زاد الاردن الاخباري -
ربما بات حلم الهلال الشيعي الذي يمتد من طهران إلى بيروت عبر البادية السورية، ويعتبر الأوتستراد الدولي الذي بدأت إيران بإنشائه لربط هذه المناطق من أبرز تجلياته، يتهاوى مع إعادة تموضع قوات أميركية كانت تتواجد في قاعدة التحالف بمنطقة التنف، لتنتقل إلى قاعدة عسكرية في المنطقة الفاصلة بين معبر البوكمال القائم بين سورية والعراق، ما عمل على قطع أوصال هذا الاوتستراد.
وبهذه القاعدة الجديدة تكون القوات الاميركية ربما قد أجهضت للمرة الثانية الحلم الإيراني بالهلال الشيعي، بعد أن سيطرت على معبر التنف الحدودي بين سورية والعراق العام قبل الماضي، وأقامت قاعدة للتحالف في هذه المنطقة، والتي أسمتها منطقة الـ55، بمشاركة فصيل جيش المغاوير السوري المعارض، وحظرت على المليشيات الشيعية، التي كانت تحاول التقدم باتجاهها من الاقتراب منها، تحت طائلة الإبادة.
وهو ما نفذته فعليا قوات التحالف في هذه المنطقة، ولم تتهاون به في أكثر من محاولة تقدم لهذا المليشيات، نحو المنطقة، إذ أبادت خلال العام الماضي مستخدمة القصف الجوي، أكثر من رتل عسكري لهذه المليشيات حاول الاقتراب منها.
وكانت "السلطات في كل من إيران والعراق وسورية وقعت على مشروع إنشاء أوتوستراد ينطلق من طهران العاصمة الإيرانية ويمر بأراضيها ثم أراضي العراق ويجتاز كامل الأراضي العراقية، ثم يجتاز الأراضي السورية وصولا إلى العاصمة السورية دمشق، بمسافة 1700 كلم وقد يستمر نحو العاصمة اللبنانية بيروت، على أن تستغرق فترة إنشائه مدة عامين، بتكلفة غير معلنة يتم تحصيلها من سالكيه خلال 5 سنوات، وفق وسائل إعلام موالية للحكومة السورية.
ونص الاتفاق على أن يتولى حراسة الأوتوستراد الذي تقوم شركة إيرانية بتنفيذه، كل من الجيش الإيراني والعراقي والسوري، إضافة إلى شرطة إيران وشرطة العراق وشرطة سورية فضلا عن تواجد سيارات الشرطة السريعة التي سيقام لها بين 150 مركزا إلى 300 مركز على جانبي الطريق".
ورغم أن فصيل جيش مغاوير الثورة التابع للجيش السوري الحر، والذي يشارك قوات التحالف بقاعدة التنف العسكرية بمثلث الحدود الأردنية السورية العراقية، نفى وعلى لسان المفوض السياسي للفصيل ماهر العيسى مغادرة قوات أميركية للتنف باتجاه قاعدة البوكمال القائم، وأن ما جرى هو عبارة عن انتشار لهذه القوات في 6 مراكز مراقبة عسكرية ضمن منطقة الـ55 بالتنف، إلا أن مصادر بالمعارضة السورية تؤكد نقل القوات الاميركية لثقلها العسكري من قاعدة التنف إلى القاعدة العسكرية بين البوكمال والقائم.
وهو ما يؤكده المحلل السوري المعارض العقيد طيار حاتم الراوي، "بحدوث عمليات في منطقة التنف لإعادة الانتشار باتجاه البوكمال، بهدف قطع الطريق من وإلى العراق، من خلال إنشاء قاعدة عسكرية بين البوكمال والقائم".
وأضاف الراوي أن "هذا الانتشار يهدف الى الاستعداد لدخول الضفة اليمنى لنهر الفرات، في حال انسحاب روسيا التي باتت تتململ في المنطقة، بعد فشلها من التقدم على الضفة اليسرى، مما جعلها تصل إلى قناعة بأنها تحرس خرائب مهجورة في منطقة شبه خالية من الموارد الطبيعية".
بيد أن المحلل السوري المعارض صالح فاضل قال إن "هذه التحركات الأميركية تأتي وفق تفاهمات مع روسيا"، مشيراً إلى أن "القاعدة الجديدة "قادرة على رقابة الطريق المؤدي إلى العراق بدقة كبيرة، وبالتالي مراقبة التواصل الإيراني مع مليشياته وقدرتها على قطعه حينما تقرر ذلك".
واضاف أن "الولايات المتحدة نقلت ثقلها العسكري إلى القاعدة الجديدة بين الحدود العراقية والسورية، لتوفير المرونة التي تتيح القيام بعمليات عسكرية تطال إيران في المنطقة قريباً".
وقال إن "الأيام القليلة القادمة ربما تكشف مزيدا من أهمية التواجد الأميركي هناك، بعد إعادة النظر في الاتفاق النووي الإيراني، والتي قد تقود إلى عمليات عسكرية تطال إيران ومليشياتها في المنطقة".
وربما يعتبر تقطيع اوصال الهلال الشيعي، من أبرز الأهداف الأميركية لإنشاء هذه القاعدة، كون هذا الهلال من أهم أدوات تحقيق المشروع الإيراني في المشرق العربي، والذي قدمت ايران من أجله آلاف القتلى، في الحرب التي تقودها على الأرض السورية ضد المعارضة المعتدلة، بمساندة عشرات المليشيات الشيعية التي استقطبتها من مختلف أصقاع الأرض.
وهو ما يؤكده المنسق العسكري في الجيش السوري الحر أبو توفيق الديري، الذي يشير إلى أن "إنشاء القاعدة الاميركية بين البوكمال والقائم أنهى الحلم الإيراني بالهلال الشيعي"، مشيرا الى انها "أغلقت الحدود البرية الوحيدة التي كانت ما تزال مفتوحة بين سورية والعراق بشكل نهائي".
وقال الديري إن "القاعدة التي كانت عراقية قديمة بالأساس، تبعد عن قاعدة التنف حوالي 100 كم و 60 كم عن قاعدة "خبرة الوقف" القريبة من التنف، وهي التي تعتبر رأس الحربة باتجاه منطقة الـ55".
واضاف ان "هذه القاعدة تأتي استكمالا لمحاصرة بقايا تنظيم "داعش" الارهابي على الضفة الشرقية لنهر الفرات، ومنعهم من الانتقال إلى داخل الحدود العراقية، بالتوازي مع القاعدة الموجودة شرق جبل عبد العزيز - داخل الأراضي السورية".
واوضح ان "انهاء العمليات العسكرية للتحالف بالعراق تعني ضبط الحدود، وانتقال المهمة في العراق للجانب العراقي، و هو ما اتفق عليه مع الجانب العراقي، في لقاء ضباط من التحالف مع ضباط عراقيين وبإشراف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي".
وقال إن "من عناصر ضبط الحدود، تفعيل المراقبة العسكرية وإنشاء قواعد إضافية للتحالف على الحدود ومنها هذه القاعدة بين البوكمال والقائم".
وتضم منطقة الـ55 بالتنف قاعدة عسكرية للتحالف، ومخيم الركبان للنازحين السوريين، بالاضافة إلى 5 فصائل عسكرية تابعة للجيش السوري الحر، كانت قد انسحبت من البادية السورية، بعد تقدم قوات كبيرة من الجيش السوري، الذي كان مسنودا بمليشيات شيعية وطيران روسي كثيف على مناطق سيطرة هذه الفصائل بالبادية السورية.
الغد