زاد الاردن الاخباري -
تعددت الأشكال والعنف واحد... كذا هو حال عشرات المدارس في انحاء المملكة المختلفة ، فعلى الرغم من كون العنف ضد الطلبة والطالبات من الخطوط الحمراء ، إلاّ ان الظاهرة ما تزال موجودة وبحضور لافت في مدارسنا ، وسط شكاوى من عدم بذل جهود كافية للحد من الظاهرة والقضاء عليها.
وحتى لا ندور في حلقة مفرغة من كلمات فارغة من الحقائق ، تحدث عدد من اولياء امور طلبة لـ"الدستور" حول تعرض ابنائهم للعنف في مدارسهم ، وللاسف ان هذا الامر اقترف من مدراء المدرسة ، وبعض مدرسيها ، بأساليب مختلفة ، منها الضرب ، وآخر العنف اللفظي ، واجراءات اخرى تعسفية كحرمان بعض الطلبة من يومهم الدراسي بشكل كامل ، كلها صور حقيقة تحدث للاسف في مدارسنا ، ضاربين بعرض الحائط اي محاولات لمنع العنف وجعله من المحرمات التربوية.
قبل ايام تم الاحتفال بمرور عام على انطلاقة "نحو بيئة مدرسية آمنة" هذه الحملة التي اعطت روحا جديدة للبيئة التربوية المدرسية كونها أسست لحالة من منع العنف بشكل مدروس ، على اساس الحفاظ على معادلة حماية الطالب من العنف ، وبالمقابل الحفاظ على هيبة المدرسة والمعلم من اي تجاوزات طلابية ، فكانت بارقة امل لجعل مدارسنا آمنة من العنف ، ولكن للاسف ووفق احصائيات اليونيسف الجهة المشرفة على تنفيذ الحملة فان (10) مديريات من اصل (40) فقط التزمت بتطبيق الحملة حرفيا ، ونجحت بها ، الامر الذي يشير الى حاجة لاعادة هيكلة شاملة للمسألة حتى تؤتي اكلها.
وزارة التربية والتعليم بدورها لم تألُ جهدا في هذا الموضوع وحرصت على توفير التسهيلات اللازمة لادخال الحملة حيز التنفيذ بفاعلية ، اضافة الى انه سيتم قريبا توقيع اتفاقية مع وزارة الاوقاف بعدما تم تدريب (200) واعظ لالقاء دروس دينية في المدارس اسبوعيا ضد العنف ، وحث الجميع على نبذه.
على صعيد متصل ، سيتم قريبا ايضا توقيع اتفاقية ما بين اليونسيف ووزارة الداخلية للعمل مع الحكام الاداريين في محافظات المملكة كافة لمكافحة العنف في المدارس ، وتجريم من يقوم بمثل هذه الاجراءات تحديدا التي تمس الطلبة.
وفي التفصيل ، وللدخول بتفاصيل واقع ظاهرة العنف في المدارس التي بقيت للاسف موجودة على الاجندة التربوية حتى الان ، اكد عدد من اولياء امور الطلبة لـ"الدستور" ان ابناءهم يتعرضون للعنف في المدارس ، بأشكال مختلفة ومتعددة.
ياسر
ياسر وهو احد اولياء الامور الذين رفضوا الافصاح عن اسمائهم كاملة خشية ايذاء ابنائهم في المدارس ، ، اكد ان ابنته تعرضت للضرب في مدرستها من قبل مدرستها وتأنيبها بصورة مؤذية امام زميلاتها في الصف ، ليس هذا فحسب ، بل ايضا بطردها من الصف والطلب منها عدم حضور الحصة.
فاطمة
فاطمة ، والدة لطالبة من عشرات الطالبات في احدى المدارس بعمان حرمت من حضور يوم دراسي كامل بقرار من مديرة المدرسة ، التي عاقبت احد صفوف المدرسة لسماعها ضوضاء في الصف من يوم دراسي كامل ، وطلبت منهن جميعا في اليوم التالي احضار اولياء امورهن على الرغم من ان المشاغبات لم يكنّ كل طالبات الفصل ، بل عدد قليل كان يمكن معاقبتهن وحدهن.
وتضيف فاطمة حتى عند مراجعة مديرة المدرسة رفضت اعادة ابنتي لفصلها الدراسي ، الا بعد توقيع تعهد بعدم المشاغبة مرة اخرى ، علما بأن ابنتي لم تشاغب بالمطلق ، الامر الذي استدعانا لمراجعة جهات تربوية حتى لا يلصق بابنتي امرا لم تقترفه.
هند
هند ، والدة طالب في احدى مدارس عمان اشارت الى ان ابنها ايضا تعرض لعنف لفظي من استاذه ، وتلفظ امامه بالفاظ سيئة لا تليق بأي شخص ، خصوصا من معلم ، وعلى الرغم من مراجعة مدير المدرسة الا انه لم يقم باي اجراء ضد المعلم. وحتى نكون منصفين فالعنف مقسم بالمدارس بين الطلبة والمعلمين ، فهناك ايضا معلمون يتعرضون لعنف من الطلبة ، اضافة الى وجود طلبة في بعض المدارس بحاجة حقيقية لبعض العنف التربوي حتى يتم تصويب حالهم ، لكن هذا لا يلغي فكرة ضرورة الوصول الى مدارس خالية من العنف.
«اليونيسيف»
السيدة مها الحمصي مديرة برامج الطفولة المبكرة في اليونسيف اشارت الى انه وقبل الدخول بتفاصيل الحديث حول مكافحة العنف في المدارس لا بد من الاشارة الى دراسة قمنا باعدادها حول ظاهرة العنف في المدارس بينت ان العنف في المدارس بهدف التأديب تصرف مقبول بين شرائح كبيرة من مجتمعنا ، وهناك اكثر من (65%) من الاهالي يسمحون بضرب ابنائهم في المدرسة في حال ارتكابهم خطأ ، وبالتالي فانه وللاسف الامر مقبول اجتماعيا ، ومكافحته يحتاج الى تغيبر ثقافة وموروثات.
واشارت الحمصي الى انه تم اطلاق حملة "نحو بيئة مدرسية آمنة" لتحقيق معادلة الامن المدرسي وحماية الطلبة من اي عنف قد يواجههم من المدرسين ومدراء المدارس ، وللاسف انه بعد مرور سنة على اطلاق الحملة تبين ان (10) مديريات من اصل (40) فقط التزمت بالحملة ونجحت بتطبيقها ، وعليه تقرر اتباع نهج جديد للحملة حتى تعطي نتائج اكثر فاعلية ، من خلال تعزيز الخطاب الديني وكذلك الاستعانة بالحكام الاداريين. على صعيد متصل ، اعلنت الحمصي انه سيكون هناك تعاون قريب مع وزارة الاوقاف ووزارة التربية بعدما تم تدريب اكثر من (200) واعظ ليتم القاء محاضرات وخطب في المدارس لمحاربة العنف ، والسيطرة عليه ، وسيتم توقيع اتفاقية بين وزارتي التربية والاوقاف قريبا لهذه الغاية ، كما سيتم توقيع اتفاقية مع وزارة الداخلية للاستفادة من الحكام الاداريين في تطبيق الحملة ومنع العنف في المدارس ، كما سيكون خلال شهر نيسان المقبل احتفالية كبيرة تشهدها محافظات المملكة كافة لمحاربة العنف في المدارس ، مبينة اننا نتعامل مع موروث علينا تغييره والامر يحتاج الى وقت وجهد.
وحول آلية الوصول لهم قال الحمصي للاسف لا توجد سبل مباشرة حتى الان للاتصال مع مشرفي الحملة ، ولكن بشكل عام نحن نتابع بالتعاون مع وزارة التربية كل الشكاوى التي تصلنا من خلال وسائل مختلفة ونقف على تفاصيلها ونتخذ الاجراءات المناسبة بشأنها.
الدستور - نيفين عبد الهادي