زاد الاردن الاخباري -
امّا وقد إخترتَ أن تبقى، وأن تحشر نفسك معنا، وتمارس علينا دور "الولي" مرة أخرى، فأظن أن عليك أن تحتمل ما قد يأتيك منّا من إزعاجٍ سببه شعورنا بالضيق والألم، أتدري، أشعر كأنني مضطر أن أسافر في رحلة مع أشخاص لا أرغب بوجودهم!
لن انسى تلك اللحظة، من عصر يوم الإثنين22-11-2010، حين ذرفت عيناي -رغما عني- دمعة واحدة ساخنة، كانت تتجمع بحسرة وهم ينقلون لي خبر أنك ستعود، بالطبع كان هذا متوقعاً ولم يكن سبباً كافياً -بالنسبة للناس- لذرف الدموع، فالناس تبكي في لحظات الموت والحزن الشديد فقط، في حين أن عيني "احرنت" يوم وفاة والدي، رحمه الله، ورفضت – وقتها- الإمتثال لمشاعري، ولكنها تمردت يوم رفعتم سعر كيلو الخبز من "سبعة قروش ونصف" إلى "نصف دينار" عام 1996، وكان من الطبيعي أن تعود عصر "يومك المشهود" للتمرد، لا تهتم سيدي، دموعي ليست مهمة، إنها مجرد ردة فعل طبيعية للعين، فإذا رأت العين –مثلا- ان الشمس تشرق من المغرب، فلا شك ان "التشويش" سيتسبب بأكثر من مجرد دمعة ساخنة.
ماذا كان عليّ أن أفعل؟ هل كان عليّ أن أطلق بعض العيارات النارية ابتهاجاً بعودتك؟!؟ أنت تعلم ان ذلك ممنوع، ولكن يكفيك أنني أشعلت "سيجارة" بعد ستة أشهر من التوقف عن التدخين، إذا كان هذا الخبر يفرحك..! فهذا سيؤدي إلى هلاكي في القريب العاجل، والذي يُعدّ أيضاً إنجازا كبيرا في التخلص من كل "المتضايقين" و"المتألمين".
حسناً، إذن ستبقى، على كل حال نحن لا نتوقع منك الكثير، وأنت لن تقدم الكثير، كما أنني أظن أنه ليس لديك "أصلا" القليل لتقدمه، فالمسألة لم تكن يوماً كم تملك من المؤهلات، القصة تدور كلها حول ما يمكنك فعله بهذه المؤهلات، وليتك لا تصدق أن الخطب والإنشاء يمكنها أن تُغير شيئا في هذا الشعب الفقير، فما عاد شيء من ذلك يؤثر فينا، حتى لو استخدمت عتاولة الكتّاب وعباقرة الناطقين الإعلاميين، وأساتذة الخطب والإنشاء، وما علينا "الآن" سوى ان نتعايش مع فكرة انكم لا تفعلون شيئا، وأن نجد وسيلة لكي "نتكيف" مع المزيد من الضرائب ورفع الأسعار، ولربما نجد طريقة أيضا لنتعايش مع فكرة وجودك بيننا، فوقنا، تحتنا، لست أدري..!
لا تقلق بالنسبة لمشاعرنا يوم توقعنا رحيلك وما أصبنا به من خيبة امل بعودتك، فتلك مقدور عليها، فهي تشبه مشاعر ومعاناة رجل بذل ماله وعمره لكي تأتيه زوجته بشبح غلام وانتظر، ثم تبين أن كل ما لدى زوجته مجرد "حمل كاذب"، أو مشاعر ذاك الذي يقف "برغبته" في طابور "إنتظار غودو"، أو آمال موظف يحلم بشكل دائم أن يرى بأم عينه قرارا يقضي بزيادة الرواتب وإنخفاض الضرائب والأسعار، أيّ واحدة من تلك المفارقات التي لم تحدث من قبل، أظن أن علينا ان نكون مؤمنين فقط، ونحتسب.
ما بالكم أيها الشعب؟ لقد مررتم بالكثير من المآسي من قبل، وتجاوزتموها بقلوب مؤمنة صابرة، هذه ليست آخر الأحزان، علينا أن نبقى مرابضين ندفع احلامنا، ولو بصمت، وببطىء شديد، حتى تتحقق يوما بإذن الله.
هل خاطبتك يوماً وقلت لك أنك صديقي الذي لم أقابله، اسمح لي أن أسحب هذا الإدعاء، واسمح لي أيضاً -لأول مرة- أن يكون مقالي عاطفياً، ليبدو مثل خطابات الإستقالة وقبول التكليف لديكم، خطب وإنشاء؛ "تعادل".
عاش الملك..من صميم قلبي.
وإنا لله وإنا إليه راجعون في الحكومة.