قال باحث امريكي مختص في شؤون المنطقة إن تاريخ التحذيرات الاردنية للادارات الامريكية بشقيها الجمهوري والديمقراطي تشير الى عدم اصغاء واشنطن لأي من هذه التحذيرات, سواء تلك المتعلقة بغزو العراق أو غيرها.
وأضاف الباحث الدكتور كاريس ريان الاستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة الاباشيان في جلسة حوارية نظمها مركز القدس للدرسات السياسية مساء أمس الاول الاحد بعنوان (الأردن في بيئته العربية من منظور امريكي): إن تجارب النصائح والتحذيرات الاردنية لواشنطن في كثير من المحطات أثبتت صحتها, رغم عدم انصات الادارات الامريكية لهذه التحذيرات.
واستشهد الباحث بتحذيرات اطلقها الأردن ابان ازمة عام 1991 وقبل غزو العراق عام 2003 من ان الحرب في العراق من شأنها زيادة الإرهاب والتسبب في ازمة داخلية في العراق وزيادة نفوذ ايران في المنطقة, وزيادة التشدد الاسرائيلي.
وكان الباحث الامريكي يتحدث في سياق استمرار الاردن لاطلاق تحذيرات بشأن استمرار تعثر العملية السلمية في منطقة الشرق الأوسط وعدم ايجاد حل للقضية الفلسطينية, وخطورة استمرار هذا الوضع على الامن الاقليمي, مشيرا إلى ان السنوات المقبلة ستكون عصيبة على معسكر الاعتدال العربي.
والباحث كاريس ريان متخصص في شؤون الشرق الأوسط واصدر مؤخرا كتابا بعنوان التحالفات ما بين الدول العربية الذي ركز فيه بشكل خاص على سياسة الأردن الخارجية مع الدول العربية.
وفي السياق دعا ريان الإدارة الأمريكية للانصات بجدية لمواقف وتصريحات الملك عبد الله الثاني التي يؤكد فيها باستمرار ان المشكلة الفعلية في المنطقة تتمثل في استمرار القضية الفلسطينية من دون حل وانه اذا لم يتم ايجاد حل لهذه القضية فلن يكون هناك اهمية لامر آخر, مشيرا ان المنطقة مقبلة استنادا الى هذا السيناريو على انتفاضة فلسطينية أخرى.
الاصلاحات وعملية السلام
وتحدث الباحث الأمريكي عن ان تعثر العملية السلمية ستكون له تداعيات داخلية في الأردن, منها ما يتعلق بامن الاردن, والخيار الاردني في القضية الفلسطينية, اضافة الى اعاقة عملية الإصلاح الداخلي.
وأشار الى انه وبعد عودة الحياة الديمقراطية في الأردن عام 1989 وبدء عملية الإصلاح السياسي, فإن السنوات الاخيرة شهدت تباطؤا في الإصلاحات خاصة بعد ان وقع الأردن معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1994 . لكن جمهور الندوة واجه الباحث الامريكي بانتقادات في اكثر ملف في هذا السياق, منها قراءته المتعلقة بالعلاقات الاردنية الامريكية, وربطه الاصلاح في الاردن بعملية السلام, وعلاقات الاردن باسرائيل, والتفاتته نحو الخيار الاردني.
وانتقد عدد من الحضور ربط الباحث الامريكي لعملية الاصلاح في الاردن بعملية السلام, تأسيسا على ان هذا الربط يهدف اساسا الى وقف عملية الاصلاح نفسها, وانه ليس على الباحث الامريكي تبني ذلك, خاصة وانه صف في موضع آخر السياسة الامريكية في المنطقة بانها ذات عدسات اسرائيلية.
ورغم ان ريان يعترف أن الإدارة الأمريكية تنظر لملفات المنطقة بالعدسة الإسرائيلية, وان السياسيين الامريكيين بجناحيهم مشغولون باحكام السيطرة على البيت الابيض, طالب بلاده بانتهاج سياسة شاملة في ضم أكبر عدد من اللاعبين في المنطقة الى طاولة السلام من دون الخلط بين ما تريده اسرائيل ومتطلبات السلام.
وفيما قال اعتقد انه من المهم ان تكون السياسة الامريكية أكثر توازنا وعدم النظر للامور في المنطقة من خلال العين الإسرائيلية, ورأى صعوبة الاوضاع الراهنة في المنطقة, وفي المقابل دعا الاردن الى فرصة التحرك خاصة انه يرتبط بعلاقات جيدة مع معظم اللاعبين الرئيسيين في المنطقة.
وقال ريانالولايات المتحدة تركز اليوم على الضغوط الداخلية التي سببتها الازمة الإقتصادية اضافة للخسارة التي مني بها الديمقراطيون بعد سنتين بخسارتهم للاغلبية البرلمانية, وهو شأن الادارات الامريكية الدائم التي تدقق في سياساتها كل عامين استنادا الى الانتخابات النصفية
وقال ان تركيز الجمهوريين والديمقراطيين منصب دائما على هدف واحد وهو الوصول للبيت الابيض.
وتحدث الباحث عن نجاح الأردن في اعادة بناء علاقاته الدولية لا سيما مع الولايات المتحدة بعد الازمة التي مرت بها تلك العلاقات نتيجة موقف الأردن من حرب الخليج عام 1991 بعد غزو العراق للكويت.
وقال الباحث ريان ان ابرز ما يميز السياسة الخارجية الأردنية في عهد الملك عبد الله الثاني انها سياسة معتدلة ووسطية الا ان هناك تركيزا على التنمية الإقتصادية قبل كل شيء استنادا الى النمط الغربي.
واشار في هذا الصدد الى ان نجاح الأردن في الحفاظ على المساعدات الإقتصادية الأمريكية والاوروبية.
واشار انهمع بداية حكم الملك عبد الله الثاني واجه الأردن تحديات اقليمية ودولية كبيرة تمثلت في اندلاع الإنتفاضة الثانية عام 2000 وهجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة والحرب في افغانستان وغزو واحتلال العراق عام 2003م فوجدت المملكة نفسها مجددا بين العراق وامريكا. وكان هناك قلق على استمرار تدفق المساعدات الإقتصادية الأمريكية واستمرار تدفق النفط, اضافة لمعارضة الشارع الأردني للحرب على العراق
وقال الباحث ان الأردن انتهج سياسة حاولت ان تتفادى حدوث انشقاق في التحالف الدولي الذي تقوده امريكا في العراق مستفيدا من دروس الحرب الاولى عام 1991 . يذكر ان للباحث ريان منشورات واسعة النطاق عن السياسة الأردنية بما في ذلك كتابان واكثر من 20 مقالا منشورة في مجلات وفصول كتب. ومن ابرز كتبه عن الأردن كتاب ( الأردن في مرحلة انتقال : من الحسين الى عبد الله الثاني) والذي نشر عام 2002 .