زاد الاردن الاخباري -
قال وزير التنمية السياسية المهندس موسى المعايطة إنه "ليس من مهمات وزارة التنمية السياسية خلق أحزاب فاعلة في البلاد"، وإنها معنية بمهمة نقل وجهات النظر وأطروحات الأحزاب حيال القضايا المتعلقة بعملها الى الحكومة، مبينا أن إحالة قانون الانتخاب المؤقت بصفة الاستعجال إلى مجلس النواب لا "تعني انتهاء مناقشاته وإقراره" في دورته الحالية.
وجدد المعايطة تأكيده خلال مائدة مستديرة عقدها مركز هوية للتنمية البشرية حول محاور الإصلاح السياسي في البلاد أمس، على جدية الحكومة في إيلاء ملف الإصلاح السياسي أولوية في برنامجها، استنادا إلى خطاب العرش السامي وبيان الحكومة الوزاري.
وأوضح أن "حالة من عدم التوافق على محددات الإصلاح ما تزال قائمة، وأن اختلافات جذرية ترافق الحديث عنه حتى بين النخب السياسية في البلاد"، معتبرا أن قانون الانتخاب هو جزء فقط من عملية الإصلاح.
وفيما تباينت الأطروحات في أوراق عمل المشاركين حول أولويات الإصلاح، وتوافقت على ضرورة إعادة النظر في "النظام الانتخابي"، وإقرار قانون انتخاب دائم يعتمد قائمة التمثيل النسبية، واعتباره مدخلا أساسا للإصلاح، رأى باحثون أن هناك "فزاعات" تعيق عجلته.
وحول قانون الانتخاب المؤقت، لفت المعايطة في الندوة التي أقيمت بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية بين أن حوارا موسعا سيجري حول التعديلات المطلوبة عليه.
وأشار إلى أن العملية الإصلاحية ستشمل إعادة النظر في آلية الدعم المالي للأحزاب، بما يتوافق مع حجم الحزب ومشاركته وفاعليته، معتبرا أن تولي وزارة الداخلية تطبيق القانون بدلا من التنمية السياسية، يسهم في الإبقاء على "سياسة انفتاح التنمية السياسية على الأحزاب"، مشيرا الى أنه على الأحزاب أن تنمو نموا طبيعيا بعيدا عن دور الوزارة في ذلك.
ولفت المعايطة إلى أن الحكومة ستعمل على "مراجعة" قانون الأحزاب، استنادا إلى رد الحكومة في جلسة الثقة، موضحا أن المفهوم حول دور الوزارة غير دقيق وأن الاعتقاد بحصر مهمتها في إحداث تنمية سياسية في البلاد خاطئ، معتبرا إياها "مسؤولية المجتمع ومكوناته"، وأن مهمتها حث المجتمع على العمل العام.
إلى ذلك، قدم الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الزميل الدكتور محمد أبو رمان، قراءة تفصيلية، لما أسماه بالمعادلة السياسية "العاجزة" عن الإصلاح السياسي، التي تتخللها أربع جدليات تعطل عجلة الإصلاح السياسي، واصفا إياها "بالفزاعات" التي يرفعها التيار المحافظ في البلاد، ما أدى الى غموض في رؤية الإصلاح، نتيجة تضارب الخطابات بشأنه.
وتحدث أبو رمان عن تلك الجدليات وتأثرها بفزاعات: "الثنائية الديمغرافية" للسكان، و"تفرد الإخوان المسلمين في المشهد السياسي"، و"تغليب الإصلاح الاقتصادي على السياسي" إضافة الى فزاعة "ضعف الأحزاب السياسية وعدم أهلية البنية الاجتماعية"، داحضا المخاوف المرتبطة بها، فعجلة الإصلاح تتطلب طرح عقد اجتماعي جديد بدلا من أطروحات تطبيق المواطنة الكاملة على الجميع، أو "دسترة" قرار فك الارتباط، لعدم جدوى استمرار المعادلة السياسية القائمة في ظل بروز الهويات الفرعية وانفجار العنف الاجتماعي.
وبيّن أن التوافق على هذا العقد وتجديد خطاب الدولة ونخبها، بعيدا عن اختزال المشروع الإصلاحي بالثنائية الديمغرافية، لجهة التوافق على نظام وقانون انتخابي بالتدرج عبر إقرار القائمة النسبية ورد الاعتبار الى مؤسسة البرلمان، باعتباره المفتاح الذهبي لتحريك المياه السياسية الراكدة.
من جهته، ربط مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض في ورقته خلال المائدة، تباطؤ الإصلاح السياسي بعدم وجود إرادة سياسية لدى الحكومات المتعاقبة، بما في ذلك حزمة التشريعات المعيقة للحريات العامة، موضحا أن نصوصا قانونية في قوانين: الاجتماعات العامة والجمعيات والأحزاب السياسية وتمويلها، عملت على "تكبيل تحقيق إصلاح سياسي حقيقي".
واعتبر أن الإصلاح بحد ذاته، قوبل بقوى شد عكسية تمثلت في بعض النخب السياسية التي ترى أنه يهدد بقاءها.
من جانبه، قدم مدير مركز هوية الباحث محمد الحسيني رؤية حول إصلاح النظام الانتخابي، متطرقا الى جملة ملاحظات رافقت الانتخابات الماضية، مؤكدا ضرورة إعادة النظر في النظام الانتخابي ككل، بما في ذلك التدرج في إقرار القائمة النسبية كمدخل للإصلاح.
ولفت الحسيني إلى أنه رغم إجراء الانتخابات إلا أن إنشاء هيئة أو مفوضية مستقلة للإشراف عليها بات ضرورة ملحة، في حين إن إدراج القائمة النسبية من شأنها إيقاف ما وصفه بهدر أصوات الناخبين، مشيرا إلى أن أعضاء مجلس النواب الحاليين لم ينالوا أكثر من 20 % من مجمل أصوات الناخبين بحسب تقديره.
أما النائب جميل النمري، فقدم من جهته ورقة حول مشروع اللامركزية وأهميته في دفع عجلة الإصلاح السياسي، معتبرا بأن إقرار قانون اللامركزية لا يمكن النظر إليه إلا كجزء من مشروع الإصلاح والتنمية السياسية.
وأضاف النمري أن التمثيل والانتخابات جزء أصيل من فكرة المشروع لاعتبارات تتعلق بإشراك المجتمع في تقرير شؤونهم على المستوى المركزي، ما يتطلب أيضا إعادة النظر في مشروع دمج البلديات، داعيا الى ضرورة الإسراع في مشروع اللامركزية مع إنشاء آليات مراقبة، وإحالة الحكومة لصلاحيات التعيين والتنقلات والإنفاق العام الى السلطة المحلية.
وشارك في المائدة عدد من النواب من بينهم عبلة أبو علبة وسلوى الربضي ومحمد الحلايقة وعبدالقادر الحباشنة.