الوطن هو المكان الذي ولدت فيه، وعشت في كنفه، وكبرت وترعرعت على أرضه وتحت سمائه، وأكلت من خيراته وشربت من مياهه، وتنفّست هواءه، واحتميت في أحضانه، فالوطن هو الأمّ التي ترعانا ونرعاها. والوطن هو الأسرة التي ننعم بدفئها، فلا معنى للأسرة دون الوطن. والوطن هو الأمن، والسّكينة، والحريّة، وهو الانتماء، والوفاء، والتّضحية، والفداء. والوطن هو أقرب الأماكن إلى قلبي ففيه أهلي، وأصدقائي. وحبّي لوطني يدفعني إلى الجدّ والاجتهاد، والحرص على طلب العلم، والسّعي لأجله، لكي أصبح يوماً ما شابّاً نافعاً، أخدم وطني، وأنفعه، وأردّ إليه بعض أفضاله عليّ، وقد قال الشّاعر في حبّ الوطن: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي. إنّ الوطن هو أغلى شيء في حياتنا، لذا يجب علينا أن نحميه وندافع عنه ضدّ الأخطار والأعداء، ونكون دائماً على أتمّ استعداد للتضحية من أجله، وأن نفديه بأرواحنا ودمائنا في أي وقت.
حبّ الوطن ليس حكراً على أحد؛ حيث أنّ كلّ فردٍ يعشق ويحبّ وطنه، وديننا الإسلاميّ يحثّنا على حبّ الوطن والوفاء له، ولعلّ أكبر مثال نورده في هذا الموضوع، حين أجبر رسولنا الحبيب - صلّى الله عليه وسلّم - على فراق وطنه الغالي مكّة، فعندما خرج منها مجبوراً قال:" ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ "؛ فمن كلام رسولنا الكريم يتبيّن لنا واجبُ الحبّ الذي يجب أن يكون مزروعاً في قلب كلّ شخصٍ تجاه وطنه، سواءً أكان صغيراً أم كبيراً. ويعتبر حبّ الوطن رمزاً، وفخراً، واعتزازاً؛ لذلك يجب علينا أن ندافع عنه ونحميه بكلّ قوّة، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدّره لتوفيره الأمن لنا، فلهذا الوطن حقوقٌ يجب على كلّ فرد أن يلتزم بها ما دام يعيش فيه، ويأكل ويشرب من خيراته، ومن هذه الحقوق: المحافظة عليه، وحمايته من كلّ شرّ، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، والمحافظة على نظافته، وحماية ممتلكاته العامّة، وأن نفديه بأرواحنا في حال تعرّض لأيّ خطر. ولأن الشهادة امتياز، والتضحية في سبيل تراب الوطن واجب مقدس، وصدق مع النفس، فالشهداء هم من قال الله فيهم «منَ الْمؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىنَحْبَهُ وَمِنْهُم من يَنتَظِرُ»، فهم صدقوا، ونفذوا، ويستحقون ما نالوه من شرف إلهي رفيع.وحين التحدث عن ماهية الشهادة، ومكانة الشهيد وموقعه عند رب العالمين، والثواب الذي يحصله من بذل نفسه في سبيل رفع الظلم عن المظلومين، ودفع البلاء عن المنكوبين، لن تكون هناك كلمات أبلغ مما ترويه الفعاليات النسائية، من الأمهات، وبنات الوطن للأبناء. رحم الله شهداء الوطن واللهم ذويهم الصبر والسلوان