كتب د. مصطفى محمود رحمه الله كتاباً بعنوان "إسرائيل البداية والنهاية"، وفي ظل طبول الهزيمة والاستسلام للواقع المرير المراد فرضها وتمريرها على الشعوب يجدر ان نقرأ بعض ما كتبه المؤلف قبل ربع قرن أو تزيد /بتصرف/، إجابة عن أسئلة عديدة دون التدخل بإضافة أي كلمة للنص.
حيث يقول:-
يرفض حزب الليكود الحاكم مبدأ الارض في مقابل السلام ويعتبر الارض العربية المحتلة حقا مقدساً لإسرائيل تبني فيها من المستوطنات ما تشاء عملا بكلمات التوراة الارض التي تدوسها اقدامكم فهي لكم ولا نعلم ماذا سوف تدوس اقدامهم غدا وبعد غد.
إن جريمة التخاذل اشترك فيها الكل، ويجب أن يرجع عنها الكل.
المواجهة اليوم ليست بصدد أرض فقط بل هي بشأن دين وكرامة وبقاء، أو عدم بقاء أمة لها بصمة عريضة في التاريخ.
والثلاثة عشر مليون يهودي لن يرجحوا في الميزان كفة ألف مليون مسلم، والترسانة النووية لن تصنع انتصاراً لإسرائيل وهي لم تنجد روسيا حينما انهارت.
ان السلاح وحده لا يستطيع أن يصنع نصرا حضارياً، وهل صنع للتتار شيئاً وهم الذين انتصروا على المسلمين ثم دخلوا في الإسلام رغم انتصارهم، إن الحكاية أكبر مما يتصور الذين خططوا لها، إننا نقف على مشارف منعطف تاريخي خطير.
العراق
وما من دولة من دول المواجهة العربية إلا وستصاب في أرضها واقتصادها وأبنائها واستقلالها إذا أخطأ أولو الأمر فيها حساباتهم .. ومنذ سنوات حينما تجمع العرب مع دول العالم لضرب العراق في حرب الخليج قلنا لهم ساعتها.. إنكم تضربون العراق بأيد أمريكية وسوف يكون النصر داميا لنفوس الجميع .. وسوف يكره كل واحد نفسه وأخاه.. وسوف تفتح جراح عربية لا تندمل.. سوف تستنزف الثروات العربية بدون جدوى .. وكلما احتاجوا إلى رشفة أخرى من المال العربي .. وقد حدث كل هذا وأكثر.
لقد كانت مكيدة محكمة شربناها جميعاً وجاءت القواعد العسكرية الأمريكية لتحتل سواحل الخليج والجزيرة العربية تحت شعار معلن هو حماية بترول العرب من أجل العرب.. وبدأ الكل يدفع فواتير الاحتلال الجديد ونفقات الجنود الأمريكان بالدولار وبالبترول المرهون تحت الأرض إلى ما شاء الله، ونزلت بعض الميزانيات العربية إلى ما تحت الصفر والحسابات الدائنة أصبحت مدينة والجيوب الملآنة غدت خاوية، وأسدل الستار على الفصل الأول من المأساة.
واليوم يرتفع الستار عن الفصل الثاني من المكيدة الأمريكية، والابتزاز الغربي ليضغط الدائنون الكبار على دول المنطقة. الجريحة التي تنزف دما واقتصادا ليقبلوا الأفعى الإسرائيلية في الحضن العربي، ويفسحوا لها مكاناً في أرضهم واقتصادهم ولقمة عيشهم ويوقعوا على سلام إسرائيلي بشروط إسرائيلية وذلك من أجل أن تتدفق الأرض لبناً وعسلاً ويعم الرخاء على الجميع.
واللبن والعسل والرخاء الموعود والجنة الإسرائيلية الفصل الأخير والختامي من المأساة، حينما تفتح إسرائيل نيران ترسانتها العسكرية في مشهد العشاء الأخير الذي يعود فيه يهوذا الاسخريوطي لينتقم من أولاد العم فيما يسمونه في الكتب القديمة معركة هرمجدون، وهي ليست سوى الصليبية الثانية، التي يحلم بها الغرب ليضع بها النهاية الخاتمة للإسلام وأهله وتلك أحلامهم، وقد تحقق منها الفصل الأول بحذافيره.
مصر
ولنقرأ معا ما تقوله المنظمة الصهيونية العالمية عن مصر في مجلة (كيفونيم) أي التوجهات عدد فبراير 1982 (الصفحات 49-59):
إن مصر بصفتها القلب المركزي الفاعل في جسد الشرق الأوسط نستطيع أن نقول إن هذا القلب قد مات، وأن مصر مصيرها إلى التفتت والتمزق بين المسلمين والأقباط، ويجب أن يكون هدفنا في التسعينات هو تقسيمها إلى دولة قبطية في الصعيد ودولة إسلامية في الوجه البحري، وفي لبنان التي ستخرج منهكة من الحرب الأهلية سيكون الأمر أسهل في تقسيمها بين الطوائف المتقاتلة إلى خمس محافظات شيعة وسنة ودروز وموارنة وكتائب، وسوريا نستطيع أن نقسمها إلى دولة شيعية بطول الساحل ودولة سنية في منطقة حلب وأخرى في دمشق وكيان درزي في جزء من الجولان، والعراق الغني بالبترول والمنازعات الداخلية ما أسهل أن يقع فريسة الفتن إذا أحكمنا تخطيطنا لتفكيكه والقضاء عليه.
وإسرائيل تتخذ لظلمها أسماء جديدة:
فنهب الأرض تسميه تصحيحاً للأوضاع.
والاستعمار تسميه استيطاناً.
وقتل الفلسطيني تسميه عدالة.
وتعذيب السجناء تسميه شرعية قانونية وتسن له قوانين جديدة تبيحه وتفرضه.
والتجسس تسميه بعثات إعلامية.
والعدوان تسميه سلاماً.
لقد تنازل العرب عن الكثير ولم يبق إلا أن يتنازلوا عن هويتهم ومواقع أقدامهم، وهناك حدود للتنازلات العربية فليس وراء العرب الآن إلا الصحراء والشتات!!
ولحديثه بقية........
حرره سالم الفلاحات
22/5/2019م