زاد الاردن الاخباري -
ينهي رئيس الوزراء المكلف د. معروف البخيت قبل ظهر اليوم الخميس مشاوراته مع مجلس النواب برئيس واعضاء كتلة الشعب النيابية "15 نائبا", لينهي لقاءاته بالالتقاء مع النواب المستقلين الذين ارتفع عددهم امس إلى 23 نائبا بعد استقالة 3 نواب من عضوية كتلة العمل الوطني.
وقضى البخيت طيلة امس في لقاءات متتالية ومطولة قسمها على وجبتين بدأت الاولى بلقاء رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري, ثم برئيس مجلس النواب فيصل الفايز, قبل ان يبدا مشوار حواره مع الكتل البرلمانية بدءا بكتلة الوفاق الوطني, ثم بكتلة العمل الوطني ليأخذ استراحة خارج المجلس, قبل ان يعود الساعة الرابعة ليستكمل لقاءاته مع كتل التيار الوطني, والتغيير, والمستقلة, والتجمع الديمقراطي.
واجرى البخيت مشاوراته مع النواب وسط اجواء نيابية غير مريحة تماما, فقد سمع في كل لقاءاته الكثير من الانتقادات التي وصلت اليه شخصيا ليعلن بانه على استعداد لفتح كافة الملفات التي كانت في حكومته السابقة ويحيلها اما إلى القضاء, واما إلى مكافحة الفساد, أو وفقا لما يراه النواب مناسبا.
5 مهمات صعبة في طريق الرئيس
ويواجه البخيت 5 مشكلات في غاية الصعوبة امام امتحان حكومته التي من المتوقع الاعلان عنها اما السبت أو الاحد.
واولى هذه المشكلات الساخنة ثلاثة ملفات رئيسية لم يتردد العديد من النواب في مواجهته بها امس وهي ما قيل عن تزوير في الانتخابات البلدية التي اجريت في 31 تموز عام ,2007 والانتخابات النيابية في 20 تشرين ثاني عام ,2007 وملف الكازينو.
ولم يتردد نواب بمخاطبته مباشرة" ستظل هذه الملفات تطاردك", لكنه اكد على استعداده لاحالة هذه الملفات اما إلى القضاء واما إلى هيئة مكافحة الفساد.
وثاني هذه المشكلات الساخنة ما يكنه العديد من النواب الحاليين من عداء شخصي للرئيس المكلف, وهو ما تبلور سريعا في دعوة نواب لتشكيل لوبي نيابي للاعلان عن حجب الثقة مبكرا, وهو ما تبناه بوضوح النائب مجحم الصقور, فيما كان العديد من النواب يرددون في ردهات المجلس لن نمنحه الثقة", و " لن ينجح..".
وثالث هذه المشكلات الكبرى التي سيواجهها د. البخيت مشكلة النواب الخاصة هذه المرة والمتعلقة بمحاولتهم لاستعادة الثقة التي فقدوها عندما منحوا حكومة سمير الرفاعي ثقة 111 نائبا.
ويسعى النواب إلى رد اعتبارهم امام الشارع والناخبين, مما سينعكس سلبا على طموحات د. البخيت بالحصول على ثقة سهلة من مجلس نيابي لا يزال يعيش تحت تاثير الصدمة من رحيل الحكومة السابقة, والحيرة الضائعة في كيفية استعادة ثقة الناخبين ودعم الشارع.
ورابع تلك المشكلات التي تقف في وجه الرئيس المكلف شعور النواب بأنه قادم لحل مجلسهم, واجراء انتخابات جديدة على اساس قانون انتخاب لم يخف الرئيس المكلف مهمته الاستراتيجية باستعادته, وتولي حكومته اجراء الحوارات الوطنية حوله, ما يعني سحب البساط من تحت اقدام مجلس النواب الحالي.
وتحت تاثير هذا الشعور الذي تبلور مبكرا لدى النواب فإن المجلس لن يتعامل بنعومة مع حكومة البخيت المقبلة, وسيعمل على وضع العراقيل امامها, مما يعني ان ازمات سياسية ساخنة ستعصف بالطريق غير المعبدة امام البخيت, وستشهد الفترة المقبلة علاقة اكثر من متشنجة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, قد تكون اكثر سخونة من تلك العلاقة التي حكمت المجلس النيابي الرابع عشر بحكومة د. عدنان بدران.
وخامس هذه المشكلات تلك المتعلقة بما يجري من عواصف في المنطقة والاقليم ومن تقلبات سياسية متعددة من المتوقع ان يكون لها صداها في "بر الشام", ولن يكون الاردن بعيدا عنها, ومن المرجح ان تستمر التظاهرات الاحتجاجية, رغم الانقسام غير المفهوم الذي جرى امس في صفوف ما يسمى "أحزاب المعارضة", التي انسحب بعضها من خطة مواصلة الاحتجاج والاكتفاء برحيل الحكومة السابقة, فيما ذهبت احزاب اخرى"جبهة العمل الاسلامي والوحدة الشعبية" إلى مواصلة الاحتجاج السلمي على الحكوة الجديدة, والمطالبة بالاصلاح السياسي, وحل مجلس النواب.
سيناريوهات خطرة ..
هذه المشكلات الخمس الكبرى سيكون لها توابعها, واستحقاقاتها المتعددة على حكومة البخيت المنتظرة, وستكون امامه مهمات صعبة للغاية, قد تعصف بالسلطتين وان كانت السيناريوهات المتوقعة تذهب في استقراء الخارطة المقبلة بعينين مختلفتين هذه المرة, عين تقرأ الخارطة من كراسي النواب, وعين اخرى تقرأ تضاريسها بعين الدوار الرابع, الذي اعلن البخيت امام النواب بانه سيعود إلى المكتب القديم في الدوار الرابع"رئاسة الوزراء القديمة".
والعين التي تقرا تضاريس المرحلة المقبلة بعيون "خاصرة العبدلي" ترى ان الحكومة الجديدة ستنهي نيابتهم مبكرا, وهي محملة بملفات يعتقدون انها تشكل خطرا على استمراريتهم كنواب, وفي مقدمتها قانون الانتخاب الذي اعلن رئيس الوزراء مستندا إلى توجيهات جلالة الملك بانه سيسحبه من المجلس وستتولى حكومته اجراء الحوار الوطني حوله.
وفي هذا السيناريو يتوقع النواب ان تقر الحكومة قانون الانتخاب وتعرضه عليهم ربما في الدورة الاستثنائية المقبلة, ومن ثم يتخذ الرئيس المكلف قراره بالتوصية إلى جلالة الملك بحل المجلس بعد ان تكون كل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية جاهزة للانخراط في انتخابات برلمانية تجرى على اساس نظام التمثيل النسبي.
وهذا ما لم يخفه النواب امس, وفي النوايا ما هو اكثر من ذلك, ففي التفاصيل التي تحدث نواب عنها ذهبوا إلى ان هذه الحكومة" يجب ان تنتهي قبل ان ينتهي المجلس..", وهو كلام اقرب لان يكون شعارا انتخابيا, الا انه بالمقابل يكشف تماما عن خارطة التوجهات البرلمانية المقبلة تجاه الحكومة الجديدة.
والسيناريو الاخر الذي يقرأ تضاريس المرحلة المقبلة بعيون الدوار الرابع ترى ان الحكومة جاءت إلى مجلس النواب بقلب مفتوح, لكن هناك استحقاقات يجب ان تدفع, وهناك ملفات يجب ان تفتح, وفي مقدمتها بالطبع ملف الاصلاح السياسي الذي جاء هذه المرة بتوجيهات ملكية صارمة لا تحتمل التاخير والتاجيل, وهو الذهاب إلى ابعد حد ممكن في اختيار نظام انتخابي جديد يرضى عنه الاردنيون جميعا ليصبح قانونا ناظما للعملية الانتخابية المقبلة, ولكونه ايضا القانون الذي يشكل بمضمونه الاب الشرعي لاي اصلاح سياسي.
تصريحات الرئيس .. بين حل المجلس أو بقائه
ورغم ان رئيس الوزراء المكلف لم يكتشف خطأ تصريحاته للصحافيين التي ادلى بها مبكرا امس ردا على سؤال عما اذا كانت حكومته ستحل مجلس النواب, فإنه تحت ضغط النواب اعضاء كتلة التيار الوطني التي التقاهم في وجبة حواراته المسائية دعا الصحافيين سريعا لتوضيح ما كان قاله عن مستقبل المجلس وعلاقة حكومته به.
وفي تصريحاته المسائية حاول البخيت تصحيح مسار تصريحاته التي اثارت غضب النواب واستهجانهم, فقد نفى البخيت بشدة ان يكون قد تحدث أو اشار إلى انه قصد من تصريحاته حل المجلس قائلا" ان حل المجلس بيد جلالة الملك".
واضاف البخيت في اطار جهده المبكر لسحب فتيل ازمة مبكرة جدا مع النواب"انني انفي جملة وتفصيلا ما تم تداوله عن حل المجلس, فالمجلس محل احترام كبير, وشريك اساسي, وان حله أو بقاءه بيد جلالة الملك وحده".
وتابع البخيت دفاعه المبكر عن افكاره المقبلة" ان الايحاء بان المجلس سيقر بعض القوانين ثم يتم حله قبل نهاية مدته الدستورية كلام غير حقيقي وغير منطقي".
لكن البخيت لم يقل ذلك تماما في تصريحاته الصباحية, فقد اجاب في رده على ذات السؤال"من المبكر الحديث عن حل مجلس النواب الان, والاولوية العاجلة لقانون الانتخاب".
والسيناريوهات الاكثر تداولا الآن تتحدث عن اسوأ السيناريوهات التي يمكن لاي نائب حالي ان يفكر فيها أو حتى يحتمل التفكير فيها, وتتعلق بان تسترد الحكومة قانون الانتخاب, وتعمل عليه منفردة, وفي حال اصبح ناجزا فإن قرار حل المجلس سيكون ناجزا في موازاته.
ويضيف اصحاب هذا السيناريو ومنهم نواب, ان الحكومة لن تحيل قانون الانتخاب إلى المجلس, لكن من المرجح ان يتم ادخال المجلس في اختبار لقياس مدى استجابتهم للقانون, وفي كلتا الحالتين فان حل المجلس سيبقى قائما, وان الدعوة إلى انتخابات مبكرة اصبحت اكثر من مؤكدة.
الا ان هذه السيناريوهات التي يتم تداولها تتحدث عن شروط يجب ان تتوفر للاقدام على خطوة بحجم وقوة وتاثير الدعوة إلى انتخابات مبكرة, وفي مقدمته اللحظة السياسية المناسبة, ومزاج المجتمع الاردني تجاه مجلس النواب, مما يعني ضمنا ان استمرار الاحتجاج على المجلس والمطالبة بحله ستكون احدى ابرز الاوراق الضاغطة على صاحب القرار السياسي تجاه إدامة المطالبة بحل المجلس.
الرئيسان في "قاعة الصور"
وكان البخيت قد ادلى بتصريحات صحافية مرتين فقط كانت الاولى عقب لقائه بكتلة الوفاق الوطني حين اكد على انه سيعمل وفق شراكة حقيقية مع مجلس النواب, ادراكا لحجم المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق السلطتين التنفيذية والتشريعية لمواجهة مختلف التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقال البخيت للنواب في حواراته التي احتضنتها قاعة الصور, ان كتاب التكليف السامي كان واضحا ومحددا, للمضي قدما وبشكل حقيقي في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي, مؤكدا على ان الاولوية ستكون للاصلاح السياسي وفي مقدمتها قانون الانتخاب, اضافة إلى جميع القوانين الناظمة للعمل السياسي والحزبي كقانون الاجتماعات العامة, وقانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
واشار البخيت بوضوح ان قانون الصوت الواحد لم يعد صالحا, وان النية تتجه إلى سحب قانون الانتخاب من المجلس, وان تتولى الحكومة اجراء الحوار الوطني حول القانون قبل اعادته إلى المجلس.
وقال البخيت ان النية تتجه إلى اعتماد القائمة النسبية, لكنه لم يتم تحديد ما اذا كانت النية تتجه إلى اعتماد القائمة النسبية على مستوى المحافظة, أو على مستوى الوطن, قائلا ان حوارا حول هذه التوجهات سيجرى لاحقا.
واضاف البخيت ان النهج الاقتصادي لحكومته يعتمد على عدم الاستسلام إلى السوق باعتباره قدرا, ولكن لا يمكن العودة بنفس الوقت إلى الوراء, لذلك لا بد من استنباط سياسات اقتصادية تعزز دور الدولة الاجتماعي.
واعترف البخيت بوجود ما اسماها اخفاقات تحتاج لمراجعة حقيقية, معترفا بوجود انجازات كبيرة حققها الاردن خلال العقدين الماضيين, داعيا لاجراء مراجعة حقيقية لمختلف السياسات بما يخدم قضايا الوطن والمواطن.
وحول قضايا الفساد قال البخيت للنواب ان جميع القضايا مثار حديث المواطنين ستطرح, بما فيها القضايا التي كان حولها تساؤلات في زمن حكومتي السابقة, وهذه القضايا سينظر فيها جميعا, مؤكدا انه لا احد محصن في حربنا على الفساد ولا توجد قضية فساد محصنة.
وقال البخيت امام النواب في قاعة الصور انه سيراعي عند اختيار الوزراء الكفاءة والعدالة والقدرة على العمل الميداني, وان يكون الوزراء لديهم القدرة على التواصل مع المواطنين, متعهدا بالعمل على اشاعة روح العدالة وتوزيع المكتسبات بعدالة, وتشجيع القطاع الخاص لاقامة صناعات في المحافظات من خلال تقديم التسهيلات والحوافز له.
واكد البخيت على انه سيواصل مشاوراته مع الاحزاب والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني قبل الاعلان النهائي عن تشكيل حكومته التي من المرجح الاعلان عنها نهائيا مطلع الاسبوع المقبل.
ودعا رئيس مجلس النواب فيصل الفايز في مستهل اللقاءات الحوارية بين الرئيس المكلف والكتل البرلمانية لايجاد شراكة حقيقية وتعاون حقيقي بين السلطتين, لتتمكن من مواجهة مختلف التحديات التي يمر بها الوطن, والعمل معا على ترجمة توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في الاصلاح الشامل وما ورد في كتاب التكليف السامي.
وقال الفايز اننا جميعا نعي الاوضاع الصعبة التي يمر بها الوطن والاقليم ككل, فهناك التحديات الداخلية وهي كبيرة, لكن كتاب التكليف السامي كان واضحا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي, حيث تطرق جلالة الملك عبدالله الثاني بكل وضوح إلى ضرورة اجراء الاصلاح السياسي والاقتصادي الشامل.
واكد الفايز على اننا جميعا في الاردن ندافع عن العرش الهاشمي, وعن الاردن الوطن, فالعرش الهاشمي راسخ وعلاقته مع المجتمع علاقة حميمية وهو صمام الامان لكل الاردنيين, وعند الحاجة سندافع عن العرش الهاشمي والوطن بالارواح وبصدورنا.
وشدد الفايز على ان مجلس النواب سيتعامل مع السلطة التنفيذية للتوصل إلى الحلول المناسبة لتجاوز مختلف المصاعب والتحديات, مشيرا إلى عدم وجود اية مخالفة دستورية لمشاركة النواب في الحكومة, لكن الامر متروك للرئيس المكلف وللنواب انفسهم ايضا.
وقال الفايز ان كتاب التكليف السامي كان واضحا في موضوع الاصلاح على مختلف الصعد, لذلك فانني اعتقد ان هناك توجها حقيقيا للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي والاداري والسياسي وهناك قوانين يتوجب اعادة النظر فيها بسرعة لدعم عملية الاصلاح وخاصة القوانين الناظمة للعمل السياسي والحزبي والنشاط الاقتصادي.
النواب .. رسم الخرائط
وفي اطار مطالب النواب واشتراطاتهم على الحكومة قيد التشكيل دعا النواب إلى ضرورة اجراء اصلاح حقيقي وشامل يطال العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وضرورة محاربة قضايا الفساد والمحسوبية والشللية وتشكيل فريق وزاري قادر على مواجهة التحديات المختلفة.
ودعا النواب إلى رفع سقف الحريات الاعلامية والحريات العامة, والاهتمام بالشباب واعادة وزارة الشباب, وايجاد هيئة مستقلة لضبط ارتفاع الاسعار, واعادة هيكلة المؤسسات المستقلة, وتقليص عدد الوزارات, والاهتمام بالامن الوطني, واعطائه الاولوية ومتابعة قضايا الاسرى الاردنيين في مختلف السجون.
واكد النواب على ان الاصلاح هو منظومة شاملة تبدأ في اختيار الوزراء ذوي الكفاءة والنزاهة, داعين إلى توزيع مكاسب التنمية على جميع المحافظات بعدالة, وايجاد شراكة حقيقية مع مجلس النواب, وتكييف الامكانات المادية والاقتصادية للدولة الاردنية حسب الاحتياجات ضمن اهداف وطنية ووفق الاولويات.
ودعا النواب إلى فتح حوار حقيقي مع مكونات المجتمع الاردني, ودعم القطاعين الصناعي والزراعي, والانفتاح على الدول العربية وايجاد اليات قابلة للتطبيق لتسويق العمالة الاردنية في الخارج, مؤكدين ضرورة تحقيق مجتمع العدالة والمساواة واعادة النظر في قانون ضريبة الدخل وتأكيد سيادة القانون وهيبة الدولة.0