زاد الاردن الاخباري -
استعادت الحكومة أمس من مجلس النواب رسميا مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل 2018، بعد جدل مطول حوله، تخللته احتجاجات مواطنين عبر مظاهرات واعتصامات وتوقف عن العمل، ما ادى لاستقالة حكومة هاني الملقي السابقة وتشكيل حكومة جديدة، ترأسها الدكتور عمر الرزاز.
سحب الحكومة لمشروع القانون أمس جاء بكتاب رسمي من رئيس الوزراء وجهه الى مجلس النواب، وقد جاء الكتاب في أول يوم دوام رسمي بعد عطلة العيد، وفي اول يوم للحكومة الجديدة، ليتوافق مع تصريحات سابقة للرزاز، أكد فيها نيته سحب مشروع القانون.
وكان الرزاز صرح أن هناك توافقا على سحب القانون لأسباب مختلفة، أولها: الحاجة لنقاش وحوار عميق حول؛ يأخذ مجراه للوصول للقانون الذي نريد، لأنه يؤثر على الجميع (...)، وثانيها؛ أن هذا القانون يجب يدرس الى جانب الأثر الضريبي الكلي على المواطن، وأن يؤخذ ذلك بالاعتبار، والتأكيد على ضبط التهرب الضريبي، ولكن دون التعدي على حقوق المواطن الأساسية.
وكانت الحكومة الحالية؛ أدت القسم الدستوري أمام جلالة الملك عبد الله الثاني الخميس الماضي في آخر ايام الدوام قبل عطلة عيد الفطر، وباشرت مهامها رسميا امس، فيما خصصت اول من امس، وهو يوم عطلة، لاستقبال التهاني والتبريكات.
استرداد مشروع قانون الضريبة؛ سيفتح الباب أمام الحكومة لفتح حوار مطول ومعمق مع شرائح مختلفة، لانجاز مشروع يختلف عن القانون المسترد، وسيفتح الباب لحوار أعمق حول حزمة ضريبية كاملة، وفق تصريح سابق للرزاز.
كما أن هذه الخطوة؛ تمهد الطريق باتجاه ترطيب العلاقة بين السلطة التنفيذية وقطاعات اقتصادية مختلفة، في ظل ارتفاع وتيرة الاحتجاجات على الحكومة السابقة (المستقيلة) من مختلف القطاعات، على خلفية مشروع القانون المسترد.
خطوة الحكومة جاءت ايضا؛ لتستبق صدور إرادة ملكية سامية بدعوة مجلس الأمة الثامن عشر للانعقاد في دورة استثنائية، لمناقشة بيانها والتصويت على الثقة بها، فهذه الخطوة ستمهد الطريق لفتح الباب أمام علاقة متوازنة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وامتحان الثقة الذي ستدخل فيه الحكومة الحالية، وسيتعين عليها بذل جهد مضاعف لنيلها، حسب مراقبين.
وفي هذا السياق، يتعين على الحكومة تقديم بيانها الوزاري لـ"النواب" خلال شهر من اداء القسم؛ وفق المادة 53/ 3 من الدستور التي تنص على انه "يترتب على كل وزارة تؤلف، ان تتقدم ببيانها الوزاري الى مجلس النواب خلال شهر واحد من تاريخ تأليفها، اذا كان المجلس منعقدا، وان تطلب الثقة على ذلك البيان".
بينما تقول الفقرة (4) من الدستور إذا كان "النواب" غير منعقد، يدعى للانعقاد لدورة استثنائية، وعلى الوزارة التقدم ببيانها الوزاري؛ وان تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ تأليفها".
معركة الثقة؛ لن تكون سهلة على حكومة الرزاز، حسب مراقبين، حيث سيتعين على الرجل الاستعانة بكل طاقمه الوزاري لعبور بحر الثقة المتلاطم الامواج، فالرجل؛ ومنذ اعلان اسماء فريقه الوزاري، اصطدم برد فعل نيابي ضد التشكيل، وتجلى ذاك فيما تداوله نواب حول هذه التشكيلة.
فالنائب خير ابو صعيليك؛ دعا الرزاز للحديث بوضوح مع الرأي العام، ووضع خريطة طريق بشأن برنامجه، مشيرا إلى أن الأردنيين يساورهم شك حيال مستقبلهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وان الحكومة الجديدة، عليها تبيان رؤيتها للتعامل مع خطة تحفز النمو.
وتساءل ابوصعيليك، حول إذا ما كانت تلك الخطة ستنقل، بعد الكشف عنها، للارشيف، لتوضع بجانب الاجنده الوطنية ورؤية الأردن 2025 أم ستنفذ؟ وما هي آليات تنفيذها، ودور مجلس الأمة الرقابي بهذا الشأن؟ وما هي مؤشرات قياس الأداء والجداول الزمنية؟
واشار في الوقت عينه؛ الى انه لا يمكن غض النظر عن برنامج التحول الاقتصادي وعناصره، وفي مقدمتها عجز الموازنة وارتفاع الدين.
الأمر الواضح حتى الآن؛ أن الحكومة عليها ان تقدم نفسها لـ"النواب" على نحو مختلف عن اي حكومة سابقة، في ظل توقع ان يكون حجم "العثرات" التي ستواجهها كبيرا؛ ومنها عثرة الثقة وصعوبة التغلب عليها.
لذا سيجد الرزاز نفسه على خطوط الاشتباك الدائمة مع الكتل واللجان النيابية، ما يتطلب حوارا متواصلا مع النواب جميعا، حول مواضيع شتى وقضايا متكررة، كما سيجد نفسه وسط اصطفافات مختلفة.
حكومة الرزاز، التي يحتار نواب في تصنيفها؛ بين من يرى أنها "ليبرالية"، ومن يراها خليطا بين الليبرالية والمحافظين، وآخر يراها خليطا أوسع من ذلك، سيكون عليه أن يصوغ رؤية، للخروج بأقل الإصابات من حقل التصنيف والإعاقة والظفر لحكومته بثقة نيابية، وهذا بدوره، سيجد ارتدادات في خطابات الثقة، وسينعكس على مدى تقبل النواب للحكومة.
الغد