زاد الاردن الاخباري -
عقد المؤتمر الدولي حول ليبيا في مدينة باليرمو الإيطالية في يومي 12-13 نوفمبر من العام الجاري. وحضر هذا الاجتماع قادة المجموعات المتحاربة في ليبيا وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والدول المهتمة بحل النزاع.
بعد يومين من المفاوضات المكثفة وافق المشاركون في المؤتمر على عقد المؤتمر الوطني الليبي في أوائل يناير من العام المقبل حيثما سيتم الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
من الجهة، كانت نتيجة المؤتمر بشأن ليبيا غير فعالية لأن لم يؤد الاجتماع في باليرمو إلى أي فوائد ملموسة لأهالي ليبيا. حينما يلتقي السياسيون لبحث عن طرق للخروج من الأزمة فيعاني الناس من عواقب التدخل الخارجي وإسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي في عام 2011.
من الجهة الأخرى، التقى المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، الذي كان في إيطاليا كشخصية غير رسمية، مع مشاركين على هامش المؤتمر. عقد حفتر والسراج محادثة طويلة خلال لقاءهما في سير اجتماع غير رسمي حضره رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبى كونتي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس تونس الباجي قائد السبسي ورئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف ورئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك. وعلى الرغم من أن لم يتم الكشف عن نتائج الاجتماع المغلق، فيجب الإشارة إلى أهمية عقده.
أولاً، كان يهدف الحوار على هامش لإيجاد أفضل طريقة للخروج من الأزمة الليبية. وقد أظهرت الأطراف من خلال مشاركتها فيها رغبتها والتزامها بحل النزاع في المستقبل القريب.
ثانياً، كانت من النتائج المهمة لهذا الاجتماع للأطراف المعنية عزل تركيا عن عملية التسوية السياسية للأزمة الليبية. وتدل على ذلك حقيقة أنه لم يُدع نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي لحضور هذا الاجتماع. ربما يتوقف ذلك على موقف خليفة حفتر الذي انتقد أنقرة والدوحة مرارًا وتكرارًا لدعمهما للإسلاميين في طرابلس.
في معرض تعليقه على نتائج المؤتمر أعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، عن نجاحه حيث اتفقت جميع الأطراف على اتباع خارطة الطريق الأممية. تنص هذه الوثيقة على وجوب تعديل الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه في مدينة الصخيرات المغربية عام 2015 وعقد المؤتمر الوطني بمشاركة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور الليبي وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد.
طرق تسوية النزاع
في غضون ذلك لا يكفي عقد مؤتمر في باليرمو لحل النزاع الليبي. سيواجه الرجل القوي في شرق ليبيا خليفة حفتر والسياسي الموالي للغرب فائز السراج حل العديد من القضايا وأهمها نزع سلاح من العصابات المسلحة وإطلاق عملية المصالحة الوطنية والانتعاش الاقتصادي.
تعتبر المهمة الأولى ضرورية لإنهاء الحرب الأهلية وإطلاق عملية المصالحة الوطنية الشاملة فهي قابلة لحلها تماما من قبل حفتر والسراج في تعاونهم. في الواقع إن المصالحة هي أصعب العناصر الثلاثة لحل الأزمة الليبية. ولا أحد سيساعد لليبيين في قضيتهم الداخلية. وعلى حفتر والسراج حل هذه المسألة وبذل الكثير من الجهود والوقت من أجل توطيد علاقات مع العديد من المجموعات الاجتماعية والعرقية والقبلية في البلاد. ولا شك أن هذا النهج لن يؤدي إلا إلى تسريع تهيئة الظروف المواتية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وسيصبح تشكيل قوة سياسية جديدة في البلاد مفتاحا لتحقيق الانتعاش الاقتصادي في ليبيا لأنه توجد فرص لتحقيق استقرار الوضع. وفقا لتقارير وسائل الإعلام، تتوفر على حسابات مجمدة تابعة لعائلة القذافي في البنوك الأجنبية حوالي 100 مليار دولار. فيعتقد خبراء الاقتصاد البارزون أن هذه الأموال يجب أن تكون كافية لاستعادة الاقتصاد الذي تم تدميره خلال السنوات السبع الماضية. ومع ذلك ستكون الأمم المتحدة قادرة على رفع التجميد عن الحسابات الليبية بعد إقامة السلطة المركزية في البلاد فقط.
هذا وعلى الرغم من الاختلافات والتناقضات القائمة بين أطراف النزاع، فإن المؤتمر الذي عقد في باليرمو يمكن إعطاء دفعة جديدة لتسوية النزاع الليبي. ويصبح اجتماع حفتر والسراج، فهما خصمان سياسيان، الخطوة الأولى الحقيقية نحو توحيد المجتمع الليبي وإحياء ليبيا في المستقبل.
فراس ساموري
كاتب وصحفي سوري مستقل