زاد الاردن الاخباري -
كشفت شبكة شبكة NBC الأميركية، في تحقيق الخميس 15 مارس/آذار 2018، عن معلومات مثيرة تتعلق بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وخفايا إدارته البلاد، وشؤون القصر وتأثيره على والده الملك سلمان بن عبد العزيز.
وقالت الشبكة الأميركية إن الأمير محمد بن سلمان يفرض الإقامة الجبرية على والدته منذ عامين، ويمنعها من زيارة والده الملك سلمان!
وعن تفسير ذلك، تقول الشبكة إنه "يمنعها من التأثير على الملك سلمان؛ بسبب قلقه آنذاك من معارضتها خططه لإحكام قبضته على السلطة، ومن احتمال استخدام تأثيرها عليه لمنع نجلها من تحقيق خططه، إضافة إلى احتمال أن يًحدث ذلك انقسامات داخل العائلة الملكية".
واستندت الشبكة الأميركية في التحقيق المثير لمعلومات من 14 مسؤولاً بالولايات المتحدة.
أين زوجة الملك؟
شبكة NBC الأميركية: ولي العهد السعودي يضع والدته تحت الإقامة الجبرية منذ عامين! لهذا السبب يخشى أن تقابل الملك.
وقال المسؤولون السابقون والحاليون إنَّ الأمير محمد، وهو حليف رئيسي لإدارة ترامب، اختلق تفسيراتٍ مختلفة حول مكان وجود والدته على مدى السنتين، مثل أنّها خارج البلاد تخضع للعلاج الطبي؛ حتى لا يعلم الملك سلمان أنَّ نجله كان وراء غيابها المتواصل، بحسب الشبكة الأميركية.
ويعتقد مسؤولون أميركيون، أُجريت معهم مقابلات من أجل هذا التقرير، استناداً إلى سنوات عدة من المعلومات الاستخباراتية، أنَّ ابن سلمان تصرَّف ضد والدته؛ لأنَّه كان قلقاً من أن تبدي معارضة لخططه التي قد تُقسِّم العائلة الملكية للسيطرة على السلطة، وربما تستخدم نفوذها على الملك لمنع الأمر. وقال المسؤولون إنَّ بن سلمان وضع والدته قيد الإقامة الجبرية، على الأقل لبعض الوقت، في أحد القصور بالسعودية دون علم الملك.
وفي يونيو/حزيران 2017 -حين كان الأمير لا يزال بسن 31 فقط- أزاح ابنَ عمه فجأةً؛ ليصبح ولياً لعهد المملكة الغنية بالنفط. وطبَّق بعض التغييرات الاقتصادية والاجتماعية في الأشهر التالية، لكنَّه أيضاً قام ببعض خطوات القوة السافِرة في الداخل وبالمنطقة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أشرف بن سلمان على اعتقال أكثر من 200 مسؤول ورجل أعمال سعودي، من بينهم أمراء بارزون وأعضاء منافسون له داخل الأسرة الملكية، فيما وصفته الحكومة بأنَّه حملة على الفساد، بحسب الشبكة الأميركية.
ترامب يدافع عنه
ودافع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن "المعاملة القاسية" من جانب الحكومة السعودية لأولئك الذين احتُجِزوا كجزءٍ من تلك الحملة. واحتضن ترامب وغاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره البارز بالبيت الأبيض، بن سلمان باعتباره شريكاً وثيقاً وفاعلاً حاسِماً في استراتيجية الإدارة تجاه الشرق الأوسط.
وأعلن البيت الأبيض، الإثنين 12 مارس/آذار 2018، أنَّ الرئيس سيلتقي ولي العهد في 20 مارس/آذار 2018، قائلاً إنَّ ترامب "يتطلع إلى التباحث حول سبل تقوية العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وتعزيز أمننا وأولوياتنا الاقتصادية المشتركة".
لكنَّ اللقاء، الذي يُمثِّل جزءاً من جولة بن سلمان التي ستشمل عدة ولايات بالولايات المتحدة، يأتي في الوقت الذي يشعر فيه بعض كبار المسؤولين الأميركيين بالقلق -على نحوٍ متزايد- من أساليبه العدوانية، التي قد تؤدي إلى مزيدٍ من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، كما تقول الشبكة الأميركية.
وقال المسؤولون السابقون والحاليون إنَّ تقييم الاستخبارات الأميركية لإجراءات بن سلمان ضد والدته، التي قال المسؤولون الأميركيون إنَّها أُخفيت منذ فترةٍ طويلة عن الملك والعامة، مثالٌ على استعداد بن سلمان لإزاحة أي عائقٍ مُحتَمَل لتعزيز موقعه باعتباره الملك القادم للسعودية.
وقال المسؤولون إنَّ تقييم الديناميات بين محمد بن سلمان ووالدته، التي لم تخرج تقارير عنها مسبقاً، تستند إلى مزيج من المعلومات الاستخباراتية المُستقاة من على الأرض، والمعلومات المُعتَرَضة، والمعلومات التي شاطرتها بلدان أخرى مع الولايات المتحدة، بحسب الشبكة الأميركية.
وقال المسؤولون إنَّ الحكم بأنَّ والدة ولي العهد، فهدة بنت فلاح آل حثلين، أُبقيت بعيدةً عن الملك سلمان دون علمه- خرج لأول مرة في أثناء حكم إدارة أوباما. ووفقاً للمسؤولين الحاليين، لم يتغير هذا التقييم منذ تولى ترامب المنصب.
ونفت السفارة السعودية في واشنطن أن تكون الأميرة خاضعة لأي شكل من الإقامة الجبرية أو العزل عن زوجها.
أين زوجة الملك سلمان؟!
قال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم؛ بسبب الطبيعة الحساسة للمعلومات، إنَّ الملك سلمان، البالغ 82 عاماً، أُبلِغ في بعض الأحيان، أنَّ زوجته الثالثة خارج البلاد لتلقي العلاج الطبي. وقالوا إنَّ الملك أخبر أناساً حوله بأنه يفتقدها، وعلى ما يبدو لا يعلم مكانها أو وضعيتها الحقيقية. وقال عدة مسؤولين أميركيين لشبكة "إن بي سي نيوز"، سابقاً، إنَّ تفاعلاتهم مع الملك سلمان تشير إلى أنَّه ليس متزناً على الدوام، بحسب الشبكة الأميركية.
وقال المسؤولون إنَّ الملك سلمان قال للرئيس الأميركي آنذاك، باراك أوباما، بإحدى المرات في أثناء لقاءٍ بالبيت الأبيض في سبتمبر/أيلول 2015 إنَّ زوجته بنيويورك لتلقي العلاج، وإنَّه يأمل زيارتها في أثناء وجوده بالولايات المتحدة. وقال المسؤولون إنَّ أوباما لم يُبلغ الملك أنَّ زوجته لم تكن موجودة في نيويورك، لكن نُظِر إلى تعليق الملك باعتباره دليلاً إضافياً على ما كان المسؤولون الأميركيون قد اكتشفوه بالفعل من المعلومات الاستخباراتية حول الأسرة الملكية.
ووفقاً للمسؤولين الحاليين والسابقين، التقط مسؤولون أميركيون في مطلع 2016، اتصالاتٍ كان يتحدث فيها بن سلمان حول جهوده لإبقاء والدته بعيدة عن والده دون علم الملك.
ورفض متحدثٌ باسم أوباما التعليق، متذرِّعاً بخصوصية المحادثات التي كان الرئيس السابق يجريها مع القادة الأجانب، بحسب الشبكة.
ورفضت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التعليق على أي معلوماتٍ بخصوص الأسرة الملكية السعودية. ورفض متحدثٌ باسم مدير الاستخبارات الوطنية أيضاً التعليق من أجل هذا التقرير.
وفي حين بدأت قاعدة قوة الأمير محمد في التوسع بالداخل قبل 7 سنوات، فإنَّ تحركاته الأكثر تهوراً تزامنت مع الدعم القوي والمبكر الذي تلقاه من إدارة ترامب.
فبعد أقل من شهرين على تنصيبه، استقبل ترامب الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض، وليس الأمير محمد بن نايف الذي كان آنذاك ولياً للعهد. وقضى بن سلمان، الذي بدأ محاولة تكوين علاقات وثيقة مع فريق ترامب على الفور بعد انتخابات الرئاسة الأميركية 2016، ساعاتٍ مع كوشنر في واشنطن والرياض.
ورفض متحدثٌ باسم كوشنر، الذي يشرف على جهود الإدارة للتوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني، التعليق من أجل هذا التقرير، وأحال الأسئلة إلى مجلس الأمن القومي، الذي رفض بدوره التعليق، للشبكة الأميركية.
"علَّقنا جميعنا آمالنا عليه"
وينظر مسؤولو ترامب إلى بن سلمان باعتباره الأمل الأفضل لرؤية تغييراتٍ اقتصادية واجتماعية في المملكة، التي تخضع لتقييدٍ شديد.
وقال مسؤولٌ كبير بالبيت الأبيض: "جميعنا علَّقنا آمالنا عليه".
ويُعَد ذلك تناقضاً صارخاً مع العلاقات الأميركية-السعودية في أثناء رئاسة أوباما؛ إذ تصادم البلدان آنذاك بشأن تواصل أوباما الدبلوماسي مع إيران، المنافِسة الإقليمية الرئيسية للسعودية.
الآن، تُعَد السعودية جزءاً لا يتجزأ من أهداف السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، خصوصاً حين يتعلَّق الأمر بإضعاف نفوذ إيران بالمنطقة والتوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني.
وفي مايو/أيار 2017، جعل ترامب السعودية أول بلد أجنبي يزوره كرئيس. وبعد شهر، حلَّ محمد بن سلمان، بصورةٍ غير متوقعة، محل الأمير محمد بن نايف كوليٍ للعهد. وكجزءٍ من انتقال السلطة، وُضِع بن نايف قيد الإقامة الجبرية، ولو أنَّ هذا القيد رُفِع لاحقاً.
وعُيِّن الأخ الأصغر للأمير، الأمير خالد بن سلمان، سفيراً جديداً للسعودية لدى الولايات المتحدة في يوليو/تموز 2018. وكلاهما من أم واحدة.
قال أندرو بوين، الباحث الزائر بمعهد إنتربرايز الأميركي والذي يُركِّز على السعودية ودول الخليج: "ينظر الرئيس ترامب وغاريد، بدرجةٍ كبيرة، إلى محمد بن سلمان باعتباره رجلهما في المنطقة"، بحسب الشبكة الأميركية.
ودعم ترامب الحصار الذي تقوده السعودية على قطر، بناءً على نصيحة بعض مستشاريه، ودعم سجن الحكومة مئات الأثرياء السعوديين المتهمين بالفساد. وكتب ترامب على حسابه بـ"تويتر"، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حين خضعت الاعتقالات لتمحيصٍ وتركيزٍ دوليَّين: "لدي ثقة كبيرة بالملك سلمان وولي العهد السعودي، إنَّهما يعرفان بالضبط ما يفعلانه. بعض هؤلاء الذين يعاملونهم بقسوة كانوا (يستنزفون) بلدهم سنوات!".
وقد أُطلِق سراح الكثير من السجناء في الأسابيع الأخيرة، بعد موافقتهم على تسوياتٍ مالية، لم يُفصَح عنها مع الحكومة.
عرض إجراء مقابلة مع قيود مُصاحِبة
لكنَّ بوين أضاف أنَّ دعم ترامب القوي لتحركات بن سلمان المبكرة قد يرتدُّ بنتائج عكسية بمرور الوقت؛ وذلك بسبب "عُزلة الأمير وتهوره".
وقال شخصٌ مُقرَّب من الأسرة الملكية، للشبكة الأميركية، إنَّ الأمير محمد ووالدته وقع بينهما خلاف قبل عدة سنوات؛ بسبب أنَّه كان قلقاً من أنَّها تحاول تمكين أشقائها. وقال هذا الشخص إنَّ بن سلمان كان يريد تجنُّب ديناميةٍ وقعت مع ملكٍ سعودي سابق، أصبح فيها أشقاء إحدى زوجاته نافذين وأثرياء للغاية، بحسب الشبكة الأميركية.
ونفت فاطمة باعشن، المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، بشدة، أن يكون ولي العهد قد أبقى والدته بعيدةً عن الملك دون معرفة الأخير.
وقالت باعشن في بيان: "الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق، وإن أردتم أن تسألوا صاحبة السمو الملكي الأميرةَ بنفسها، وهذا يتضمَّن سؤالها شخصياً، فإنَّنا سنكون سعداء لترتيب الأمر على الفور"، بحسب الشبكة الأميركية.
ولم تقبل شبكة "إن بي سي نيوز"، التي تواصلت لأول مرة مع فاطمة باعشن حول هذه القصة في 22 ديسمبر/كانون الثاني 2017، العرض للتحدث مع الأميرة؛ لأنَّ الحكومة السعودية لم تسمح للشبكة بالكشف عن أنَّ أحد صحفييها التقى الأميرة أو استخدام أي معلومات قدَّمتها من أجل هذا التقرير تحت أي ظرف، وضمن ذلك إذا تم منح الأميرة صفة عدم الكشف عن هويتها للحديث عن مسائل حساسة، مثلما هو الحال مع الأشخاص الآخرين في ذلك التقرير.
وعرض متحدثٌ آخر باسم السفارة السعودية آنذاك على شبكة "إن بي سي نيوز" الحديث مع مصادر مقربة من والدة ولي العهد، وهو العرض الذي قبلته الشبكة.
في 30 يناير/كانون الثاني 2018، كتب كابلي (لم يذكر المصدر الاسم الكامل، وربما المقصود هو سعود كابلي، مدير المكتب الإعلامي لسفارة السعودية في واشنطن)، في رسالة بريد إلكتروني، أنَّ فكرة الحكومة السعودية كانت هي أن تتحدث شبكة "إن بي سي نيوز" مع والدة ولي العهد، والأميرة "بعد ذلك ستصلكم بدائرة مقربيها"، بحسب الشبكة الأميركية.
فجاء رد شبكة "إن بي سي نيوز" بأن أعادت ذكر موقفها، قائلةً إنها لن تُجري أي مقابلات مع والدة ولي العهد إلا إذا سُمِح للشبكة بالإعلان عن أن المقابلة قد تمت. وتقدَّمت الشبكة، مرةً أخرى، بطلب للحصول على أسماء المقربين من سمو الأميرة، والذين بإمكان مراسلي الشبكة التواصل معهم، كل على حدة.
فرد َّ شخص قريب من الأسرة الحاكمة بأنْ وصَف موقف الشبكة التلفزيونية بأنه "متهور"، وأنه سوف يسبب المتاعب لسمو الأميرة ويُجبرها على الخروج إلى العلن، بحسب الشبكة الأميركية.
إذ كتب قائلاً: "هذا الخبر محض كذب وافتراء! سمو الأميرة كانت قد عرضت إجراء المقابلة معكم تحت جناح السرية؛ لكي يتسنى لها تفنيد الخبر بنفسها. أنتم من رفضتم ذلك؛ بل واخترتم الاعتماد كلياً على مصادركم مجهولة الهوية، الذين رفضتم الإفصاح عن أسمائهم، في كتابة تقريركم؛ الأمر الذي جعل مشاهديكم غير قادرين على الحكم على دوافع مصادركم أو درجة مصداقيتهم".
الأمر عسير
وبحسب الشبكة الأميركية، فإنه لا شك في أن تقييم أسرار وخفايا العائلة المالكة السعودية من الممكن أن يكون عسيراً، لا سيما حين يتعلَّق الأمر بنساء العائلة، وفقاً لآراء المسؤولين الأميركيين والخبراء السعوديين.
إذ أشار أولئك المسؤولون والخبراء إلى أن زوجة الملك تظل قيد الإقامة الجبرية طوال حياتها، ولا يُسمح لها بمغادرة القصر الملكي أو بالذهاب لرؤية زوجها، مما يجعلها بعيدةً عن الأعين فترة طويلة. على أنه من العسير تحديد مدى صحة هذه الديناميكية؛ نظراً إلى أن زوجات الملك نادراً ما يظهرن إلى العلن، حسب قولهم، فضلاً عن أن المجتمع السعودي ينظر إلى سؤال الرجل عن زوجته على أنه ضرب من الإهانة وعدم الاحترام.
من جانبه، قال براين كاتوليس، وهو من كبار الزملاء بالأمن القومي لدى مركز التقدم الأميركي، وهو منظمة أبحاث أميركية معنيَّة بالسياسة العامة، تسنّى له التقاء كبار المسؤولين السعوديين، ومن ضمنهم ولي العهد، إن تحديد ما كان يحدث في المملكة بالضبط طوال العام الماضي (2017)، كان في غاية الصعوبة؛ بسبب محاولات الفصائل المختلفة صياغة ما يجري في المملكة.
قال كاتوليس: "في المملكة العربية السعودية، يكون من الصعب معرفة ما يحدث بالضبط وراء عمليات انتقال السلطة بها"، مضيفاً أنه لم يسمع بأي مشكلات لها علاقة بوالدة الأمير وليس بيده أي وسيلة للتحقق من صحة ذلك.
هافنغتون بوست عربي