زاد الاردن الاخباري -
بعد مفاوضات شاقة، توصل فصيل جيش الإسلام وروسيا إلى اتفاق لإجلاء المقاتلين والمدنيين الراغبين من مدينة دوما، آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، ما يمهد للجيش السوري استعادة كامل المنطقة.
ولم يصدر أي تعليق لجيش الإسلام حول الاتفاق الذي أعلنه الاعلام الرسمي السوري والمرصد السوري لحقوق الانسان.
ويأتي الاتفاق غداة إعلان الجيش السوري مواصلته القتال لاستعادة مدينة دوما، مؤكداً سيطرته على "جميع مدن وبلدات الغوطة الشرقية" إثر انتهاء ثاني عملية إجلاء من المنطقة التي شكلت منذ العام 2012 معقلاً للفصائل المعارضة قرب العاصمة.
ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها احدى بوابات دمشق، وتُعد خسارتها ضربة قاصمة للفصائل المعارضة التي هدد تواجدها في هذه المنطقة أمن دمشق طوال سنوات.
وأفاد المرصد السوري الأحد عن التوصل الى "اتفاق نهائي" بين روسيا وفصيل جيش الإسلام في مدينة دوما يقضي "بخروج مقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم والمدنيين الراغبين إلى شمال سوريا، على أن تدخل الشرطة العسكرية الروسية إليها" في خطوة أولى قبل دخول المؤسسات الحكومية.
وأكد التلفزيون الرسمي "التوصل لاتفاق يقضي بخروج الارهابيين من دوما" إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، كما ينص على "تسوية أوضاع المتبقين (...) وعودة جميع مؤسسات الدولة وتسليم الارهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة".
وتركزت المفاوضات مؤخراً على وجهة جيش الإسلام لتنتهي بالاتفاق على خروجه إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل موالية لتركيا في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وكانت قوات النظام عززت انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل الى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام.
ولطالما كرر قادة جيش الإسلام رفضهم أي حل يتضمن اجلاءهم الى أي منطقة أخرى.
وإثر هجوم جوي عنيف بدأته في 18 شباط/فبراير ترافق لاحقاً مع عملية برية، ضيقت القوات الحكومية تدريجا الخناق على الفصائل المعارضة، وقسمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب. وبعدما ازداد الضغط عليها، دخلت كل من الفصائل منفردة في مفاوضات مباشرة مع موسكو، انتهت باجلاء من جيبي حرستا وجنوب الغوطة.
وانتهت السبت عملية إجلاء مقاتلي فيلق الرحمن ومدنيين من جنوب الغوطة الشرقية بخروج أكثر من 40 ألف شخص على مدى ثمانية أيام. وكان تم الأسبوع الماضي إجلاء أكثر من 4600 شخص من مدينة حرستا.
وباتت قوات النظام بذلك تسيطر على 95 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية إثر الهجوم العنيف الذي تسبب بمقتل أكثر من 1600 مدني وفق المرصد السوري.
ويأتي التوصل الى الاتفاق حول دوما بالتزامن مع تنفيذ عملية إجلاء جزئي من المدينة تتضمن إخراج مئات الأشخاص بينهم "نشطاء وأطباء وجرحى فضلاً عن عائلات مقاتلين من فصيل فيلق الرحمن" إلى محافظة إدلب، وفق المرصد.
ودوما هي اكبر مدن الغوطة الشرقية. وترتدي أهمية رمزية كبيرة لحركة الاحتجاجات ضد النظام السوري في العام 2011.
وقال الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هيراس لوكالة فرانس برس إن "الغوطة هي مركز الثورة السورية في منطقة دمشق"، مضيفاً أن "لدوما رمزية ضخمة بالنسبة للحراك الثوري في سوريا (...) فهي المكان حيث تجذر جيش الاسلام ضد قوات الأسد (...) وكل ما يهم الآن هو إزالة جيش الإسلام من دوما إلى الأبد".
خلال المفاوضات، تعرض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.
وقال حسن أبو راتب (30 عاماً)، من مدينة دوما "أفضل طبعاً الخروج على أن ابقى هنا، لم يبق مكان نجلس فيه" جراء الدمار الذي لحق بالمدينة، مشيراً إلى رفضه الانتقال الى منطقة تسيطر عليها قوات النظام.
في المقابل، يفضل آخرون البقاء. وقال هيثم بكار (38 عاماً) "ما اتمناه هو ألا أخرج من بيتي، لأن الواحد اذا خرج من بيته كأنه يخرج من روحه".
وخلال سنوات النزاع، الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص، شهدت مناطق عدة عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية العام 2016.
ودعا البابا فرنسيس في عظته لمناسبة عيد الفصح الاحد الى انهاء "الابادة الجارية" في سوريا وتسهيل وصول المساعدات وتأمين الظروف المناسبة لعودة المهجرين.
وخرج من الغوطة الشرقية حتى الآن أكثر من 150 ألف شخص من منازلهم عبر الممرات "الأمنة" التي حددتها قوات النظام عند مداخل الغوطة الشرقية باتجاه مناطق سيطرتها، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وشهدت دوما التي يقيم فيها عشرات الآلاف تدفق نازحين منها بشكل يومي الى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم الى مراكز ايواء في ريف دمشق.
ولطالما شكل وجود الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لقذائف اوقعت مئات الضحايا.
وفي بيانها السبت، اعتبرت قيادة الجيش أن من شأن السيطرة على الغوطة الشرقية تحقيق "إعادة الأمن والاستقرار بشكل كامل إلى مدينة دمشق ومحيطها بعدما عانى السكان المدنيون فيها من جرائم الإرهابيين على مدى سنوات عدة".
وأضافت أن "الانتصار في الغوطة الشرقية (...) يوجه ضربة قاصمة للمشروع الإرهابي تجاه سوريا".
ا ف ب