الحمد لله الذي جعل الجمعة خير الايام، والصلاة والسلام على خير الانام الذي قال: الجمعة الى الجمعة كفارة لما بينهما، وبعد.
عانت ولا زالت وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية من نقص حاد في عدد أئمة المساجد منذ عدة سنوات، وقد اجتهدت في وضع الحلول لذلك وفي تحسين مستوى الاداء للخطباء بدأتها بتقليص عدد المساجد التي تؤدى فيها صلاة الجمعة باعتماد المسجد الجامع، وتبعت ذلك باعتماد موضوع الخطبة اسبوعيا في جميع مساجد المملكة، ورفعت الحد الادنى للقبول في كليات الشريعة في الجامعات بالتنسيق مع مجلس التعليم العالي لتحسين المدخلات من الخطباء، وتم ذلك لسنة واحدة ثم تراجعت بسبب ضعف اقبال الشباب على دراسة علوم الشريعة.
لقد كان لاجتهاد الوزارة في تلك الاجراءات ما يبررها رغم العديد من الانتقادات خاصة في موضوع الخطبة الموحدة، وقد استطاعت في الحد من المشكلات ولكنها لم تستطيع التغلب علىيها، ومن منا لم يصادف ان صلى الجمعة في مسجد غياب خطيب الجمعة، بسبب النقص او بسبب ظروف الخطيب المفاجئة، ويتفاجأ المصلين بعدم وجوده بعد الأذان الاول فيزجون باحد المصلين ليقوم فيهم خطيبا، فيجتهد في الموضوع بلا استعداد مسبق ودون معرفة بموضوع الخطبة الموحد، فيطرح موضوعا من بنات افكاره غالبا ما ينبع من مهنته التي يمارسها (طبيبا كان او معلما او مهندسا او تاجرا)، وغالبا ما تنتهي الخطبة في بضع دقائق نيجة الارباك الذي ينتابه للمهمة التي القيت على كاهله فجأة، ولغياب استعداده الذهني والمعرفي، واحيانا يصبح الموضوع مثار للتندر، فبعض الخطباء يقضي نصف الخطبة في شرب الماء بسبب شعوره بالعطش نتيجة الخوف، ومنهم من تناول كاس الماء ويشربها في اول جمعة من رمضان كانت قد وضعت في مكانها على المنبر قبل رمضان، ومنهم من يتجاوز حدود اللباقة في خطاب المصلين ويتهجم عليهم، وغير ذلك من القصص التي يتذكرها بعض من يقرأ هذا المقال مما شاهد او سمع.
توصيف المشكلة وحقائق متعددة لاستخلاص الحلول:
1. تشير الاحصاءات الى وجود ما يقارب (6800) مسجد ووجود نقص في الخطباء يقارب ثلاثة الاف إمام، مع العلم بان النقص في ازدياد بسبب الزيادة في اعداد المساجد والتي تتولاها لجان اعمار المساجد في حين ان اعداد الأئمة المعينين لا تواكب الزيادة في عدد المساجد.
2. حسب تقديري الشخصي فإن عدد معلمي التربية الاسلامية الذكور في المدارس الحكومية والخاصة يتجاوز عشرة الاف معلم، يتم الاستفادة من اعداد بسيطة منهم كخطباء مساجد.
3. تتوزع اعداد المعلمين على جغرافية الاردن حسب الكثافة السكانية وتتوزع المساجد بنفس الطريقة، ويمكن القول انه اينما يوجد مسجد فستجد معلما للتربية الاسلامية او اكثر بنفس المنطقة وكلما ازداد السكان في منطقة فانهم سينشئون مدارسا وسيبنون مساجدا.
4. ان توفير خطب مكتوبة جاهزة في المساجد يلجأ اليها في حال غياب الخطيب، يقلص الاشكالات الناتجة عن غياب الخطيب، وحتى تكون هذه الخطب فاعلة لمن يلقيها قراءة للمرة الاولى، يجب أن تكون محكمّة من اهل الخبرة، مطبوعة بخط واضح، بسيطة المفردات، ومخرجة بشكل انيق تتضمن على جميع اركان الخطبة من حمد الله والصلاة على رسوله حتى الدعاء، مغلفة بطبقة بلاستيك لحفظها مع مرور الوقت ولا تزيد كل خطبة عن اربع صفحات، الآيات فيها واضحة والاحاديث منقحة تغطي موضوعاتها هموم المجتمع وقضاياه وتراعي التقويم الزمني الهجري والاحداث التاريخية.
مقترحات للوزارة لمعالجة جذرية للمشكلة وتساعد الوزارة في تاهيل اعداد كافية من الخطباء لحاجة الوزارة الحالية والمستقبلية وتوفر خطبا مكتوبة لموضوعات متنوعة تناسب حاجات المجتمع وتراعي التقويم الزمني لتاريخ الاسلام وحاضره:
1. تأهيل وتدريب معلمي التربية الاسلامية الذكور في المدارس الحكومية والخاصة وغالبيتهم من حملة بكالوريوس التخصصات الشرعية، بالتنسيق بين وزارتي الاوقاف والشؤون والمقدسات الدينية ووزارة التربية والتعليم، ليصبحوا مؤهلين للعمل كخطباء مساجد أيام الجمعة للراغبين منهم، على أن يمنحوا مكافئات مجزية عن الخطابة وخلال فترة التدريب التي يمكن عقدها في مديريات التربية والتعليم او الجامعات الحكومية والخاصة.
2. تعديل التشريعات اللازمة في منظومة الخدمة المدنية والعمل، لتناسب جواز ازدواجية اشغال وظيفتين إمام مسجد ومعلم ، والتي تتيح للمعلم الامام القيام باعمال الامامة لجميع الصلوات باستثناء صلاة الظهر في ايام الدوام.
3. دراسة تقديم حوافز لمعلمي وزارة التربية والتعليم للعمل في مجال الخطابة والوعظ والامامة مثل تخصيص شواغر لهم مع بعثات المعتمرين والحجاج للعمل كمرشدين للبعثات، وزيادة مكافأة خطيب المسجد.
4. اعادة النظر بقرار منع الخطابة للعديد من الخطباء من ذوي التوجهات السياسية خاصة مع تقلص هامش الخروج عن الموضوع بعد اعتماد موضوع الخطبة الموحد لكل جمعة من قبل الوزارة.
5. اعداد ملف مطبوع لخطب جاهزة، وتوفيره في جميع مساجد المملكة، تراعي موضوعات هذه الخطب التقويم الهجري وتناسب حاجات المجتمع وقضاياه المختلفة، بحيث يشمل الملف على 50 خطبة محكمة مطبوعة ، يوضع في مكان مناسب في المنابر بحيث يتم استعمالها عند الضرورة عند غياب خطيب الجمعة على ان يكون الملف مفهرسا وتكون خطبه مطبوعة ومغلفة بطبقة بلاستيكية شفافة ولا تزيد كل خطبة عن اربع صفحات يسهل نزعها من الملف واعادتها اليه.
6. السماح بلجان ادارة المساجد باستقطاب حفظة القرآن او اجزاء منه من ذوي الصوت الحسن والمطبقين لاحكام التلاوة للقيام بأمامة المصلين للصلوات الجهرية وفي صلاتي التراويح والتهجد في رمضان ، مقابل بدل مادي تحدد سقفه الأعلى الوزارة.
7. تشكيل لجنة في وزارة الاوقاف لانجاز ملف خطب المساجد بحيث تحديد موضوعات الخطب ومواصفاتها، وتعمم على خطباء المساجد ومدرسي الجامعات والمعاهد والمدارس بتقديم خطبهم المكتوبة عن طريق التنافس على شكل مسابقة بحيث تضمن افضل الخطب في كل موضوع في الملف وتوضع البقية على موقع الوزارة الالكتروني لاستفادة طلبة العلم والدارسين.
8. اعتماد برامج ابتعاث للمتفوقين في الثانوية العامة لدراسة علوم الشريعة في الجامعات الأردنية بما يشبه برنامج قضاة المستقبل، وابتعاث الطلبة المتفوقين على مقاعد الدراسة الجامعية للعلوم الشرعية شريطة التزامهم الخدمة في الوزارة.
9. تعزيز توظيف ذوي الخبرة في مجالات الوعظ والإرشاد والخطابة من المتقاعدين العسكريين والمدنيين أو شراء خدماتهم في مجالات الخطابة والامامة وتقديم الحوافز المجزية لاستقطابهم.
10. تحسين ظروف أئمة المساجد المالية والمعيشية والخدمية وظروف اسكانهم (معظم أسرهم تعيش تحت المساجد بظروف لا تليق).
أخيرا فانني احتفظ في جعبتي الكثير من الافكار التطويرية لتفعيل ادوار المساجد في المجتمع وقياس مدى فاعليتها في تقديم رسالتها الدعوية يمكنني تقديمها للمعنيين ان توفرت لديهم الرغبة في التطوير، وبالامكان التواصل معي على البريد الالكتروني التالي:
adel69k@hotmail.com
حمى الله الاردن ورزق مسؤوليه الصلاح والهمهم الإصلاح.
عادل محمد الخشاشنة.
خبير في ادارة الموارد البشرية والتخطيط والدراسات وخبير تربوي.