زاد الاردن الاخباري -
يواجه المدّعي العام البريطاني السابق بيتر غولدسميث، اليوم الأربعاء 27-1-2010، أسئلة "صعبة"، حول السبب الذي دفعه إلى تغيير رأيه، و"تشريع" مشاركة بلاده في غزو على العراق، أمام لجنة خاصة تدرس دور بريطانيا في الحرب.
فقبل 3 أيام فقط من الغزو، وتحديداً في 20 اذار (مارس) 2003، قال غولدسميث للبرلمان البريطاني، وكان يومها المدّعي العام في البلاد، إن استخدام القوة شرعي على أساس القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة قبلاً.
لكن الوثائق التي اميطت عنها السرية، والادلة التي قدمت للتحقيق في دور بريطانيا بالحرب، تكشف ان غولدسميث لم يقدم مثل هذه المشورة الواضحة قبل 10 ايام فقط.
وشك منتقدو الحرب طويلا في ان غولدسميث تعرض لضغوط من جانب رئيس الوزراء البريطاني حينذاك توني بلير ليغير رأيه.
وأمس الثلاثاء، قال أكبر مستشارين قانونيين لوزارة الخارجية في الفترة التي سبقت الغزو، انهما يعتقدان ان استخدام القوة دون تفويض محدد من الامم المتحدة يعني ان العمل العسكري كان غير شرعي. وطبقا لوثائق سرية، فقد أعرب غولدسميث عن شكوكه في وجود مبرر قانوني للحرب بموجب القرار رقم 1441 الذي أصدره مجلس الامن التابع للامم المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2002.
وفي الاسابيع التي سبقت الغزو في مارس اذار 2003 حاول رئيس الوزراء البريطاني السابق ومسؤولون امريكيون اقناع أعضاء اخرين في مجلس الامن بالموافقة على قرار يفوض باستخدام القوة. غير انه بعد ان فشلت المفاوضات أبلغ أكبر محام للحكومة البريطانية، وهو المدعي العام غولدسميث البرلمان قبل الغزو بثلاثة ايام، ان مزيجا من قرارات الامم المتحدة السابقة جعل الاجراء العسكري قانونيا.
وكشفت مذكرة ما ورد في مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية البريطاني حينذاك جاك سترو، وغولدسميث بعد اصدار القرار 1441، بقوله إنه غير "متفائل" بامكانية استخدامه لتبرير العمل العسكري ضد العراق اذا لم تلتزم بغداد بالشروط الواردة في القرار. وجاء في المذكرة "كان في الواقع متشائما بشأن وجود سند قانوني قوي في مثل هذا الموقف لاستخدام القوة ضد العراق".
وحتى يوم السابع من مارس عام 2003 على الاقل، أي قبل أقل من اسبوعين فقط من يوم الغزو في 20 مارس، حذر غولدسميث قائلا ان استصدار قرار ثان من الامم المتحدة هو السبيل الاسلم للتحرك.
لكن غولدسميث عاد وقرر، في 13 مارس، بعد يومين من اجتماعه مع بلير وفريقه، ان القرار الثاني أصبح غير ضروري. وجاء في مذكرة لديفيد براميل أحد كبار مساعدي غولدسميث "أكد المحامي العام انه بعد مزيد من التفكير وبعد وزن الامور خلص الى رأي واضح. هناك سند قانوني لاستخدام القوة دون استصدار قرار اخر أكثر من القرار 1441 "
وفي شهادته أمس، قال براميل ان المدّعي العام البريطاني لم يتعرض لضغوط من بلير، او وزرائه ليغير نصيحته. وقال ان الحكومة طلبت من غولدسميث في اجتماع عقد يوم 11 مارس بان يعطي بيانا واضحا عما اذا كان استخدام القوة قانونيا وانه خلص في ذلك الوقت الى قراره هذا.
وأبلغ مايكل وود، أرفع مستشار قانوني بوزارة الخارجية البريطانية حتى عام 2006، لجنة التحقيق التي تدرس دور بريطانيا في الحرب ان الحكومة كانت تحتاج الى قرار من الامم المتحدة يفوض باستخدام القوة لكي يصبح الاجراء العسكري قانونيا.
وقال وود في بيان مكتوب "اعتبرت ان استخدام القوة ضد العراق في آذار(مارس) 2003 يتناقض مع القانون الدولي في رأيي استخدام القوة لم يكن مفوضا به من مجلس الامن وليس هناك أساس قانوني آخر للحرب".
وأبلغ وود لجنة التحقيق انه نصح باستمرار بأن تغيير النظام ليس اساسا قانونيا للحرب، وان الاجراء يحتاج الى تفويض محدد من الامم المتحدة وهو ما كان غائبا في القرار 1441.
وأوضح انه اختلف مع وجهة نظر غولدسميث وقال للجنة التحقيق "لقد أوضحت انه في رأيي ان المسودة التي كانوا يعملون استنادا اليها لا تفوض باستخدام القوة دون صدور قرار آخر من مجلس الامن".
وقالت اليزابيث ويلمشيرست، نائبة وود التي استقالت بسبب الغزو، ووصفته بانه "جريمة عدوان" انه كان من "المؤسف" و"غير المعتاد" ان تنتظر الحكومة كل هذا الوقت قبل ان تطلب مشورة المحامي العام. وأضافت "كان من الصعب جدا في هذه المرحلة على المحامي العام ان ينصح بان الصراع سيكون غير شرعي دون قرار ثان من الامم المتحدة واعتقد ان ذلك كان سيعطي صدام حسين (الرئيس العراقي الراحل) ميزة دعائية كبيرة"وبعد ان يدلي غولدسميث بشهادته، سيمثل بلير نفسه امام اللجنة، يوم الجمعة، وهو الحدث المنتظر منذ فترة طويلة، لتقديم ايضاح عن السبب الذي دفعه لارسال 45 الف جندي بريطاني الى الحرب في العراق
المصدر:رويترز