زاد الاردن الاخباري -
استعرض موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في تقرير أعده رئيس تحريره دافيد هيرست، التطورات التي يشهدها عالم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واصفا عالمه بأنه “يتقلص بسرعة”.
ويوضح الكاتب قائلا إنه وبعد غياب طويل في لندن، عاد عم ولي العهد، الأمير أحمد بن عبد العزيز، إلى الرياض حيث تم استقباله استقبال الأبطال. وقد توافد كبار الأمراء لاستقباله في المطار، ليعقب ذلك حفلات استقبال حضرها الأمراء وشخصيات من العيار الثقيل منها مدير المخابرات السابق خالد بن بندر ونائب وزير الدفاع السابق خالد بن سلطان وولي العهد السابق مقرن بن عبد العزيز. ويقال إنه لم تظهر أي صور حتى الآن للأمير أحمد مع محمد بن سلمان، رغم أن هناك تقارير أشارت إلى أن بن سلمان وأخيه خالد كانا في استقبال عمهما في المطار.
ويقول هيرست إن ذلك يُفهم منه إما أن الأمير أحمد رفض أن يتم تصويرهما معا، أو حتى لا يؤخذ ذلك على أن عودته كانت لتأييد إبن أخيه.
ويضيف هيرست أنه وقبل شهرين فقط، كان بن سلمان قويًا بما يكفي، بصفته ولي العهد السعودي الحالي، لوضع الكلمات في فم عمه. وقد حدث ذلك بعد أن اقترب الأمير أحمد من مجموعة من المتظاهرين اليمنيين والبحرينيين خارج منزله في لندن ليخبرهم أن عائلة آل سعود لا تتحمل أية مسؤولية عن الحرب في اليمن. وعندما سئل من قبل المتظاهرين: من المسؤول؟ أجاب: “الملك وولي العهد، وغيرهم في الدولة”.
ويتابع هيرست أنه وفي غضون ساعات من ذلك، نقلت وكالة الأنباء السعودية عن الأمير أحمد قوله إن “التفسير” بأنه انتقد الملك “غير دقيق”. وقالت الوكالة إن الأمير كان يقصد أن العائلة المالكة هي المسؤولة بسبب موقعها في الحكومة.
ويشير المحرر إلى أنه، وكما ذكر سابقا، فقد كان الأمير أحمد متمسكا بتصريحاته الأصلية واعتبر منفاه دائما. ولكن بعد شهرين، ومع صمت الإعلام السعودي الرسمي حول عودة الإبن الضال لمؤسس المملكة، الملك عبد العزيز، يعني أن بن سلمان لا يجرؤ على وضع الكلمات في فم عمه الآن.
ومنذ عودته هذا الأسبوع، عقد الأمير العائد الكثير من الاجتماعات مع إخوانه وأمراء آل سعود الكبار. وكان هناك نقاش مفتوح حول كيفية التعامل مع الأزمة الحالية. لكن لم يكن الأمر كذلك قبل بضعة أسابيع عندما كان بن سلمان في وضع يسمح له بفرض الرقابة الكاملة على الأسرة.
كل عضو في عشيرة آل سعود يشعر بحرارة مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في أوائل شهر أكتوبر/ تشرين الأول. وقد أفادت “ذي ديلي بيست”، اليوم الجمعة، أن مدرسة كنيدي التابعة لجامعة هارفارد أبلغت الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل، سفير الرياض الأسبق لدى واشنطن، بسحب دعوة كانت وجهتها له للمشاركة والحديث بإحدى ندواتها، بسبب جريمة قتل خاشقجي. وقد عبر الأمير عن صدمته قائلا: “لا أفهم كيف لشخص مثلي أن يكون له علاقة بأي مما يحدث في المملكة، وأن يتعرض للغمز، أو يوصم بالذنب من مؤسسة مثل هارفارد”.
وفي محاولة لتخفيف أثر عودة عمه، أفرج بن سلمان أيضاً عن الأمير خالد، الشقيق الأصغر للوليد بن طلال، من السجن.
ويرى هيرست أن بن سلمان انتقل، في أقل من أسبوع، من التبختر أمام العالم إلى “الاستعداد لهجوم”. ويقول في هذا السياق إن “غروره موثق بشكل جيد. فقط أعيدوا قراءة المقابلة التي أجراها مع بلومبيرغ بعد بضعة أيام من مقتل خاشقجي. استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن ينفجر حوله كم هائل من المشاكل”.
تفاصيل مثيرة
بعد أيام قليلة من مقتل خاشقجي، أرسل بن سلمان رئيس الاستخبارات خالد بن علي الحميدان إلى تركيا. وقد عاد الأخير قلقا حول مدى معرفة الأتراك وأبلغ الرياض أن الوضع كان سيئًا للغاية.
ويضيف هيرست أن مستشار الملك وحاكم مكة المكرمة، خالد الفيصل، كان قد وصل بعد ذلك إلى أنقرة حيث عرض على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدة عروض، من قبيل: أن تساعد السعودية تركيا في استثماراتها، وشراء الأسلحة التركية. إلا أن أردوغان قطع عليه الطريق، وفقا لمصدر مطلع، وسأله بصراحة: “هل تحاول رشوتي؟”. ووفقا للمصدر فإن الفيصل استمع إلى تسجيل مدته 15 دقيقة حول مقتل خاشقجي، ليعود إلى الرياض من دون تحقيق أي نتائج.
في الليلة نفسها، أجرى الملك سلمان أول مكالمة هاتفية له مع أردوغان. ونتيجة لذلك، تم الاتفاق على إجراء تحقيق مشترك. ومن ثم تلت تلك المكالمة الهاتفية مكالمة أخرى. وقال الملك سلمان لأردوغان: “سوف نتخذ تدابير. سيتم معاقبة الجميع”، وبعد ذلك جاء اعتراف سعودي رسمي بأن جريمة قتل وقعت في القنصلية، وتم اعتقال فريق القتل المكون من 15 شخصًا، وإقالة إثنين من كبار المسؤولين.
ويقول هيرست إنه ووفقا لمصادر مطلعة على المكالمات، فإن الملك سلمان وخلال مكالمته مع أردوغان بدا وكأنه كان يقرأ من ورقة. وقال أحد الحاضرين في مكتب أردوغان “عندما سُئل سؤالا لم يستطع الإجابة”، وإن أردوغان أخبر الملك: “إذا كانت المملكة العربية السعودية تريد إنقاذ نفسها، فنحن نريد الجثة”.
رأس بن سلمان
وكان الرئيس التركي قال، في مقال بصحيفة “واشنطن بوست”، أمس الجمعة، إن الأمر بقتل خاشقجي جاء من “أعلى مستويات” الحكومة السعودية. لكنه جزم أنه “لا يعتقد ولو لثانية أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أمر بقتل خاشقجي”.
وانتقد أردوغان عدم تعاون الجانب السعودي في التحقيقات، مشيرا إلى رفض النائب العام السعودي– الذي أنهى زيارة لاسطنبول- التعاون مع التحقيق والإجابة على أسئلة بسيطة. ووصف أردوغان ذلك بـ”الأمر المحبط للغاية”.
وقال إن قتل جمال خاشقجي ينطوي على أكثر بكثير من “مجموعة من المسؤولين الأمنيين”، مشددا على ضرورة تحديد هويات من نفذوا الجريمة، والكشف عن أولئك الذين يحاول المسؤولون السعوديون التغطية عليهم”. ووصف هيرست ذلك بالقول “لا يمكن أن تكون هناك رسالة أوضح من أن ثمن إغلاق هذه القضية هو رأس بن سلمان”.