زاد الاردن الاخباري -
على متن شاحنة صغيرة، تحاول هانيا إرضاع طفلتها في محاولة لثنيها عن البكاء المستمر، لدى خروجهما مع الآلاف من المدنيين المرهقين والجوعى من بلدة حمورية ومحيطها إثر تقدم الجيش السوري اليها.
وتقول هانيا حمص (30 عاما) وهي تجلس مع بقية أفراد أسرتها لدى وصولهم الى بلدة حوش الأشعري المحاذية لحمورية لوكالة فرانس برس، "عانينا الأمرين، لا طعام ولا دواء.. وأمضينا وقتاً طويلاً في القبو قبل أن نتمكن من الخروج. الحمدلله يسّر الله لنا الخروج".
وتضيف الشابة ذات البشرة البيضاء "لا حليب لدي.. لكنني أحاول أن ألهي طفلتي عن البكاء".
ويعاني سكان الغوطة الشرقية من حصار محكم منذ العام 2013 تسبب بنقص كبير في المواد الغذائية والطبية.
وبعد تقدم الجيش السوري الخميس داخل المنطقة حيث سيطر على بلدة حمورية، أبرز بلدات المنطقة، خرج نحو عشرين ألف مدني بينهم آلاف الاطفال الخميس من جنوب الغوطة الشرقية المحاصرة عبر ممر فتحه الجيش، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وتم نقلهم الى مراكز ايواء حكومية في ريف دمشق.
واضطر عدد كبير من المدنيين الى اجتياز مسافة طويلة سيراً على الأقدام وهم يحملون أطفالهم وحقائبهم وحاجياتهم، فيما خرج آخرون في سيارات وشاحنات صغيرة ودراجات نارية محملة بالاكياس المنفوخة والفرش والبطانيات.
وسط الجموع، تسمع أصوات أمهات ينادين أولادهن الذين يركضون ويلهون رغم ثقل الاكياس التي يحملونها خشية من ابتعادهم عنهن.
وتقول والدة هانيا التي جلست في المقعد الأمامي من الشاحنة الصغيرة "هل هذا هو المصير الذي يريدونه لنا؟"، في إشارة الى الفصائل المقاتلة التي كانت تسيطر على حمورية.
وتضيف بحسرة وهي تحبس دموعها، "بعد الخير الذي كنا فيه أصبحنا ننتظر لقمة الطعام، ها قد خرجنا من منازلنا وتركنا رزقنا ومزارعنا".
وتقول إنها غادرت على عجل الخميس من دون أن تعلم شيئاً عن مصير خمسة آخرين من أولادها. وتضيف بحزن "لا اعرف أين هم، لقد خرجنا وتركناهم في قبو آخر، لا أعرف عنهم شيئاً".
ولجأ الكثير من سكان الغوطة الشرقية الى الاحتماء داخل أقبية في ظل التصعيد العسكري الأخير.
على حافة الطريق، ينفث حسين صميد (40 عاماً) دخان سيجارته أثناء استراحة من عناء المشي الى جانب عدد من جيرانه.
وأمضى الرجل نحو شهر داخل قبو قبل ان يحسم قراره بالخروج لدى سماعه أنباء عن فتح معبر إنساني من حمورية.
ويروي حسين الذي تكسو التجاعيد وجهه الأسمر "كنا نحو 66 عائلة في القبو(..) جمعنا أنفسنا وقررنا أن نخرج مهما كلف الأمر".
ويضيف "كنا نرغب بالخروج منذ زمن... والان عندما فتحت الدولة الطريق خرجنا من حمورية".
عند المعبر، توقفت نحو عشرين حافلة خضراء اللون لتقل الخارجين من حمورية الى مراكز ايواء جهزتها الحكومة السورية لاستقبالهم.
وضاق الطريق بالعدد الكبير من المدنيين الذين خرجوا على مدى ساعات، وبينهم مريم (20 عاماً) التي وصلت ومعالم الإرهاق واضحة على وجهها.
وتقول لفرانس برس وهي بالكاد تلتقط أنفاسها، "خرجت عند السابعة صباحاً ومشيت لساعات وأنا أحمل ابني" الذي يبلغ بضعة أشهر.
ويبذل شاب أقصى جهده لدفع الكرسي المتنقل الذي تجلس عليه جدته سارة غيوم (80 عاماً).
وتروي السيدة المسنة لفرانس برس "لا أقوى على السير لمسافات طويلة، تعبنا كثيراً وارتحت الان"، في وقت تشير ابنتها عفاف (50 عاماً) الى ان 25 فرداً من العائلة خرجوا معاً.
وتضيف وهي تشير الى حقائب بجانبها، "حزمنا أمتعتنا، وعندما علمنا بامكانية الخروج غادرنا على عجل".
ويتصبب وليد (17 عاما) عرقاً وهو يجر عربة محملة بأكياس وحقائب حملتها عائلته. ويوضح "جلبت معي الاغراض التي تمكننا من حزمها ولم أنس بطاقتي الشخصية والوثائق الرسمية".
على بعد أمتار عدة، يتكىء اسماعيل (46 سنة)، بائع الفول في حمورية، على عصا معدنية بعد خروجه مع خمسة من أولاده.
ويقول والحزن يعتصر قلبه "خرجنا بأعجوبة بعدما عشنا الذل والقهر والجوع وأكلنا الشعير".
ويتابع "هربنا تاركين بيتنا وسيارتنا.. حتى (جثة) ابنتي تركتها تحت الردم. لم اتمكن من اخراجها".
ا ف ب