زاد الاردن الاخباري -
عبّر الكاتب في يومية الغد الزميل فهد الخيطان عن رفضه لفكرة إقامة مخيمات للنازحين السوريين متاخمة للحدود الأردنية، لكي لا تتحول إلى "محميات بشرية".
وقال في مقالته بالصحيفة الصادرة صباح السبت "بالنسبة للأردن، تمثل إقامة مثل هذه المخيمات على مقربة من حدوده تحديا أمنيا خطيرا، كما هو ظاهر من تجربة مخيم الركبان".
وبيّن أن إقامة المخيمات "تمثل تهديدا أكبر من مخيم الركبان"، كما أنها "ستفرض على الأردن التزاما طويل المدى، لتأمين طرق إمداد وإغاثة، وخدمات طبية عاجلة داخل أراضينا لا تتوفر عادة في المخيمات".
وتاليا نص المقالة الذي حمل عنوان "لا نريد مخيمات على حدودنا" :
يتمسك الأردن بموقفه الرافض لفتح حدوده لدخول مزيد من اللاجئين السوريين، وقد نجح في تثبيت هذا الموقف حتى غدا خطا أحمر لا يجرؤ مسؤول دولي على الاقتراب منه، وبالمقابل طور خطته القائمة على تقديم المساعدات للسوريين النازحين داخل أراضيهم فغدت خطة دولية انخرط الجميع في سياقها.
لكن هذه التطورات دفعت، وبشكل تلقائي، لتبني مقترح إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود، وبناء مخيمات لإيواء النازحين من مناطق القتال في درعا، وهم بعشرات الألوف.
ينبغي الحذر من هذه المقترحات لاعتبارات عدة؛ فهي من الناحية الإنسانية تكرّس معاناة السوريين وتحولهم إلى مشردين في بلادهم؛ إذ ليس من المنطقي أبدا أن يقيم السوري في خيمة بينما منزله يقع على بعد كيلومترات عدة في درعا وقراها وبلداتها.
بالنسبة للأردن، تمثل إقامة مثل هذه المخيمات على مقربة من حدوده تحديا أمنيا خطيرا، كما هو ظاهر من تجربة مخيم الركبان الذي تحول مرتعا للإرهابيين ولعصابات المخدرات والسلاح، التي لا تتوقف يوميا عن محاولة التسلل عبر الحدود الأردنية وتهديد قوات حرس الحدود.
المناطق الآمنة المقترحة ستقام وفق التصورات الأولية في مواقع محاذية تماما للحدود الأردنية؛ أي أنها تمثل تهديدا أكبر من مخيم الركبان، ومن جهة أخرى، ستفرض على الأردن التزاما طويل المدى، لتأمين طرق إمداد وإغاثة، وخدمات طبية عاجلة داخل أراضينا لا تتوفر عادة في المخيمات.
ليس للأردن مصلحة أبدا بمثل هذه الخيارات. مصلحة الأردن وسورية، هي بعودة النازحين إلى ديارهم بأسرع وقت، وعودة الهدوء للمناطق الحدودية، ولا يتوفر ذلك إلا بتوقف القتال والتوصل لتسويات ومصالحات، تنهي ازدواجية السلطة في تلك المناطق.
هناك قلق مشروع لأهالي درعا من تداعيات عودة السيطرة للجيش السوري في مناطقهم بعد غياب دام لسنوات، لا بد من أخذ هذه المخاوف على محمل الجد، والعمل مع الجانبين الروسي والسوري على توفير الضمانات الكافية للمدنيين، بالعودة إلى منازلهم من دون خوف أو قلق، وإنهاء ظاهرة النزوح الكثيف ضمن جدول زمني قصير الأجل.
وفي حال تفاهم السلطات السورية مع المجموعات المسلحة المحسوبة على الجيس السوري الحر، ينبغي تنسيق الجهود مع الأطراف كافة للقضاء نهائيا على المجموعات الإرهابية في الجنوب السوري ممثلة بجبهة النصرة "تحرير الشام" وجيش خالد بن الوليد التابع لتنظيم داعش الإرهابي.
بمقترحات المصالحة المعروضة، هناك نية لنقل مقاتلي النصرة إلى إدلب للالتحاق بجماعتهم هناك. هذا شأن لا يعنينا، المهم للأردن أن لا يبقى في الجنوب السوري جماعات إرهابية، تهدد أمننا، وتفجر المصالحات الداخلية لإبقاء حالة التوتر في درعا.
لقد أظهرت تجربة الأيام الماضية من التصعيد في الجنوب السوري، أن هناك مجموعات إرهابية بعينها تدفع باتجاه تأزيم الوضع على الحدود الأردنية وحشد النازحين للضغط على الأردن ودفعه لفتح حدوده لاعتقادهم أن ذلك يسهم في خلق أزمة عالمية تستدعي ضغوطا على روسيا والنظام السوري.
قوات الجيش العربي تنبهت لهذه المخططات مبكرا، وتعاملت معها بحرفية ميدانية مثلما أدارتها الحكومة والدبلوماسية الأردنية بمهارة فائقة حالت دون استخدام الأردن ورقة في الصراع السوري.
علينا أن نمضي بالطريق نفسه وألا نسمح بتحويل المناطق المحاذية لحدودنا كمحميات بشرية.