زاد الاردن الاخباري -
عندما يُعلن رئيس الوزراء "أن الأردن بحاجة إلى كفاءات وخبرات دولية تقوم بإيجاد حلول مبتكرة للقضايا ذات المساس بحياة المواطنين"، يفهم الناس عدة اشياء، من ضمنها، أن الأردن ليس لديه كفاءات وخبرات قادرة على حل المشاكل التي تواجهه، كذلك فإنه إذا لم يقم طرف خارجي بحل تلك القضايا فإنها لن تُحل أبدا.
بالنسبة لنا كأردنيين، فإننا نرى أن "الحكومة" هي التي بحاجة للمساعدة في حل القضايا المُكلفة بها والتي تعجز عن حلها، أما نحن فلا نحتاج مثل تلك المساعدة، لأننا نؤمن، إيمان قاطع، أننا قادرون ومؤهلون على حل مشاكلنا بأنفسنا، ولدينا القدرات والمؤهلات لحل مشاكل الآخرين أيضاً، لكنهم لا يعطون الفرصة لأحد أن يفعل ذلك، والدليل أن الخبرات الأردنية تتزعم حالياً العديد من المؤسسات العالمية والشركات الكبرى في الشرق الأوسط وحول العالم، وتضع حلولاً متميزة ومتقدمة للكثير من المشاكل العالمية، وبكل فخر.
إذا كان رئيس الوزراء يعتقد، بسبب "الجدار العازل" الذي يضعه حوله وتضربه حولها المجموعة التي تتبادل السلطة؛ أننا فاشلون ومتخلفون وليس لدينا أية قدرات إبداعية وعقلية لوضع حلول ناجعة وعملية للتحديات الكبيرة التي تواجه بلدنا العزيز، فهذا يعني، أنه لن يأتي يوم وتحل فيه مشكلة واحدة من مشاكلنا، حتى لو استعان الرئيس، بكل الخبرات العالمية، وجعلها تعمل ليل نهار، على "حك" جلودنا، فما "حك" جلدك مثل ظفرك، هذا إذا كنتَ تؤمن –فقط- أن لديك يد فاعلة تتحرك، وليست معطلة، كما يظن سيادة الرئيس او دولة الرئيس، أو أي لقب يحبه.
مهلاً يا دولة الرئيس، أنتم فعلا تحتاجون إلى خبراء، لكن ليقدموا لكم تقييماً وتحليلاً عن سبب نظرتكم وقناعاتكم في قدرات هذا الشعب وليقولوا لكم أن معظمكم قد حصل على بعثات دراسية خارج الأردن أو كانت جميع أقساط دراساتكم الجامعية في الخارج مؤمنة ومدفوعة سلفاً، ولذلك فأنتم تظنون أن خريج الجامعات والمعاهد الأردنية هو شخص لم يحصل على القيمة الكاملة من التعليم والتأهيل، مع أن "هذا المبدع" كان يدرس ويعمل أيضاً ليؤمن أقساط دراسته، ويعمل أحياناً عملاً إضافياً للمساهمة في مصروف البيت، على عكسكم، فأنتم لم يخطر ببالكم يوماً معالجة مسؤولية أقساط الجامعة الباهظة، أو إيجار البيت، أو مصروف الأيتام الذين تعلقوا في رقابكم، فهل عرفتم لماذا حدث وأصبحوا مبدعين؟ ولماذا أنتم من يحتاج إلى المساعدة؟ كان عليهم – ولا زال- الإبتكار لحل التحديات التي تواجههم، وأعتبر نفسي أقل "أبسط" النماذج الأردنية في ذلك، فكنت أعمل صحفياً في شيحان عام 1990 وكان عليّ أن ادفع أقساط الدراسة ولما كان عليّ أيضاً أن أساهم في مصروف البيت، اضطررت أن أقوم ببيع الصحيفة التي احررها على "مثلث إشارات النشا"!! ثم إضطررت أثناء تلك المرحلة أن أعمل بدوام جزئي لدى معمل لتجليد الكتب، وبما أن معظم الأردنيين قد مرّوا بمثل هذه التجربة، كان من الطبيعي جداً، أن يكون الأردن مصنعاً للخبرات والكفاءات المنتجة القادرة على إيجاد الحلول لإدخال "الجمل في سم الإبرة"، وليس كما تظن حضرتك!!
فلتعلم أن تصريحاتك – يا دولة الرئيس- قد آلمتني بشدة، وكذلك فعلت بكل أردني شعر بالأسى والحزن العميق والإحباط الشديد من هذه التصريحات التي حاولتم سحبها من بعض مواقع الصحف الإلكترونية لكنها ستبقى مدى التاريخ، في الصحف المطبوعة والورقية، شاهدة على أنكم "حقاً" تظنون أن الأردن يفتقر إلى الكفاءات المبدعة، ومع ذلك سأبتلع الغيظ، وأطلب منكم –بأمانة- الأيعاز لشخص موثوق ويخاف الله عزوجل، أن يقوم بإعداد قائمة، تضم كل الخبرات الأردنية المتميزة، الموجودة خلف جدارك العازل، وينتظرون منذ زمن بعيد "إشارة جدّية" منكم للمشاركة والتفاعل، أو الذين هاجروا ويقدمون أحسن الأفكار للقطاعات الحكومية وغير الحكومية حول العالم، وهم المئات من عباقرة التخطيط والإبداع المعلوماتي والتقني والفني والإستشاري، ثم توضع تلك القائمة بين يديك، وتبحث أنت بنفسك عن أية وسيلة للإستفادة منها، حتى لو طلبتم منهم التبرع بعرض ما لديهم من أفكار ومخططات ومشاريع، والتي يمكنهم أن يبتكروها، للمساهمة في حل القضايا والتحديات والصعوبات، قبل الإستعانة بأحد يقدم لنا نظريات نعرفها كما نعرف أبناءنا، لكنكم تأخذونها بإعتبارها شيئا خارقاً، حسب مفهوم "ان الغريب عجيب".
للعلم أيضاً، فقد طالبتْ إسرائيل، قبل حوالي الشهرين، بعودة كل باحث إسرائيلي، إلى المقر في تل أبيب، مهما بلغت تكلفة عودته، وفي كل المجالات، وهؤلاء، سوف يضعون الحلول لإسرائيل، لإخراجها من المآزق التي وضعت الحكومة نفسها فيها، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وأخلاقيا، وأنت تعلم، أكثر مني، سبب هذا المثال، وهذا الربط، بين تصريحاتك، وبين ما تفعله حكومة الإحتلال الإسرائيلية وبين ما عليك أن تقوم به، إن كنت راغباً حقاً، في إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه حكومتك الموقرة، يا سيادة دولة الرئيس.