الاحتلال الامريکي للعراق، غير المعادلات السياسية القائمة في المنطقة و أثر تأثيرا واضحا في الامور و الاوضاع فيها، بحيث يمکن القول بأن التاسع من نيسان 2003، يمکن إعتباره فاصلا بين زمنين مختلفين عن بعضهما الى حد کبير، ولاغرو عندما نتأمل بدقة و نتفحص أوجه الاختلاف، نجده يتجلى و بصورة واضحة في نقطتين أساسيتين هما؛ تضعضع الامن و الاستقرار في المنطقة و تزايد التهديدات و الاخطار الاقليمية و الدولية عليها، إنقسام المعسکر العربي بصورة غير مسبوقة على نفسه بحيث لايمکن تشبيه الاختلاف الحالي"العميق"، بالاختلاف السطحي قبل الاحتلال الامريکي للعراق.
ماسر هاتان النقطتان و من أين جاءتا؟ من دون أدنى شك يبرز هنا دور نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي إستقوى کثيرا بسبب الاحتلال الامريکي للعراق، خصوصا إذا ماتذکرنا الدور الذي لعبه بهذا الصدد، حيث کان من أشد المتحمسين لفکرة إسقاط نظام حزب البعث، وحتى إنه جعل کل الاحزاب و الجماعات الشيعية المعارضة التي کانت تتواجد في إيران في خدمة تحقيق ذلك الهدف.
سقوط بغداد الذي أعقب بداية الاحتلال الامريکي، لم يکن في واقعه إلا بداية لواحدة من أخطر المراحل التي تمر بها المنطقة في التأريخ الحديث و المعاصر، إذ شهدت بروز و تعاظم النفوذ الايراني الذي قد لايمکن مساواته بأي نفوذ آخر في التأريخين آنفي الذکر، إذ لم يکن للإستعمار الانکليزي ولا الفرنسي أي عامل أو سبب جوهري ليمکنه من البقاء و إحداث شرخ و إنقسام بين بلدان المنطقة من جانب و بين مکونات شعوب المنطقة، والاهم من ذلك إن النفوذ الايراني لايقف عند حد، فکما هو کان معروف فقد کان للإنتداب زمنا محددا مثلما کانت الدول الاستعمارية تدرك إن بقائها لفترة طويلة أمر مستحيل، لکن الامر عن النفوذ الايراني يختلف إذ هو مرتبط بتنفيذ مشروع استراتيجي يتحدد في بناء إمبراطورية ولاية الفقيه و التي ستشمل في النتيجة وکما هو مرسوم لها کافة بلدان المنطقة، وإن الضغط و الهجوم و الحرب بالوکالة الذي يقوم به جماعة الحوثي ضد السعودية حاضنة أهم المقدسات الاسلامية و الذي جاء بعد سلسلة من التکتيکات بدأت بالدعوة لتسييس شعيرة الحج، ليس هو إلا أحد فصول تنفيذ هذا المشروع.
عندما يقوم نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بتزويد جماعة الحوثي بصواريخ باليستية و طائرات من دون طيار و اسلحة و أعتدة غير تقليدية أخرى و تدفعها لتهديد الملاحة في البحر الاحمر، فإن ذلك يعني بأن طهران ترى في السعودية أکبر معوق و معرقل لمشروعها ولذلك فإنها تسعى للضغط بإتجاه فتح أکثر من ثغرة في الجدار السعودي، بمعنى إنها تريد في النهاية إحداث ثمة تغيير في السعودية يساهم بدخول نفوذها الى هذا البلد.
هل يمکن للنظام الايراني أن يتخلى عن مشروعه هذا؟ هل يمکن أن ينهي دوره و نفوذه في بلدان المنطقة؟ بلا شك إن معظم المراقبين السياسيين يرون إستحالة ذلك، إذ إن هذا النظام قد تأسس من أجل تنفيذ هذا المشروع وقد أذاق الشعب الايراني الامرين من أجل ضمان إستمراره ولم يأبه لکون غالبية الشعب يعيش تحت خط الفقر وإن هناك ملايين لاتجد ماتسد بها أودها، ولهذا فإنه وطالما إستمر فإن نفوذه ليس يستمر فقط وانما يعمل على التوسع أيضا، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماالحل؟ مالسبيل لمواجهة هذا التهديد المحدق بالمنطقة؟
إسقاط النظام هو الحل الوحيد لکافة مشاکل و ازمات الشعب الايراني و لکافة الاثار و التداعيات الضارة الاخرى في المنطقة. هذا ماقد أکدته المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ودعت إليه بصورة مستمرة بل و طالبت بلدان المنطقة و العالم لکي يضطلعوا بدورهم بهذا الصدد من حيث تإييد النضال الذي يخوضه الشعب الايراني و المقاومة الايرانية من أجل الحرية و الديمقراطية و التغيير، خصوصا وإن العالم کله بصورة عامة و المنطقة بصورة خاصة صاروا يعلمون هذه الحقيقة جيدا!