الدولة، بمؤسساتها كافة مسؤولة بطبيعة دورها السياسيّ والاجتماعيّ عن توفير حياة كريمة لمواطنيها، هذا مضمون العقد الاجتماعي، وباطن الدساتير في دول العالم كافة، ونحن دولة.
وبعيدا عن فلسفة شروح المواد الدستورية والقانونية، فإنه يمكن القول روحا، إنه بخلاف ذلك الدور يكون خللا أبلجا، وبإسقاط تلك المعادلة تكون الحكومات وقعت في جُبّ مخالفة الدستور وخرق القوانين، وبالتالي فقدت شرعيتها.
بطبيعة الحال يشمل هذا الحديث الموظفين والعمال من كافة الفئات، وحتى المعطَّلين عن العمل.
من هنا يأتي حقّ أيّ قطاع بالحراك، حين تقصّر الحكومات عن القيام بهذا الدور. ومن هنا أيضا تأتي قانونية حراك أو تحرك المعلمين لتصويب خلل شاب تلك المعادلة والعلاقة التي شوهتها الحكومات المتعاقبة من خلال رؤاها المهزوزة، وبرامجها الكرتونية الهشّة، ومشاريعها المزيفة التي تحاول إعادة اختراع العجلة، ففشلت رغم أنّ العجلة موجودة، وأصبح حالنا؛ لا نحن نجحنا باختراعها ولا مهّدنا -أقلّه- لمحاكاتها وصناعتها.
هل يبدأ إصلاح التعليم من هنا؟
المنطق التربوي والتنموي يوصلنا إلى الإجابة بـ نعم؛ لأننا بزيادة رواتب المعلمين نكون قد بدأنا بإعادة مهنة التعليم من مهنة منفّرة طاردة للكفاءات إلى مهنة جاذبة لها، حينها يمكن أن يتنافس لأجلها الكثيرون، وحينها يتم الاختيار على معيار الكفاءة، فلا نضطر -كما حصل ويحصل- إلى تعيين من أخفق في امتحان تخصصه؛ بسبب قلة المتقدمين من تلك التخصصات التي تملك خيارات وظيفية أخرى، من جهة، وحاجة وزارة التربية لملء شواغرها من جهة أخرى.
يستطيع المعلم بل الموظف والفقير الأردني تحمّل ضنك وبؤس الفقر حين يتساوى مع غيره ويعمّ عدل الفقر، لكنه لن يحتمل، حين يخصّه ظلم الفقر وعسر حال الوطن، ويخصّ غيره جود الوطن وعطائه.