إن البحث عن مسارات تطور المشروع الأميركي- الصهيوني الذي يستهدف تقسيم المنطقة العربية، يقودنا إلى حقيقة التحالف بين التلمودية اليهودية والمسيحية المتصهينة، وقبل الحديث عن مسارات هذا الحلف سأعطي لمحة بسيطة عن ما هو المقصود «بالمسيحية المتصهينة»، أولاً وللتأكيد، فليس هناك رابط يربط مسيحيي المشرق العربي بهذا المصطلح لا من قريب ولا من بعيد، كما لا يمكن تعميم مفهوم هذا المصطلح على كل مسيحيي الغرب، فالكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية عارضت بشكل صريح أن ترتبط الصهيونية على أساس العقيدة بالدين المسيحي. ولتوضيح هذا المفهوم أكثر فعندما نقول مسيحياً متصهيناً، فإننا نقصد جزء من مسيحيي الغرب وأميركا الشمالية وتحديداً البروتستانت منهم، وهذه العقيدة الجديدة قائمة بالأساس على مفهوم غيبي عقائدي، وهي شراكة عقائدية بين جزء من البروتستانت المسيحيين والصهيونية التلمودية اليهودية، وتتلخص أهدافها بسيطرة هذا التحالف على كل أركان ومفاصل دفة القيادة لهذا العالم، وبوجوب أن تكون بلاد المشرق العربي خاضعة لليهود، وبالأخص فلسطين، وإن المسلمين هم العدو الأول «للمسيحيية المتصهينة»، ولهذا تجب محاربتهم.
لقد استطاع المسيحيون المتصهينون، من خلال تحالفهم مع العقيدة التلمودية لليهود، منذ قرون طويلة من الزمن، تجميع قائمة عريضة من نخب المسيحيين البروتستانت تحديداً، ونجحوا بتشكيل لوبي عالمي تمدد بشكل واسع بكل أنحاء العالم بدأ من بريطانيا وأميركا الشمالية، وتديره من خلف الكواليس عقائد غيبية تلمودية، فقد استطاع المسيحيون المتصهينون السيطرة على قطاعات مالية واقتصادية وإعلامية وسياسية بمناطق كثيرة من العالم، وبدأوا يسيرون هذه القطاعات بحسب معتقداتهم التلمودية، فهناك على سبيل المثال لا الحصر بأميركا الشمالية وحدها أكثر من 86 منظمة مسيحية متصهينة تستهدف العرب والمسلمين بالغرب والشرق إعلامياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً، كما أن هناك في أميركا الشمالية كذلك أكثر من 3689 وسيلة إعلامية أميركية شمالية تحكمها أو تديرها أو تملكها الجماعات المسيحية المتصهينة، وهي تحرض بشكل مستمر على المسلمين بشكل مباشر أو غير مباشر.
لقد كان للمسيحية المتصهينة بأميركا دور كبير برسم معالم مشاريع التفتيت والتقسيم التي تستهدف الجغرافيا والديمغرافيا العربية، وكان هناك دور كبير للتحالف المسيحي المتصهين والتلمودية اليهودية بكل المحافل الدولية التي تستهدف المنطقة العربية ومنذ عقود مضت على الأقل، والتي كانت تستهدف تمزيق الجغرافيا والديمغرافيا العربية، فقد كان للمسيحية المتصهينة دور كبير برسم معالم مشروع سايكس ـ بيكو، كما أنهم هم من وضعوا أسس ومعالم وعد بلفور، مروراً بكل المشاريع الهدامة التي استهدفت العرب منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم.
بالمحصلة، استطاع المسيحيون المتصهينون بالشراكة مع التلموديين اليهود الوصول إلى بعض أهدافهم التي رسموا وخططوا لها من خلال بروتوكولات حكماء بني صهيون، واليوم هم من يملكون مقاليد تسيير الأمور في العالم ككل، وهم اليوم من يقودون دفة قيادة العالم، وهم اليوم من يحرضون على العرب أينما وجدوا، فهناك اليوم في أميركا الشمالية رجال دين من المسيحيين المتصهينين يدعون إلى مثل هذه الأفعال ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، بيللي غراهام، جيري فولويل، جون هاغي، وغاري باور، بات روبرتسون، وغيرهم. فهؤلاء يعرف عنهم عداؤهم المطلق للعرب وللمسلمين لا سيما الفلسطينيين منهم، ولهم دعوات عنصرية كثيرة في هذا الإطار.
ختاماً ،إن الحديث عن الروابط التاريخية والتحالف بين المسيحيين المتصهينين واليهود التلموديين، وعلاقة هذه الروابط بجرائم تاريخية جرت بحق العرب والمسلمين سوف يوصلنا إلى خريطة وفسيفساء مركبة من جرائم ومجازر كبرى تمت بحق المسلمين والعرب أينما وجدوا، فهذا التحالف المتطرف هو من أوجد التطرف بهذا العالم، وهو من يحرك اليوم قوى التطرف بهذا العالم، وهذا التحالف هو أصل التطرف العالمي، وهناك قوى كثيرة من مسيحيي الغرب وخصوصاً رجال الدين بالكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، التي تقر وتعلم بخطورة التحالف بين المسيحيين المتصهينين واليهود التلموديين على العالم أجمع، وهناك أصوات كثيرة بالغرب بدأت ترتفع للتحذير من خطورة مشاريع هذا التحالف على العالم أجمع، وقد كان لهذا التحالف بين المسيحية المتصهينة واليهودية التلمودية، دور بارز مؤخر بتحريك فوضى ما يسمى بـ «الربيع العربي» الذي انطلق بمطلع عام 2011، والذي شهدت تفاصيله مرحلة خطرة من تاريخ ووجود الأمة العربية ككل.