كنا نردد (ترفاً!!) في وقت سابق نحن إلى أين ؟
ولكننا نقول الآن: أين نحن ؟ والفرق بينهما عظيم كما تعلم..
هل نقيم على أرض فيها مواطئ آمنة لأقدامنا ؟
أم نحن نقيم على ألواح متحركة متأرجحة لا ندري أتحتها ماء أم نار أم فضاء أم هباء أم ماذا ؟
يسأل الناس وقد داخَلَهم الهلع بدلاً من الإنجاز والرقي والتقدم والخروج السريع من الازمات إلى حالة... (أخشى على نفسي)، أبحث عن جنسية أخرى أو أرض جديدة في العالم..
هل كنا نكافح بعض الفساد القليل كما توهّمنا فكانت دائرة أو هيئة لمكافحة الفساد... ولم نجد مفسدين!!، ولما عرفناهم هربوا – فقبضنا على المقتول وفر المجرم الجاني.
ربما كنا نظن أن نسبة الفساد إلى الصلاح محدودة ويمكن معالجتها، فتبين أن الجزء الظاهر من الفساد المعلن أو المكتشف لا يساوي شيئاً من الجسم الغاطس المغطّس.
أخشى أنك تغدو اليوم مثل (د. مرسي فرج الله عنه، كان يحمل مشروعاً وأنت أظنك كذلك – وكان معه تنظيم قوي – ظاهرياً – وانت بلا تنظيم، وصل إلى الحكم بلا إعلام ولا اقتصاد ولا أمن ولا مخابرات ولا استخبارات ولا جيش وألقي في اليم مكتوفاً وقيل له إياك إياك أن تبتل بالماء.
وقال له حتى معظم من انتخبه عدة مرات "فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ".
يا دولة الرئيس:
إنَّ الحكم بلا أدوات فشل محقق.
وإنَّ الحكم بأدوات معطلة (واضحة التعطيل) انتحار ومخادعة.
أرى صحوة غريبة في كشف الفساد، سريعة جداً تلقى أمامك وعمرها سنين عديدة، ومن كشفها اليوم - يعرفها منذ أيامها الأولى... هل دققت فيما يجري ؟
المشكلات التي توضع أمامك كما كانت توضع أمام بعض من سبقك بدهاء وذكاء لا يكاد يُعرف الفاعل مثل العديد مما رأيت ليس مصادفة.
لم أعد أخاف على وطني فقط إنما الذي يُخاف منه وقع أو كاد.
هل أنت رئيس الوزراء المسؤول ؟ أم وظيفتك المطلوبة المشاغلة فقط لزمن محدود لتكتمل المسرحية وتطلق النار من على كتفك، وهل يمكن أن يكون هذا دورك ومهمتك ؟
نعم أحرص على وطني وأشفق عليك وعلى بقية الأخيار وهم قلائل، فمن يتولون المسؤولية الأولى في بلادنا فكأنما هم أقلية أو جالية أو غرباء لا حول لهم ولا قوة، سوى الصراخ، وحالهم كحال (الصحاف) وزير الإعلام العراقي أثناء حصار العراق الذي لم يبق في التلفزيون المحاصر سواه والمصور والمخرج، وبقي يتحدث عن قوة الجيش العظيمة وهزيمة الامبريالية مع أني أقدر له صموده وثباته واحترمه.
يا دولة الرئيس:
خاطبتك قبل الثقة بكلمات مباشرة خطاب الحريص على وطنه الصادق مع من يخاطب، بعيداً عن الاستعراض أو التكسب أو الانتقام ولا أظنك نسيت ذلك مع كثرة دواعي النسيان لديك.
لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها لك لأنك غدوت مسؤولاً وفي ورطة.
لو كانت لي قوة تجد طريقها للظهور لساعدتك.
سيكلفك الشعب ما لا تطيق وهم يعلمون حدود قدراتك.
سيحاسبك الحاضر والمستقبل والتاريخ.
وكيف تنهض حكومة – أي حكومة – وأي رئيس بهذه المعطيات وتقوى على الخروج بالوطن من عنق الزجاجة ؟
أما قال لك المثقفون والسياسيون والحراثون والبسطاء والأميّون لا بد من تغيير النهج وليس تغيير الأشخاص ؟ لم تسمعوا لهم...
ألا ترى أنهم وضعوا أمامك قضايا عديدة لا تجد تفسيراً لتوقيتها.
قضية المصانع العجيبة ، مصنع الدخان وربما غيره..
ثم يتم تهريب أبطالها في وجهك وتحت مسؤوليتك.
موضوع فواتير المياه المصطنعة خصيصاً ولا معنى لها.
رفع اسعار بعض أنواع الخبز أمامك.
الإصرار على تمرير صفقة الغاز رغم الاحتجاج الشعبي الواسع أمامك.
قصة نقابة المهندسين المصطنعة والاحتجاج على مهندسي القدس.
إعلان قانون الدولة القومية اليهودية الاسرائيلي – ومدى انعكاسه عليك بالدرجة الاولى وعلى الشعب الأردني والوطن كله.
وانتظر القادم من المفاجآت حتى لا تستطيع التقاط الانفاس.
وإن كنت أنت من محبي الاستغراق في رسائل التواصل الاجتماعي لكني أظنك – ستلعنها – وتطلقها ثلاثاً بعد قليل – لأن ساعة واحدة من تصفح بعضها تحملك مسؤوليات واسعة من ضرورة المعالجة في قضايا مزمنة لا علاج لها بلطفك وابتسامتك وحسن خطابك، وبغياب الصلاحيات وغياب تكامل اجهزة الدولة لحماية الدولة، فما بالك عند تصادمها.
يا دولة الرئيس في الازمات الحادة لا تنفع المعالجات العادية ولا المواقف العادية فكيف إن كان العادي غير متاح.
نصيحتي لك أن تفكر ملياً ودون عواطف ولا انفعالات ولا مجاملات ولا حسابات صغيرة.
فأنت لست المسؤول عن مسائل متكررة وخطايا قديمة متجددة لم يحاسب رئيس على شيء منها ممن سبقك لتنقص قليلاً، والحبل على الغارب حتى اليوم باستثناء الصغار والبسطاء.
يا دولة الرئيس:
ليس لمثلي أن يخادعك أو ليبالغ في الحديث عن التحديات أمامك طمعاً في أن يحل محاسيبُه مكانك، ولعلك تتيقن ذلك، ولكني وطني وشعبي، وبعض الأخيار الذي يجب أن يحرص عليهم من أبناء الوطن من أمثالك حتى لا يتم تصفيتهم والإجهاز عليهم شعبياً لتتفرد الرويبضات بالوطن كما هو ظاهر للعيان.
دع الشعب يتحمل المسؤولة الوطنية ولست أنت وحدك.
ساعد في قلب صفحة التخدير والتضليل التي تطيل أمد الازمة وساهم في وعي الشعب.
فلا إصلاح ولا خروج من المأزق – كما قلت أنت وكررت أمام الملأ إلا بالإصلاح السياسي الغائب الذي يبحث عن قامات وطنية وقوى شعبية تنجزه فهل تسهم في الحل ام في الإعاقة حتى تحقق الموت البطيء ؟
لست مستعجلاً على المائة يوم التي طلبتها مع أنّ النتيجة معروفة لكل ذي عينين..
يا دولة الرئيس:
ويا دولة الشعب الأردني المفعول به المطموع بصبره المأمول، وبغفلته وصمته حتى لو اكلت النار قدميه،
مع أنني أخشى انَّ وقتك في هذا المعمعان لا يسمح أن تقرأ رأيي، وأخشى أن العوائق التقليدية لن تسمح بمرور كلماتي أمامك إضافة لعوامل اخرى، وأرجو أن أكون مخطئاً، لكن واجبي يملي عليّ نصحك دون مواربة وإلا فنحن ننتظر الصارعة لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.