زاد الاردن الاخباري -
رحلة يحسب لها الشخص أكثر من حساب .. فالمسافر من الأردن الى أي مكان في العالم يفكر بأشياء بديهية .. موعد اقلاع الطائرة .. موعد الوصول .. وماذا سيحضر معه من هدايا وأغراض سواء في رحلة الذهاب او العودة ... لكن هذه الأشياء لا تنطبق على من يريد ان يسافر الى فلسطين.
رحلة العذاب .. واقصد السفر الى فلسطين تبدأ بالتوجه الى جسر الملك الحسين في الشونة .. اخفض بقعة على وجه الأرض .. إجراءات اعتيادية على الجانب الأردني .. تفتيش وتدقيق على الأوراق الثبوتية .. ومن ثم الخروج من القاعة الى المكان المفضل لأكثرية المسافرين .. السوق الحرة .
حكاية السوق الحرة لا يفهمها الا من يسافر باستمرار الى فلسطين .. ففرق أسعار التبغ ومشتقاته بين الأردن وفلسطين يغري المسافرين لحمل اكبر كمية ممكنة من السجائر والمعسل الى الأراضي المحتلة وذلك لبيعها وتعويض تكاليف السفر .. ناهيك عن التجار الذين يأتون أصلا الى الأردن لشراء السجائر عدد مرات قد تتجاوز ال5 او 6 مرات يوميا حسب مواعيد فتح الجسور.
تنتهي الجولة في السوق الحرة بحمل ما تيسر من السجائر والمعسل .. ليصادفك عدد لا بأس منه من الركاب يطلبون منك حمل مزيد من السجائر نظرا لأنهم اشتروا كميات لا يسمح بحملها لتصادفك الجملة الشهيرة : " معك دخان يا شب " .. او "تحمل هالكروزين أغلبك " .. وبعدها نصعد الى الحافلة .
تخرج من جسر الملك حسين ونتوجه الى جانب الاحتلال بمسافة لا تتجاوز الكيلومترات القليلة .. ولكن قد تستغرق الحافلة ما يتجاوز 6 ساعات لتعبر هذه المسافة القليلة بسبب الإجراءات التي يتبعها الاحتلال والتي يتعمد فيها تأخير المسافرين لمدة غير معقولة وبدون سبب.
الرحلة مستمرة .. نهبط من الحافلة وتدور معركة على الحقائب والبحث عنها لادخالها الى ماكينة التفتيش لدى الاحتلال .. ومن لا يريد ان يدخل المعركة سيقع فريسة لعمال التحميل العرب العاملين لدى الاحتلال الذين لن يعطوك ادنى اهتمام ان لم "تشخلل جيوبك".
تبدأ مرحلة التفتيش لدى الاحتلال .. بوابات كهربائية .. وأخرى خاصة لاكتشاف البارود .. تفتيش ذاتي أحيانا .. واحيانا الجملة التي ترعب اغلبية المسافرين .. " استنى على الكرسي" .. والتي قد تأكل من وقت رحلتك ساعات عديدة.
بعد كر وفر ووقوف يمتد لساعات أحيانا .. يخرج ليبحث عن حقيبته بين مئات الحقائب .. يأخذها ويخرج الى مرحلة تفتيش أخرى .. لكن هذه المرة لدى جمارك الاحتلال .
هل انتهت الرحلة .. بالطبع لا .. تخرج الى الحافلات مرة أخرى وتتجه الى استراحة اريحا .. التي لا يوجد من اسمها أي نصيب فهي لا استراحة ولا ما يحزنون .. الميزة الوحيدة انك لا تضطر ان تقف في طابور طويل ولكن هنالك من ينتظرك على الباب .. عيونهم تراقب ... هل تتذكر ما قلنا في البداية حول الكمية المسموحة لشراء مشتقات التبغ .. هذه المرحلة الأخيرة هي الأصعب وخاصة للتجار حيث تشدد السلطة الفلسطينية على الكميات المسموح بادخالها.
تخرج من القاعة لتلسعك حرارة الجو حتى لو مساء .. ليتلقفك سائقي سيارات الأجرة الواقفين امام الباب .. ليوصلوك الى وجهتك الأخيرة .
هنا انتهت رحلتك التي قد تستمر ليوم كامل بمسافة لا تتجاوز كيلومترات تعد على أصابع اليد الواحدة ... وعند العودة الى الأردن تصادفك التفاصيل ذاتها ولكن بدون سماع الجملة الشهيرة .. معك دخان يا شب ؟ .