كتب الدكتور سمير محمد أيوب - لا أعرف أحدا مِثاليَّا بالمطلقِ ، في الأردن ولا في غيرِها . خاصة بينَ مَنْ يتصدرون بالحقِّ أو بالغَصْبِ ، مُقدِّماتِ المسارح الكبرى ، في حياتنا العامة . إلا أني أعرفُ أُناساً هُناك ، على الرغم من بعض الهِناتِ ، أو الأخطاء أو العيوب ، فإنَّهم ما زالوا يستحقون الحب والإحترام والثقة . ترك بعضهم في أنفسنا وفي حياتنا ، خبراتٍ لها بصمات ولها نسائم . وبعضهم ترك تجاربَ حيرى لم تكتمل . ولبعضهم خربشاتٌ وخرمشاتٌ ، تُعَلِّمُنا تَجنُّبَ أمثالهم في أيِّ مستقبل .
يا سيدي هنا وهناك وهناك ، وقد إكتملَ كَرْشُ الإدارة الأردنية من زمان ، لا تَصنَعوا من الحَمقى والعجزة سادة ومشاهير . وإن إضطُرِرْتُم ، فلا تأخذوهم على محملِ الأبدية ، أوإلى تقنيات التدوير . فمهما إستولى القردة على أرقى السيارات ، أو أجْلِسوا خلفَ مِقْاوِدِها ، فلن يفلحوا في تشغيلها وفي توظيفها فيما صُمِّمَتْ مِنْ أجله .
الماكياج السياسي يا سادة ، ما عاد يُخفي بشاعةَ بعضهم . ولن يُضفي على سِحَنِ جُلِّهِم إلاَّ جَمالا مصنوعا ، كالعطر المُقَلَّدِ . قد تُعجِبك رائحته في البدء ، لكنه لن يدوم طويلا . وبعضهم شجرٌ صناعي ، مهما أسقيتَه ، فهو عاقرٌلا يُثمِر . ستجد بينهم من لا يفكر إلاَّ في نفسه ، ومَنْ سيخذلك ، ومن كَبْروتُس سئ الذكر ، سَيَتَنَكَّرُ لك وينقلبُ عليك .
بالتاكيد يا سيدي ، فإن جُلَّ من يُرَفَّعونَ بعدالة ِالحقِّ وصرامَتِه ، هم كالأوطان ، فِراقُهم غُربة . أو عُمْرٌ لا يُعادُ ولا يُنسى ولن يتكرر . أو كالأرواح فِراقُهم ممات . أما الكثير من رعايا الكوتا ، أو تصعيد الترضية ، أو صدف الحظ ، فهم للأسف كالأوبئة ، فراقهم حياة . يحاولون جعل بعض مناحي الوطن ، أمكنة خطرة جدا للعيش فيها ، ليس لكثرة الأشرار أو غلبتهم ، بل لصمت الأخيار عما يفعله الأشرار . فحتى بين بعض الأخيار ، بِتْنا للأسف الشديد ، نجِدُ فاسدٍا مُصَنَّعاً ، وفاسدا مطبوعا ، وبينهما مسافةً مُرهِقَة تتسع لفاسدٍ بالفطرة .
مهما حاولتم يا سادة ، مَكْيَجَةَ قِشْرَ البصل ، فلن يخرج منه مهما ضغطتُم ، إلا عصيرَ بصل . وكذلك بعض ما انْتَقَيتُمْ ، لن يعطوا عند الأزمات ، إلا ما تربوا عليه .
لِنُصلح شيئا من أحلامنا يا سادة ، نَعِدكم ، أن نلبس قبل أن ننام ، أجمل ما عندنا وأن نتعطر . ونرتب غرف الوطن . فبعض الذين قد يأتون بالحُلُمِ أو بالتمني ، يستحقون حفاوة أكثر ، من الذين يأتون بالواقع . ونعدكم أن لا نُعاتِب ، لأننا بالتأكيد لن نسامح .
الاردن – 20/10/2018