرة، صدرت عدة تصريحات من جانب مسؤولين إيرانيين بشأن العراق، کان أبرزها و أخطرها تلك التي جاءت من جانب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، من ان ايران ستقاتل الامريكان بشباب واموال العراق في خدمة مشروع الامام خميني. الى جانب تصريح المستشار السياسي للمرشد الاعلى الايراني، علي أکبر ولايتي الذي الى جانب تهديده للولايات المتحدة الامريکية بالعراقيين فإنه قال أيضا إن طهران لن تسمح لليبراليين والمدنيين أو أي أحد غير مفصل على المقاس الإيراني أن يعود إلى السلطة. وعلى عکس المرات السابقة فإن هذه التصريحات ولاسيما الاخيرة لولايتي، قد کانت لها ردود فعل عنيفة من جانب العراقيين ولم تمر مرور الکرام.
هذه التصريحات التي ليست لها سوى تفسير واحد وهو قوة زخم النفوذ الايراني في العراق و تعامل القادة و المسؤولين الايرانيين مع العراق بصورة البلد الخاضع و التابع لهم، تزامنت معها أيضا سلسلة من التصريحات الصادرة من جانب شخصيات سياسية عراقية شيعية تميل لإيران تعلن مواقف مؤيدة لإيران الى الحد الذي تعلن فيه من إنها ستتعرض للقوات الامريکية في العراق و غيرها من التصريحات التي أثارت مشاعر الغضب الممزوج بالسخرية من جانب الشارع العراقي، ولکن يبقى السؤال الذي لابد منه هو: ماهو السبب و السر الکامن وراء هذه التصريحات؟ وهل جاءت کلها بالصدفة أم مقصودة؟
مخطئ من يظن بأن الاوضاع في إيران هي على سابق عهدها، ولاسيما بعد الانتفاضة الايرانية الاخيرة التي أثرت کثيرا على المشهد السياسي القائم في إيران، فقد أکدت الانتفاضة حقيقة الرفض الشعبي ضد النظام القائم و المطالبة بتغييره بعد أن وصلت الاوضاع الى حد لايطاق، وعندما نجد تصريحات غير مسبوقة کتلك التي يعتذر فيها المرشد الاعلى من الشعب عن الاخطاء التي حدثت و کذلك مطالبة الرئيس روحاني بإجراء إستفتاء لإيجاد حل للأزمة التي تعصف بالنظام الايراني من جراء الصراع القائم بين الجناحين المضادين و الذي ليس قد أوصل إيران الى طريق مسدود وانما النظام برمته صار في مأزق لايحسد عليه، هذا الى جانب ماقد طلبه الرئيس السابق أحمدي نجاد من المرشد الاعلى بإجراء إنتخابات مبکرة و تقديم إنتخابات الرئاسة من أجل الخروج من الازمة الحالية التي تعصف بالنظام.
هناك اسلوب يشتهر به النظام في إيران، وهو عندما تشتد الازمة في الداخل فيتم السعي للفت الانظار الى الخارج وإن الترکيز على العراق(بإعتباره الحلقة الاضعف في الدول الخاضعة للنفوذ الايراني)، له مايبرره فمن جانب يهدف الى لفت أنظار الايرانيين الى قوة دور و نفوذ النظام إقليميا، والى إنه لو حدثت مواجهة مع أمريکا فإنها ستحدث في العراق و على يد العراقيين أنفسهم من جانب آخر، بما يعني إن النظام لايريد أن يفرط بالدم الايراني في أية مواجهة مع أمريکا کمناورة من أجل کسب ود الشعب رغم إن الحقيقة خلاف ذلك تماما، أما التبرير الآخر لهکذا تصريحات و مواقف فهو من أجل ممارسة نوع من الضغط على أمريکا و تهديدها بالنفوذ الايراني في العراق و الذي تسعى واشنطن لتقليصه.