زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - ما الذي حصل عليه الأردن بصورة محددة سياسياً او اقتصادياً من سلاسة عملية التسلم والتسليم لرئاسة القمة العربية في الظهران السعودية؟
أي جواب على السؤال الأخير سيكون متسرعاً قبل نضوج الاتصالات البينية وسط أولاً تكريس القناعة بصفة عامة بأن المعروض على الأردن سعوديا على الاقل في النهاية «أقل من ان يستطيع قبوله» خصوصاً في القضية الفلسطينية.
وثانياً وسط هجوم حاد وملموس للأردنيين عبر وسائط التواصل على القمة ومجرياتها وقراراتها ومستوى تمثيلها وظروفها مع سخرية مرة بعدما اضطرت السلطات السعودية لتغيير مكان انعقادها بسبب الوضع الامني الناتج عن صواريخ الحوثيين في العاصمة الرياض.
بكل الأحوال شكلت عملية التسلم والتسليم لرئاسة القمة امام الأردنيين وقبل انعقاد القمة اصلاً فرصة للتواصل وجهاً لوجه مع السعودية الجديدة وتحديداً مع الأمير محمد بن سلمان الذي يتردد اسمه كثيراً في إطار السعي لتقليص «الدور الأردني» على المستوى الإقليمي.
وفقاً لمصادر الوفد الأردني المشارك عملية تبادل تسلم وتسليم وثائق القمة العربية وتسليمها للقيادة السعودية سارت بشكل روتيني ومنطقي ودون اشارات سلبية.
الأهم من فعاليات القمة نفسها هي تلك الصور التي التقطت لزعماء المحور العربي الذي تحدث عنه الأمير بن سلمان مرات عدة قبل قمة الظهران. هنا تحديداً جلس الأردن بوقار واسترخاء حيث نشرت صور للضيوف في خيمة خاصة وأخرى لهم في جلسة ودية للغاية بلباس «غير رسمي».
بدا واضحاً في لهجة التفكيك الأردنية على الاقل بان محمد بن سلمان يريد التأكيد على ان الأردن جزء من «المحور السعودي الجديد» الذي سبق ان قال عنه انه يتصدى لمحور الشيطان الثلاثي حيث الإرهاب وتنظيماته وايران والاخوان المسلمين. ليست صدفة ان المحور يخلو من إسرائيل التي يسعى الجانب السعودي لجمع الأطراف التي تتعامل معها أمنيًا وسياسيًا.
يمكن من الصور التي توسع الجانب السعودي للجانب غير الرسمي من التفاعل مع بعض الزعماء العرب بنشرها بناء بعض الاستنتاجات ..اهمها غياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن اشهرها حيث تواجد الرئيس عبد الفتاح السيسي وملك البحرين والشيخ محمد بن راشد.
في كل الأحوال لا يمكن بناء مواقف واتجاهات واستراتيجيات سياسية بناء على صور تبدو في طابعها «أليفة وودودة وشخصية الطابع» لكن الأمير السعودي الشاب أرادها في الواقع كذلك حيث ساهم وجود الشيخ محمد بن راشد صهر العائلة الأردنية الهاشمية في التخفيف من دور أي تبادل سلبي للملاحظات بين عمان والرياض.
الفرصة بهذا المعنى متاحة لالتحاق الأردن مستقبلاً بالمحور السعودي حتى لو تطلب الامر عدم المشاركة في التمحور السياسي لأن الأردن سياسياً يستطيع مقاطعة إيران وهو يفعل أصلاً ويشتبك مع تنظيمات الإرهاب قبل السعودية لكنه بالتأكيد ليس بصدد أي انقلاب على الإخوان المسلمين ولا يشارك الرباعي المصري والبحريني والسعودي والإماراتي في هذه الحفلة تحديداً على الاقل حتى الآن. وعلى الارجح لن يشارك مجاناً بالمعنى السياسي مستقبلاً.
في عمق الدوائر الأردنية يقال بأن أهم ما في قمة الظهران انها «كسرت الحواجز» بين رئاسة القمة العربية القديمة والجديدة حيث لا لقاءات أردنية إطلاقاً مع الأمير محمد بن سلمان ولا اتصالات منذ اللقاء غير الايجابي الأخير الذي سبق قمة اسطنبول الإسلامية من أجل القدس.
محور القدس من محاور الخلاف المرجحة بين عمان والرياض. لكن الطرفين سعيا إلى تأجيل أي مواجهة في الرأي بالخصوص وإن مررت السعودية المطلب الأردني الملح القاضي بعزل القدس الشرقية عن مسارات «وعد ترامب» في خطوة يعتبرها الأردنيون مشتركة وقابلة للتقارب ومهمة واساسية لأنها ببساطة تدعم الدور الأردني على مقدسات المدينة وهو الموضوع الذي تم تجاهله في البيان الختامي لقمة الظهران وعدم التطرق إليه في واحدة من سلبيات المواجهة.
قمة الظهران تقصدت وفي الهامش ان توحي مجرد إيحاء بأن الأردن والسعودية معًا ضمن المحور نفسه وبأن الاحتفاظ ببعض الخلافات في وجهات النظر ينبغي ان لا يحكم التواصل خصوصًا وأن الملك عبدالله الثاني كرس خطابه تقريباً للتنديد بالإرهاب والاحتفاظ بموقف بلاده المألوف على صعيد القضية الفلسطينية.
وفقاً للمصادر الخبيرة كانت المواجهة «مريحة إلى حد بعيد» ..وإن كانت «اقل حدة» وكذلك «أقل إنتاجية» بالمعنى التحالفي الاستثماري او الاقتصادي حيث الملف الأكثر حساسية بالنسبة للأردن مع السعودية وحيث مباراة يتجنب الجميع الحديث عنها انتهت بدون تسجيل اهداف.
عمان لا تريد ان تحجب أو تعرقل أي محاولة سعودية لجرها للتمحور مع الرياض سياسيًا وإقليميًا فوضعها الاقتصادي والإقليمي لا يسمح بمغامرات مع الماكينة السعودية المفتوحة بدورها على كل أصناف المغامرات وتصورها العميق ان يحصل ذلك بالقطعة وبالتوقيت المناسب وحسب معايير المصالح العليا الأردنية.
الجانب السعودية أغرق في المجاملات وتصرف بـ «ود» وبخطاب من الواضح انه يرغب بالاستقطاب لكنه لم يقدم شيئاً حقيقياً يمكن ان يغري الأردنيين بالالتحاق باستثناء التخفيف عنهم في نفقات مالية لها علاقة بالقدس مع وعد بأن تنفق المساعدات السعودية المالية للقدس وأهلها عبر التعاون مع الأردن لأن عكس ذلك سيكون رسالة في غاية السلبية خلافاً بطبيعة الحال لتلميحات في الهامش عن «حصة أردنية» في استثمارات ضخمة قريباً.القدس العربي