أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الجمعية العامة تناقش تقرير مجلس الامن للعام 2023 3103 أطنان من الخضار والفواكه وردت للسوق المركزي اليوم الخرابشة : النظام الكهربائي الاردني الافضل في المنطقة مؤتمر صحفي لوزير الطاقة حول التعرفة الكهربائية الجديدة غانتس: نستطيع إغراق لبنان بالظلام لكننا سندفع ثمنا باهظا تقليص كبير على كميات الطعام للأسرى الفلسطينيين خصم يوم عمل من راتب شهر حزيران بإسرائيل أونروا: انهيار شبه كامل للقانون والنظام في غزة فيتش سوليوشنز تتوقع نمو الاقتصاد الأردني قوات الاحتلال تقتحم قرية بيتللو غربي رام الله الأردن .. 747 مليون دينار عجز الميزان التجاري خلال نيسان اليكم مباريات الأربعاء بتوقيت الأردن مكافحة الفساد تحجز على أموال وممتلكات محال صرافة. عروض بأسواق المؤسسة الاستهلاكية العسكرية الحوثيون يعلنون استهداف سفينة إسرائيلية القضاة في لاهاي سيصدرون مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالنت قريبا الاردن .. نحو 6500 شكوى متعلقة بانقطاع الكهرباء انخفاض على أسعار الذهب في الأردن القوات المسلحة: مقتل مهرب وإصابة آخرين في عملية إحباط تسلل وتهريب مواد مخدرة ضابط مستقيل يقر بمشاركة جنود أميركيين مع إسرائيل
الصفحة الرئيسية من هنا و هناك ( ماتت مرتين )قصة قصيرة

( ماتت مرتين )قصة قصيرة

06-10-2018 07:15 PM

زاد الاردن الاخباري -

(ماتت مرتين)
قصة قصيرة
د.سلطان الخضور
بعد منتصف الليل،وقد كان وزوجه في زيارة لأهله، سمع والده يطرق الباب وينادي بصوت مرتفع، وقد كاد أن يفتح الباب، لأنه كان على عجلة من أمره.كان يصرخ افتح الباب ،إفتح الباب....أمك ماتت.
قال الفتى لا حول ولا قوة إلا بالله، وقام كالمضروب على رأسه وفتح الباب.
قال أبوه:"تعال شوف إمك ماتت".
فهرع إلى الغرفة التي تنام بها والدته واحتار ماذا يصنع.لحقت به زوجته وعندما وجدت والدته ممدده صرخت:عمتي ماتت؟لا لا،عمتي ماتت؟
خرجت أخواته وبدأن بالصراخ
أمي أمي، أمي ماتت.
سمع الجيران صراخ الأسرة وجاءوا مسرعين ليستطلعوا الأمر .قام الأب وأبنه بحرف فراشها نحو القبلة كما تسجى جثامين الموتى. وجاء الأب بالماء وأسقط نقاطاً من الماءفي حلقها وطلب من ابنه قراءة آيات من القرآن على روحها.
لحسن الحظ كان أحد الجيران طبيباً وقد حضر لما ذهب أحد الأقارب واستدعاه لرؤيتها. كان زوجها ينادي بألم وحسرة"كريمة...كريمة...إصحي ،قومي...كريمة...,لكن كريمة كانت في عالم آخر...لم تجب ولم تصحو
جاء الطبيب مسرعاً وعلى الفور قام بفحص جثمان الأم (المتوفاه)،لم تكن الأم قد ماتت ،كان مازال قلبها ينبض...ما زالت كريمة على قيد الحياة.
نصحهم جارهم الطبيب بنقلها إلى المستشفى،وكان من الممكن لو لم يحضر الطبيب أن تنقل إلى القبر.
أحضروا حافلة ونقلوها إلى المستشفى.أدخلت كريمة إلى قسم الأمراض الباطنية. فحصها طبيب المستشفى وسمع من زوجها وإبنها أنها كانت تعاني من التهاب الكلى، وقد أجريت لها عملية ربط الشريان بالوريد لتكون جاهزة لعمليات تنقية الدم عن طريق الشريان، فاستدعو أخصائي الكلى ونقلوها إلى قسم غسيل الكلى...وكانت جولتها الأولى مع عمليات غسيل الكلى...كانت رحلتها الثانية إلى الدنيا...ورحلتها الأولى مع العذاب.
أجروا لها عملية تنقية الدم التي استمرت ما يزيد عن الأربع ساعات، وكان زوجها وابنها وبعض الأقارب ينتظرون خارج القسم .
بعد الفجر بقليل، وإذا بعامل المستشفى يخرجها على كرسي متحرك ليعيدها إلى قسم الأمراض الباطنية، وإذا بها تجلس على الكرسي المتحرك، "يحيي العظام وهي رميم"هذه الآية رددها الجميع، لأنهم كانوا جميعاً في حالة يأس من شفائها، خرجت من القسم لكنها في حالة إعياء تام، جسمها ورقبتها في حالة ذبول تام، تماما كالشجرة الذابلة التي تقترب من الموت.
ومنذ ذلك الحين أصبحت في عداد مرضى الغسيل الكلوي، فصار عليها أن تنقل إلى المستشفى بواقع مرتين على الأقل في الأسبوع.شكل ذلك إرهاقاً مادياً وجسدياً للأسرة ،إذ عليهم دفع تكاليف الذهاب والإياب بسيارة خاصة ومرافقتها إلى المستشفى.كان يرافقها زوجها وابنها وواحدة من بناتها لتقيم معها.
قرر ابنها المرهق من ديون الزواج شراء سيارة-أي سيارة -اشترى ابنها سيارة بالأقساط وتحمل مرارة الدين وكابد الحياة، فقد كان عليه أن يداوم معلماً فترة الصباح، وينقلها للمستشفى الفترة المسائية ،ويعمل في مزرعة والده الصيفية خلال أيام الإستراحة من الذهاب إلى المستشفى.لم تكن كريمة لتستريح إلا لما كان يحضر ابنها البكر الذي أصبح الشريك الأساس في رحلة المعاناة، فعليه أن يتفقدها كل حين...ويناولها الدواء. وأحيانا عندما كانت تتعب، ينقلها إلى المستشفى ليلاً عندما، وأحياناً تتشنج نتيجة لنقص الكالسيوم كما كان يشير الأطباء.
كانت كريمة تحول إلى مستشفى الجامعة الأردنية بين فترة وأخرى لاجراء عملية ربط الشريان بالوريد من جديد لأن العملية التي كانت تجرى التنقية من خلالها كانت تتلف،وكان ابنها في كل مرة يعرض على الأطباء نقل إحدى كليتيه لأمه، إلا أن الأطباء لم ينصحوه بذلك معللين رفضهم بأنها في حالة صعبة، ولن تعيش طويلاً وأن هكذا تضحية لن تكون مجدية. وقد وصل الأمر أن نقلها ابنها وأبوه إلى العراق عندما سمعوا أن هناك من يتبرع بإحدى كليتيه لهكذا مرضى، وأقاموا في المستشفى أسبوع وهم يحاولون مع الأخصائي لزراعة كلية لها وكان الأخصائي يرفض ويقول"حرام،هذي الحرمة شرايينها ضعيفة ولا تتحمل عملية،فإما أن تموت تحت العملية ، وإذا نجحت لن تعيش أكثر من بضعة أشهر". كان ذلك في السنة التاسعة من المرض . وباختصار فشلت هذه المحاولة، فعادوا ثلاثتهم ولم يحصلوا حتى على خفي حنين، فكان عليهما إعادة الفلوس التي جمعها أقاربهم كمساعدة إلى أصحابها، فأعادوها جميعاً إلا ما كان قد تبرع به المختار "رحمه الله" ،فقد رفض أن تعاد فلوسه إليه وكانت عشرون ديناراً.
بقيت كريمة على هذه الحال حوالي ثلاثة عشر عاماً من تاريخ مرضها.
وفي ليلتها الأخيرة، وبعد عملية التنقية شعر الممرضون والطبيب أنها في وضع سيء، فقرروا إدخالها الى قسم الأمراض الباطنية ...ودخلت ...ولم تكن تدري، ولم يكن أحد يدري أنها ستفارق الحياة ...وهذه المرة إلى الأبد...نعم إلى الأبد.
ماتت أم صديقي الذي روى لي الحكاية وعيناه تذرفان الدموع.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع