زاد الاردن الاخباري -
دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى بداية جديدة لعملية السلام ، مطالبة الجانبين بمعالجة القضايا الأساسية "بدون تأخير" ، متعهدة بان واشنطن ستكون شريكا متطلبا.
وجاءت دعوة كلينتون بعد ايام على اعتراف ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما بفشل جهودها لاقناع اسرائيل بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية ، مما انهى عمليا مفاوضات السلام المباشرة بعد ثلاثة اشهر على اطلاقها. ودعت الوزيرة الاميركية الاسرائيليين والفلسطينيين الى معالجة القضايا الاساسية التي تشكل موضوع النزاع بينهم حتى اذا لم يوافقوا على عقد لقاءات وجها لوجه لان الفلسطينيين يطالبون بوقف الاستيطان اولا.
وقالت كلينتون امام العديد من المسؤولين السياسيين الاسرائيليين والفلسطينيين والاميركيين "حان الوقت لمعالجة القضايا الاساسية لهذا النزاع: الحدود والامن والمستوطنات والمياه واللاجئون والقدس نفسها".
واضافت "في الايام المقبلة ستكون محادثاتنا مع كل من الجانبين جوهرية وستكون حوارات في اتجاهين على امل تحقيق تقدم حقيقي في الاشهر المقبلة بشأن القضايا الاساسية لاطار اتفاق محتمل".
وفي جميع هذه الملفات حضت كلينتون الطرفين على التوصل الى تسويات وعلى اخذ "قرارات صعبة" حتى في ما خص قضية القدس "المسألة الاكثر حساسية بين كل المسائل الاخرى".
واضافت الوزيرة الاميركية "نحن نبدأ هذه المرحلة بتوقعات واضحة" ، محذرة من ان "جدية الطرفين في سعيهما الى اتفاق ستقاس بمدى التزامهما في هذه القضايا الاساسية". وجددت الوزيرة الاميركية التأكيد على ان "وحدهما الطرفين قادران على انجاح السلام" ، داعية اياهما الى الامتناع عن "نسف الجهود". وقصدت كلينتون بمحاولات "نسف الجهود" تلويح السلطة الفلسطينية باللجوء الى الامم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية المقبلة ، وكذلك ايضا "الاعلانات الاستفزازية" عن بناء وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة. وقالت كلينتون في خطاب في اجتماع برعاية مؤسسة بروكنيغز في مركز سابان لسياسة الشرق الاوسط ان "الولايات المتحدة لن تكون شريكا متفرجا". واضافت "سندفع الطرفين الى عرض مواقفهم من القضايا الاساسية بلا تأخير وبالتفصيل".
وتابعت "سنعمل على الحد من الخلافات عبر طرح اسئلة صعبة وانتظار اجوبة حقيقية. وكذلك وفي حواراتنا الخاصة مع الاطراف سنقدم افكارنا ومقترحات لردم الهوة اذا احتاج الامر".
واكدت كلينتون ان المفاوضات المباشرة ما زالت ضرورية للتوصل الى اتفاق اطار لكنها تتوقع من الجانبين وبعد معالجة عدد من القضايا الاساسية ، اعادة مستوى كاف من الثقة للعودة الى الاجتماعات الثنائية بينهما.
وقالت الوزيرة الاميركية ان مسألة المستوطنات ستعالج الآن كجزء من الجهود الخاصة بتحديد حدود دولة فلسطينية مقبلة.
وأكدت كلينتون مجددا على "إن موقف الولايات المتحدة بشأن المستوطنات لم يتغير ولن يتغير .. نحن لا نقبل شرعية النشاط الاستيطاني المتواصل" ، محذرة اسرائيل من مغبة التأخر في إقرار اتفاق السلام الذي يسمح بقيام دولة فلسطينية ، وقالت إن التبدلات الديموغرافية الناجمة عن استمرار الاستيطان يهدد "مستقبل إسرائيل كدولة يهودية" ، ورأت أن تحقيق السلام في المنطقة "حيوي لضمان مستقبل إسرائيل". الا ان الفلسطينيين اصروا على وقف الاستيطان على الاراضي التي يطالبون بان تكون دولتهم المقبلة.وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بعد لقاء استغرق ساعة مع كلينتون "من السابق لاوانه التحدث عن خطة عمل" ، محملا اسرائيل مسؤولية توقف المفاوضات المباشرة.
وصرح عريقات لصحافيين امام وزارة الخارجية الاميركية ان "الحكومة الاسرائيلية كانت تملك الاختيار بين الاستيطان والسلام لكنها اختارت هذه المستوطنات". وقبل خطابها خصصت كلينتون يومها للقاءات منفردة مع المعنيين بهذا الملف. فقد اجرت محادثات مع وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيسة الوزراء الاسرائيلية السابقة تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما الوسطي المعارض.
ومع ان كلينتون تسعى الآن الى مناقشة قضية الاستيطان الا انها اعتبر ان القضية "الاكثر حساسية" بين كل القضايا هي مستقبل القدس التي يطالب بها كل من الجانبين لجعلها عاصمة له.
وقالت "نعتقد انه من خلال مفاوضات بحسن نية ، يمكن لطرفين الاتفاق على حل يحقق تطلعات كل منهما بشأن القدس ويحمي وضعها لشعوب العالم". ويعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو القدس "عاصمة ابدية وغير قابلة للتقسيم" للدولة العبرية. لكن ايهود باراك تحدث مجددا في المنتدى نفسه عن امكانية تقسيم القدس في اطار حل سلمي في الشرق الاوسط ، معبرا بذلك عن وجهة نظر مخالفة لموقف نتنياهو.
وقال باراك ان "القدس ستناقش في النهاية ... القدس الغربية واليهود (الاحياء اليهودية) لنا والاحياء العربية لهم وحل تفاوضي للاماكن المقدسة". وكان باراك طراح
في ايلول فكرة مماثلة ، مما اثار ردا فوريا من محيط نتنياهو.
من جهة اخرى ، قال باراك الجمعة ان اقامة "دولتين لشعبين" في المنطقة تشكل "الشرط الاساسي ليتاح لاسرائيل الاستمرار في تطوير الحلم الصهيوني". وسيتوجه المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل اليوم الى المنطقة حيث سيلتقي نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس ، حسبما ذكر الناطق باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي. وقالت كلينتون انه سيزور بعد ذلك عددا من العواصم العربية والاوروبية ، مؤكدة ان "للدول العربية دورا اساسيا لتلعبه من اجل انهاء النزاع". واضافت "عليهم القيام بخطوات تظهر للاسرائيليين والفلسطينيين ولشعوبها ان السلام ممكن وانه ستكون هناك فوائد ملموسة اذا تحقق".
وسيزور ميتشل مصر والاردن قبل ان يتوجه الى عواصم اوروبية عدة لعرض الرؤية الاميركية الجديدة للحل.
في رام الله ، دعا تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى عدم الرهان على خطاب كلينتون ، قائلا ان خطاب كلينتون "قديم بمضمونه وتفاصيله ، وقد سبق أن باعتنا الخارجية الأمريكية مثل هذه البضاعة في أكثر من مناسبة في جولات ميتشيل ".
من جهة أخرى ، استغرب خالد التصريحات التي أدلى بها وكيل وزارة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز في تشيلي ، والتي انتقد فيها اعتراف كل من البرازيل والأرجنتين بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران,1967 واعتبر أن هذا الموقف "يفضح بذلك مجددا سر هذا التحرك الأمريكي الجديد ، الذي يؤشر على تواطؤ أمريكي مع إسرائيل لقطع الطريق على اعتراف مزيد من الدول بدولة فلسطين".
وقال بيرنز للصحفيين في العاصمة التشيلية سانتياجو "نعتقد أن مثل هذا الاعتراف سابق لاوانه" ، مضيفا "فقط من خلال المفاوضات بين الطرفين نفسيهما الاسرائيليين والفلسطينيين سنكون قادرين على تحقيق حل الدولتين"
الدستور