زاد الاردن الاخباري -
تظاهر مئات اللبنانيين في وسط بيروت، أمس، على غرار احتجاجات "السترات الصفراء” احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية ورفضا للواقع السياسي، في تحرك جاءت الدعوات إلى المشاركة فيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتجمع المتظاهرون في ساحة الشهداء، في وسط العاصمة اللبنانية، بعد قرابة أسبوع على انطلاق دعوات للاحتجاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين لم يتبن أي طرف سياسي الدعوة إلى هذه التظاهرة، التي يقول المشاركون فيها إنهم تحرّكوا من تلقاء أنفسهم.
ورفع المتظاهرون، الذين ارتدى بعضهم سترات صفراء، تيمّنا بحركات "السترات الصفراء” في فرنسا، لافتات تفاوتت في شعاراتها بين "إسقاط النظام” و”مكافحة الفساد” و”إقرار قانون استرداد الأموال المنهوبة”، فيما رفع أحد المتظاهرين لافتة تطالب بـ”الإسراع في تشكيل الحكومة” وأخرى تدعو إلى "إسقاط الحكومة”.
ويشهد لبنان أزمة سياسية حادة تحول دون تشكيل حكومة جديدة بعد تحوّل الحكومة الحالية إلى تصريف الأعمال على أثر إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد في ايار (مايو) الماضي.
وقال محمد (22 عاما — طالب جامعي) ” إن "هذه المظاهرة تعكس ألم الناس من سياسات الطبقة السياسية التي أفقرت الشعب ونهبت أمواله”، موجهاً الدعوة إلى "كل لبناني بصرف النظر عن انتمائه السياسي والطائفي إلى الاحتجاج لأننا كلّنا في الهمّ واحد”.
أما يارا (30 عاما — موظفة) فقالت، إن "النزول إلى الشارع هو أضعف الإيمان لمواجهة هذا الواقع السيئ، الذي يريد المسؤولون أن يفرضونه علينا إلى الأبد”.
وأضافت "طالما أن شيئا لم يتغيّر في هذا البلد، فعلى الكل أن يرفع صوته للمطالبة بإنهاء هذه المهزلة المستمرة منذ سنوات”، مشيرة إلى أن "هذه المظاهرة العفوية تظهر أن الشعب اللبناني ما زال حيا، ولن يقبل بأن تُسرق حقوقه”.
وعلى وقع الهتافات الاحتجاجية، سار المتظاهرون من ساحة الشهداء، التي انتصبت فيها شجرة ميلاد ضخمة، كانت موضع جدل خلال الفترة الماضية بعدما تردّد أن تكلّفت، إلى جانب زينة ميلادية أخرى في بيروت حوالي المليون دولار أمريكي، باتجاه ساحة رياض الصلح المجاورة، والواقعة على بعد أمتار قليلة من السراي الحكومي ومقر مجلس النواب.
وأنشد المحتجون أغنية قديمة للفنان الراحل حسن علاء الدين، المعروف بلقب "شوشو”، تقول كلماتها "شحادين يا بلدنا، قالوا عنا شحادين… جوعانين يا بلدنا وما عنا رز ولا طحين”.
وعلى مقربة من تمثال رياض الصلح، أحد رموز استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي، تجمّع بضعة شبان للحديث عن الحركة الاحتجاجية، وسط جدال حول جدوى البقاء في الشارع، والشكوى من الشعارات "العشوائية”، وعدم مشاركة الأحزاب في التحرك.
وقال أحد الشبان إن "التظاهرة اليوم تتسم بطابع عفوي، فليست هناك جهة معيّنة دعت إليها، فالكل حضر اليوم للتعبير عن وجعه، ولم يحرّكه أحد”، مضيفا "المسألة بسيطة للغاية، هناك شعب موجوع، استجاب لدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعيدا عن التسييس الذي ألحق الضرر في السابق بالحراك المدني”، في إشارة إلى التحرّكات الشعبية التي شهدها لبنان في صيف العام 2016، على خلفية أزمة النفايات. وأضاف الشاب "أنا وغيري من المتواجدين هنا، شاركنا في تظاهرة الأسبوع الماضي، وسنشارك في أي تظاهرة ترفع صوت الناس”.
وكان الشاب يشير إلى التظاهرة التي نظمها "الحزب الشيوعي اللبناني” في بيروت، يوم الأحد الماضي، احتجاجاً على السياسات الاقتصادية، والتي شارك فيها قرابة ستة آلاف شخص.
ولم تشهد التظاهرة أيّ أعمال عنف، في ما عدا قيام بعض الشبان برشق القوى الأمنية، التي انتشرت لحماية مقري البرلمان والحكومة، بعبوات المياه البلاستيكية، ما استدعى تدخلاً سريعا من قبل عدد من المتظاهرين الآخرين لاحتواء الموقف، ومنع تطوّره إلى مواجهات كتلك التي شهدتها بعض التظاهرات المتصلة بالحراك المدني، والتي استخدمت خلالها القوى الأمنية في السابق قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المحتجين.
ومع ذلك، فإنّ حالة الغضب لدى الكثير من المتظاهرين تصاعدت عند وصولهم إلى ساحة رياض الصلح، حيث ردد بعضهم هتاف "ثورة… ثورة”.
من جانبها، قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية، إن المتظاهرين أحرقوا عدد من مستودعات النفايات، في علامة على احتجاجهم على عدم حل أزمة القمامة، التي اندلعت بسببها تظاهرات قبل عامين تقريبا.
كما أشارت الوكالة اللبنانية إلى أن التظاهرات أسفرت عن مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الجيش، التي سعت إلى فتح الطرق التي أغلقتها الاحتجاجات.