زاد الاردن الاخباري -
رفع مجلس الأمة اليوم رده على خطاب العرش السامي، الذي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني بإلقائه في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الماضي، إيذانا بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السادس عشر.
وفيما يلي نص رد مجلس الأعيان على خطاب العرش السامي، والذي ألقاه أمام جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة العرش في قصر رغدان العامر، رئيس المجلس طاهر المصري: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله يتشرف مجلس الأعيان أن يرفع إلى مقام جلالتكم، وافر الشكر لافتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة السادس عشر بإلقاء خطبة العرش السامي، التي جاءت مراجعة للمسيرة، واستشرافاً للمستقبل الزاهر الذي يتجه شعبنا إليه، بقيادتكم الفذة، مواكباً لاستحقاقات العصر ومتطلباته.
وإن مجلس الأعيان يؤكد قناعته والتزامه بكل ما تضمنته وأفصحت عنه خطبة العرش، من رؤية وتحليل وتوجيه، ويثق بأن السنوات المقبلة ستكون بإذن الله سنوات عمل وإنجاز تتميز بالتعاون المثمر بين السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، ليكون الإصلاح مسؤولية جماعية رائدها الجهد المؤسسي التكاملي المرتكز إلى مبادئ الدستور وعلى أساس مفهوم الشراكة في تحقيق المصلحة العامة، لبناء المستقبل المشرق الذي يستحقه شعبنا العظيم.
فقد تميزت مسيرة النجاح والتطور التي شهدتها المملكة دائما، بالمراجعة الشاملة، والنقد البناء، والتصحيح المستمر، من أجل أن تبقى للأردن صورته المشرقة التي عرفها عنه العالم.
ولقد أكدتم جلالتكم على ضرورة العمل وفق منهجية مؤسسية وعلى الاستمرار في الانجاز بثقة وشفافية وبدون تردد أو خوف من اتخاذ القرارات، وبعيداً عن سياسات الاسترضاء التي شكلت أكبر العوائق أمام التغيير الايجابي. وإن مجلس الأعيان الذي يشكل أحد جناحي السلطة التشريعية، ليدرك أن مسيرة الإصلاح، وتعظيم الانجازات، ومعالجة مظاهر الخطأ أو التقصير، يتطلب منا جميعاً العمل سوية لتحقيق الرؤيا الإصلاحية التطويرية الشاملة والمتميزة التي أصبحت عنوانـا لهذه المرحلة الجديدة من مراحل البناء والتطوير، وبهذا فلن يكون هناك مجالا لتجاوز أو تغول سلطة على أخرى. ويعدكم المجلس أن يكون عوناً وداعماً لأي جهد ايجابي في هذه المجالات.
صاحب الجلالة،،، وقد أكدتم جلالتكم على أن الإصلاح يشكل منظومة سياسية واقتصادية وإدارية واجتماعية متكاملة، يجب أن يتواكب مع إصلاح سياسي يحقق المشاركة الشعبية في صنع القرار، فإن مجلس الأعيان سيعمل بالتعاون مع كل من مجلس النواب والسلطة التنفيذية لإيجاد الظروف الكفيلة بتطوير الحياة السياسية. وستكون البداية إعطاء الأولوية لدراسة قانون الانتخاب المؤقت، والإطلاع على كل الآراء في هذا المجال، تمهيداً لاعتماده قانوناً دائماً يضمن استقرار هذا التشريع في حياتنا السياسية. وهذا سينطبق على قانون اللامركزية وكل التشريعات الناظمة للعمل السياسي، والكفيلة بتحقيق التنمية الشاملة التي لن تتحقق من دون مشاركة المجتمع المدني والأحزاب الوطنية.
صاحب الجلالة،،، إن توجيهكم الكريم للحكومة بالاستمرار في تطوير علاقاتها مع الإعلام، بحيث تقوم على احترام حق أجهزة الإعلام في العمل بحرية واستقلالية، وفي الحصول على المعلومة ونشرها، سيضع أساساً راسخاً لعلاقة سليمة ومستقرة مع الإعلام ووسائله المختلفة، فالإعلام الحر المتسم بالمسؤولية، هو سلاح بالغ التأثير، وأداة فعالة في إحداث التغيير والتطوير والتنمية.
وإن مجلس الأعيان سيكون حريصا على دعم المسيرة الإعلامية وتنقيتها من الشوائب، لتتسم الصناعة الإعلامية بالمهنية والاستقلالية والمصداقية، إضافة إلى التقنية، ليصبح إعلامنا الأردني مواكبا لتحديات العصر، مع الأخذ بعين الاعتبار، ضرورة توفير القوانين التي تكفل تحقيق هذه الغايات، وحماية المواطنين وحقوقهم من الممارسات الخاطئة في هذا المجال.
صاحب الجلالة،،، هناك تحديات كثيرة تواجه بلدنا، من بينها، مشكلة الفقر والبطالة وتزايد العنف المجتمعي وغلاء الطاقة، والمواد الغذائية، وشح المياه، وتراجع قطاع الزراعة، وارتفاع المديونية، والحاجة إلى تطوير قطاع التعليم في مختلف مراحله، وتحسين أوضاع المعلمين المعيشية والاجتماعية وتطويرها، بما ينسجم مع أهمية دورهم التعليمي والتربوي، والاهتمام بتمكين الشباب وتسليحهم بالعلم والمعرفة، وتعزيز دور المرأة بما يكفل قيامها بدورها في الحياة والمجتمع، وممارستها لحقوقها كاملة، ليقوم هؤلاء بدورهم ومسؤولياتهم الوطنية والمجتمعية. وكذلك الارتقاء بمستوى القطاع الصحي وتطوير الخدمات البلدية والاهتمام بدعم الحركة الثقافية والتطوعية.
ويؤيد مجلس الأعيان رؤية جلالتكم إزاء مواجهة هذه التحديات، من خلال تحسين أداء المؤسسات العامة، وتطوير عمل الجهاز الإداري والقطاع الرقابي ومحاربة كل أشكال الترهل والفساد بجدية وفاعلية.
صاحب الجلالة ،،، ولابد من توجيه الجهود والاهتمام الخاص، إلى ما ورد في خطابكم السامي من ضرورة الحفاظ على استقلال القضاء وتطويره ونزاهته، والارتقاء بمستوى أدائه وكفاءته، بما يكفل تحقيق العدالة على خير وجه، واستقطاب أفضل الكفاءات، واعتبار ذلك مهمة متقدمة يتعين العمل على تحقيقها كأولوية رئيسية في اهتمامات السلطتين التنفيذية والتشريعية.
صاحب الجلالة ،،، إن مجلس الأعيان، يقف إلى جانب حكومتكم الرشيدة، ويدعمها لتمكينها من السيطرة على عجز الموازنة وتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، والعمل على تحسين البيئة الاستثمارية، وتشجيع الاستثمار في القطاع السياحي، والاهتمام بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات التي يؤديها .
ولأن الإنسان الأردني كما جاء في خطابكم السامي، هو ثروتنا الأولى الحقيقية، وهو غاية التنمية ووسيلتها، فإن مجلس الأعيان سيكون داعما لجهود الدولة في سعيها المستمر لتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى، وحماية الطبقة الفقيرة، وكذلك في التوجه إلى تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ومشاركته الايجابية في التنمية وفي توفير البرامج الرديفة في هذه المجالات.
صاحب الجلالة، القائد الأعلى،، تأكيدا لما أوردتموه في خطبة العرش السامي، فإن نعمة الأمن والاستقرار التي يتمتع بها بلدنا هي نتاج جهود رفاق جلالتكم في السلاح، نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وإن مجلس الأعيان من خلال موقعه في السلطة التشريعية، سوف يعمل على توفير كل الدعم لجيشنا العربي المصطفوي، وأجهزتنا الأمنية، للاستمرار في أداء واجباتها في حماية وطننا الغالي من جميع الأخطار التي تهدد شعبنا ومنجزاته، بما فيها الإرهاب بكافة أشكاله. ويساند جهود جلالتكم في تمكين قواتنا المسلحة من الاستمرار في دورها الإنساني العالمي، والمشاركة في حفظ الأمن والسلام، وحماية الأبرياء في الدول التي تعاني من الاضطرابات وعدم الاستقرار.
وإنه من دواعي فخر الأردنيين واعتزازهم، أن يظل بلدهم المنيع الآمن والمستقر، سنداً للأشقاء ومدافعا عن القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية فلسطين المقدسة. فقضية الشعب الفلسطيني، هي قضيتنا جميعا كما جاء في خطبة العرش السامي، وستبقى المملكة الأردنية الهاشمية السند القوي لأشقائنا الفلسطينيين، إلى أن يزول الاحتلال عن وطنهم ويقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق مبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، وفي سياق إقليمي يضمن السلام العادل والشامل.
وسيستمر دعمنا للعراق الشقيق والحفاظ على وحدته واستقراره وتمكينه من استعادة دوره في المنطقة والعالم، وكذلك سنستمر كما كنا دائما في الوقوف إلى جانب كل بلد عربي يتعرض للمساس بأمنه واستقراره ووحدة أراضيه.
صاحب الجلالة ،،، وكما أكدتم جلالتكم في خطبة العرش السامي، فإن هناك تحديات كثيرة تواجه الأردن، إلا أن هناك أيضا فرصا متاحة أكثر، لمواجهة هذه التحديات. فقد مرّ بلدنا بظروف صعبة تمكن من التغلب عليها وتجاوزها بتماسك الأردنيين ووحدتهم وحبهم لوطنهم والتفافهم حول قيادتهم الهاشمية.
إن شعبكم الوفي يتطلع بأمل وإصرار، نحو بناء مجتمع يعمل فيه المواطنون كفريق واحد، يقدمون الصالح العام على المصالح الخاصة، يحترمون القانون وسيادته، يكرسون ثقافة الديمقراطية، يبنون المؤسسات الفاعلة، يتسلحون بالعلم والمعرفة، يحمون الوحدة الوطنية، يتصدون صفاً واحداً لكل أصوات الفرقة والسلبية، يستمرون في مسيرتهم التطويرية نحو آفاق جديدة، يتمسكون بثوابت الأمة، يبنون على انجازات الآباء والأجداد، ينفتحون على كل ما هو خيّر وايجابي، يساهمون في بناء عالم أفضل مع كل قوى الخير، يحافظون على الوطن عزيزاً شامخاَ وعصياً على الطامعين.
صاحب الجلالة ،،، إن مجلس الأعيان، يعاهدكم على أنه سيبقى يتحمل بشرف وإخلاص، مسؤولية الأمانة الغالية التي أوليتموها له، وسنبقى الجنود الأوفياء في الدفاع عن وطننا الغالي ومنجزاته بقيادتكم الهاشمية الحكيمة.
نسأل الله أن يحفظ جلالتكم، وأن يكلأكم بعين رعايته، وأن يحفظ لشعبنا نعمة الأمن والاستقرار، لتظل المملكة الأردنية الهاشمية واحة سلام وازدهار وتقدم.
حفظكم الله ورعاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بترا