البساطة ودوام الابتسامة ورقة القلب وحسن الكلام ورفعة المنطق وجمال الروح تختلط هذه بتلك وتتحد كلها مع الكرم والجود وبياض اليد وحسن الأداء وطيب المعشر لتنتج شخصية نسائية فريدة، شخصية قيادية مؤثرة آمنت بأن الوجود رسالة وأمانة فحملتها وطرزتها بحسن الأداء، ففازت فايزة الزعبي بمحبة الناس، فكل من عرفها، ذكوراً وإناثاً شيوخاً وشباناً وأطفالاً أوجدوا لها مساحة في قلوبهم، بنوها على أعمدة من المحبة والثقة لمن عملت بثقةٍ ففازت بثقة الجميع، وبادلتهم حباً بحب وحاجةً بعطاء. امرأة نذرت نفسها لتكون أيقونة للخير في هذا الوطن المعطاء. شخصية جبلت على حب الثقافة واحترام المثقفين . شخصية عرفت معنى العمل التطوعي فتطوعت في سن مبكرة لترجمة النظريات إلى عمل والمعنى الى إنجاز والحلم إلى واقع.
أم رائد حصنت نفسها بحسن الخلق، وبعد الرُّؤى ووضوح الرؤيا، رسمت رسالتها بأحرف من نور، فارتفعت بسمو الخلق، وترفعت عما يمكن أن يجعلها موضعاً للتساؤل.
أم رائد آمنت برسالة التربية والتعليم فاعتنقتها وحملت أمانة العلم والمعرفة ما ناف عن الثلاثين عاماً، فبلغتها وتخرج على يدها أفواج من طلبة العلم وما أكثر الذين ما زالوا يحفظون ودها، فرسائل الشكر الشفهية والمكتوبة، هي زاد يومي يصلها حين تحل وأينما تستقر، ونظرات الإعجاب لا تفارق عيون من يشاهدونها وهي ترعى الإحتفالات الوطنية والدينية والثقافية والاجتماعية.
أم رائد عرفت قيمة الإنسان وعرفت معنى الموارد البشرية فركزت على التنمية البشرية عن طريق العمل الطوعي، فبعد التقاعد من الوظيفة كانت
عضواً مؤسساً وعضو إدارة لمبرة أم الحسين، ورئيساً لملتقى المرأة، ولحسن النوايا، حصلت على مرتبة سفيرة النوايا الحسنة، ونالت المئآت من شهادات التقدير والأوسمة والدروع التي تعبر عن امتنان كل من عرفها لجهودها.
السيدة فايزة الزعبي سيدة وطنية وشخصية اجتماعية بامتياز. نشمية من نشميات الوطن، كتبت سفراً من أسفار المحبة والإخلاص، فبذرت بذوره على مساحات شاسعة من أرض الوطن فأنبت كل حرف من أسفارها سبعاً من سنابل العطاء، فغرست سنابل العطاء في أرض العطاء، لتخرج كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء. بذرت سنابلها في ارض الوطن فأتت أكلها وساهمت في كثير من محطات البناء، لأنها أدركت في سن مبكرة معنى الإنتماء، فأحبت كل من حولها وأعطت فأجزلت العطاء.
انخراط أم رائد المبكر في العمل التطوعي كعضو مؤسس لجمعية مبرة الملك حسين الخيرية منذ عام 1960 وكمنسقة لتجمع لجان المرأة والمساهمة في تأسيس اتحاد المرأة، وعضويتها في اتحاد الجمعيات الخيرية، إضافة لمشاركتها في العديد من المؤتمرات داخل وخارج الوطن وغير ذلك الكثير مما لا يحتمل المقال ذكره، صقل شخصيتها وأهَّلها لنيل الأوسمة الملكية مرتين، كانت الأولى في عهد المغفور له جلالة الملك الحسين حيث حصلت على وسام التربية والتعليم، والثانية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حيث حصلت على وسام الاستقلال.
أم رائد لا تزاحم أحداً على موقع أو على كرسي، تجلس حيث ينتهي بها المجلس ولا تقول إلا ما يجب أن يقال، ولا تتحدث إلا في صلب الموضوع، كلماتها لا تحتمل التأويل ولا تقبل التورية، تخفض صوتها عند الحديث احتراماً لمن يجالسها، لا تفارقها الابتسامة مقبلة ولا مدبرة، لها حضور مميز، تترك أثراً في النفس وفي المكان.
سيكتب التاريخُ تاريخَ أم رائد بأحرف من نور، وسيبقى اسمها وشماً على صدر الوطن.