يُعتبر التلفزيون. أكثر وسائل الإعلام إنتشاراً، في وقتنا الحاضر، والأكثر تأثيراً، في حياة الشعوب والأفراد. هو يدخل بيتك بدون استئذان، ومن ضروريات البيت والاسرة، ويتربع في الزاوية الأهم في الغرفة الأهم، والتي هي غرفة المعيشة. حيث تجتمع بها الاسرة، معظم وقتها.
كان التلفزيون قبل بداية التسعينات من القرن الماضي. ضيف مؤدب، ويحظى بإحترام الجميع. كان بأسرنا بما يقدم من فكر وثقافة، ومسلسلات هادفة، وبرامج مسلية، وأغاني جميلة. وحتى الأفلام وإن كانت قليلة الإحتشام، فهي تعالج مشكلة إجتماعية، وتبرزها وتجد الحل لها. كان التلفزيون كالمؤسسة الحكومية، له وقت دوام ثابت لا يتجاوزه. يبدأ بثه وينهيه في ساعة محددة.
في بداية التسعينات، ومع ظهور الأطباق اللاقطة، والقنوات الفضائية، واستثمار الكثيرين بها. ظهرت خطورة التلفزيون. وظهرت نوايا القائمين على محطاته، وتوجهاتهم بإفساد الاسرة أولاً، والتي هي نواة المجتمع. وفسادها يعني فساد المجتمع بأكمله، من خلال ما يبثون على قنواتهم الفضائبة، من عهر وخلاعة وإنحطاط في القيم تدريجياً. ليسهل على الاسرة والمجتمع تقبلها أولاً وبتكرارها تصبح مشاعد العري والجنس أمراً عادياً ومتقبلاً، ولن يستغرب الأب والأم. إن فاجأ إبنته أو إبنه، بشاهدون فيلماً أو مسلسلاً. الممثلة به تنام في حضن الممثل، ويقبلها وحتى يمارس الجنس معها تحت غطاء!
إذاً هي عملية ممنهجة، ومحسوبة النتائج والجدوى، بالوصول إلى الهدف، من قبل القائمين على مثل هذه المحطات الفضائية، ولنعترف بكل صراحة أنهم وصلوا لغايتهم، بإفساد الاسرة. حيث أصبح الأب والأم، يتابعون المسلسلات، والأفلام بوجود أبنائهم وبتفاعلون مع أحداثها ويتأثرون بها، ولا ينكرونها. فالوضع طبيعي أن يشاهدوا الفتاة تحمل جنيناً في بطنها. خارج العلاقة الزوجية! وأن تسقطه خوفاً من الفضيحة، وأن تقوم بعد ذلك، بترقيع غشاء بكارتها! طبيعي جداً أن تهرب الفتاة مع عشيقها! طبيعي جداً أن تعشق الأم سائقها، والأب الخدامة، وحتى وصل الأمر. إلى تناول المثلية الجنسية فيما بين الجنس الواحد! ليكون التلفزيون الوسيلة الإعلامية الاخطر. بجرنا نحو الدياثة، ونحو الهاوية، ونحو القبول بهذا الوضع الاخلاقي المأزوم، والمتردي الذي نشاهده، ونعيش به في بيوتنا، وشوارعنا، ونوادينا، ومقاهينا.
من هنا أيضاً. يجب أن لا ننسى المحطات الفضائية، التي تهتم بتوجيه فكر الناس، أو ما يسمى: بالأدلوجة الفكرية، أو توجيه الخطاب، لجذب الجمهور وخاصة الشباب. لإعتناق أفكارهم ومعتقداتهم، والتي هي أشد خطورة من قنوات العهر والفحش. فتقوم بغسل أدمغتهم، وسلبهم خاصية التمييز والتفريق بين الصح والخطأ. لتوجيههم بالقيام بأعمال إرهابية في بلدانهم، تدمر منجزاتها وقتل الآمنين بها.
وللعدل والإنصاف. يجب أن لا ننكر وجود. محطات فضائية، ذات مستوى راقي. وأهداف واضحة. همها الإرتقاء بالاخلاق والفكر العربي. يقوم عليها إعلامييون ومختصون، وذو مهنية عالية، وهي كثيرة. لكن على الأب والأم البحث عنها، وتقديمها لأبنائهم .
الوضع جداً خطير. ولا بد نحن الأباء من العودة إلى اسرنا، وتقييمها ومعالجة الإختلالات بها، وترميم ما تساقط منها، وإن إقتضى الأمر إعادة بنائها من جديد.
يقول جوزيف غوبلز. وزير الإعلام الألماني، عهد هتلر: أعطني إعلاماً بلا ضمير .. أعطيك شعباً بلا وعي.