الحمد لله الذي أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث، والصلاة والسلام على الذي نهانا عن القيل والقال واضاعة المال وبعد.
يتضمن هذا المقال توصيفا للاسباب التي تشجع المدخنين للاقلاع عن التدخين، وتؤسس لتوصيات على المستوى الوطني، تركز على أدوار المؤسسات والافراد مثل وزارة التربية والتعليم لمكافحة التدخين والحد من زيادة اعداد المدخنين بين الطلبة، وتركز على منع انتشاره في الاوساط الاكثر جذبا للمدخنين، من أجل تحصين المجتمع من التدخين والحد من آفة المخدرات التي يعتبر التدخين مدخلا لارتيادها، ويوجه المقال رسائل مباشرة للمعنين للاطلاع بواجباتهم تجاه ذلك.
ابتدأ القارئ بمجموعة من الاسئلة المباشرة والتي تسلط الضوء على حقائق قد يتغافل عنها الكثير من المدخنين وهي:
• مَن مِن المدخنين يسمي الله قبل ان يشعل سيجارته أو يبدأ نَفًس أرجيلته، او سيجارته الالكترونية، ثم يحمد الله عندما ينتهي؟
• من مِنكم يرتضي ويجتهد ويحرص ان يعلَّم أبنائه ذكورهم واناثهم التدخين بانواعه، ويرشدهم الى اجود أصناف التبغ والتنباك وافضل انواع السجائر الالكترونية وكيفية استخدامها؟
• كم عدد الذين بدأوا بتعاطي المخدرات دون المرور بمرحلة التدخين؟
• مَن مِن نسائكم ترفض ان يقلع زوجها عن التدخين ليستعيد صحته وحيويته ونشاطه البدني والجنسي، ويعود طيب رائحة الفم مشرق الوجه بهي الطلعة؟
• مَن مِن الأمهات والزوجات تحب أن ترى إبنها او زوجها مصابا بالسرطان حبا في مشاركته آلامه بعد سنوات من ممارسة التدخين؟
• مَن مِن ربات البيوت لا ترى أن المبالغ التي تنفق على التدخين من أفراد العائلة المدخنين، يمكن أن تسهم في التخفيف من الاعباء المالية للأسرة ويمكن أن تسهم في تحسين مستوى طعام الاسرة أو لباسها او قضاء بعض احتياجاتها أو تحسين رفاهيتها؟
• مَن مِنكم يرضى أن يحرق نقودا ورقية كل يوم تعادل ما ينفق عل التدخين ومستلزماته؟
• مَن مِنكم لا يرى أن التبرع يوميا بمبلغ نفقاته للتدخين لاسرة محتاجة او في أحد أبواب الخير لا يسهم في سعادة شخص ما ولا ينفع المتبرع حيا أو ميتا؟
• من منكم يكره أن يكون سببا في المساهمة في أن تصبح مدارسنا وجامعاتنا ومستشفياتنا ومعسكراتنا خالية من التدخين في هذا البلد وفي غيره، ويُكتب له من الصدقات الجارية جراء حثه على فعل الخير والدلالة عليه.
• مَن مِنكم من المدخنين مقتنع صحيًا ودينيًا ان استمراره في سلوك التدخين هو طريق الصواب.
• مَن مِنكم يعتقد بكذب ما يقال عن مضار التدخين واحتوائه على مركبات عديدة تؤثر في القلب والشرايين والرئة والكبد وجهاز المناعة والدماغ والقدرة الجنسية وصحة الفم والاسنان وصحة الجنين لدى الحوامل وغيرها الكثير وان ذلك لا يمت الى الصحة بشيء؟
• مَن مِنكم يعتقد بأن التدخين ليس إدمانًا؟
• مَن مِنكم يعتقد بأن حماية أطفالنا وطلابنا وأبنائنا وبناتنا من آفة التدخين أمرًا مستحيلًا تحقيقه حتى لو توفرت الارادة لدى الدولة والمجتمع والمواطنين؟
• مَن مِنكم يكره أن يكون أكثر سعادةً واقل اكتئابًا وتوترًا وراحةً نفسيةً ويتأخر عنده ظهور الصلع والتجاعيد وعلامات الشيخوخة؟
• مَن مِنكم يكره أن توظّف المليارت التي تنفق على زراعة التبغ ونقله وتصنيعه وبيعه وسائر عملياته، وعمليات تصنيع وتسويق السجائر الالكترونية، لتنفق على زراعة الغذاء أو صناعة الدواء أو توفير ما تحتاجه المجتمعات في حِلِّها وترحالها، وتشغيل أبنائها أو تعليمهم أو رفاهيتهم؟
توصيات للدولة والمجتمع لمكافحة انتشار التدخين.
تعديل قانون الصحة العامة ومنع بيع التبغ ومنتجاته وملحقاته والسجائر الالكترونية وملحقاتها في المتاجر والاسواق الاستهلاكية والدكاكين والمولات وحصر البيع في المحلات الخاصة بمنتجات التبغ والتنباك وملحقاتها (متاجر التدخين ولوازمه).
الزام متاجر التدخين ولوازمه بمنع بيع من هم دون سن الثامنة عشرة (ويطلب اثبات شخصي لمن يشك في عمره)، على أن يتم البيع لغايات الاستهلاك اليومي او الاسبوعي وليس بكميات كبيرة لمنع المتاجرة، وإلزام هذه المتاجر بتركيب كاميرات داخل المحل وعند الكاش وعلى المدخل لمراقبة التقيد بالتعليمات.
تكليف وتفويض رجال الامن ومكافحة البيئة ومراقبي الصحة العامة لتنفيذ حملات تفتيش للدكاكين والمتاجر والمطاعم والمحال التجارية القريبة من المدارس خاصة مدارس الذكور الثانوية للتاكد من عدم احتوائها لمنتجات التبغ وبالتالي التزامها بعدم بيع السجائر للطلبة.
تعديل تعليمات التوظيف في وزارة التربية والتعليم باشتراط عدم التدخين للوظائف التعليمية والادارية الجديدة في المدارس الحكومية وتعديل التتشريعات حيثما يلزم لتطبيق اجراءات مماثلة في المؤسسات التربوية الخاصة من اجل تحقيق شعار مدارس خالية من التدخين في صصفوف الطلاب والكوادر التعليمية والادارية.
تعديل تشريعات التعليم العالي لمنع بيع التبغ وملحقاته والسجائر الالكترونية داخل حرم الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية.
تنفيذ خطة مالية لرفع تصاعدي للرسوم والضرائب على التبغ ومنتجاته لتصبح 500% خلال ثلاث سنوات، وتشديد الاجراءات على المنافذ الحدودية لمنع عمليات تهريب تلك المنتجات، وتعديل التشريعات لتغليظ العقوبة على المتجاوزين.
تنفيذ التعليمات حيثما يلزم لوقف اصدار رخص القيادة العمومية للمدخنين وسحب رخص المخالفين (الذين يقومون بالتدخين داخل المركبات العمومية بعد حصولهم على الرخصة او القدامى)، او لمركبات التطبيقات الالكترونية.
تعديل تعليمات التجنيد في القوات المسلحة الاردنية والاجهزة الامنية باشتراط عدم التدخين للمجندين الجدد، وكذلك مكافحة بيع التبغ ومنتجاته داخل المعسكرات، ووضع عقوبات رادعة للمخالفين، تصل الى التسريح من الخدمة في حال تكرار المخالفة ولمن يمارس التدخين لاحقا من المجندين الخاضعين للتعليمات الجديدة، لانه يؤثر سلبا في صحة المجند ولياقته ويخفض من اداؤه ويزيد من فرص تعرضه للامراض المختلفة وهذا يمثل منفعة للمؤسسات الامنية ويحافظ على صحة منتسبيها.
تعديل التشريعات اللازمة لمنع توظيف الكوادر الطبية والصحية وكوادر الخدمة في المستشفيات والمراكز الصحية والمنشآت الطبية على اختلافها، لجعلها خالية من المدخنين فعلا وليس خالية من التدخين قولا، ووضع عقوبات إدارية وقانونية للمخالفين.
منع توظيف المدخنين في المطاعم والفنادق ومنع منح تصاريح العمل للمدخنين.
تنفيذ فرق مكافحة ضد التدخين بين طلبة المدارس باعتماد الاجراءات التالية:
• توزيع محاليل مضمضة لكشف المدخنين، وتشجيع انتاجها من شركات الادوية (محاليل آمنة من نترات الفضة المخففة جدا بالماء المقطر النقي للمضمضة دون البلع، تشعر المدخن بعد تدخينه بطعم كريه جدا في فمه وتحدث تغييرات في اللون الخارجي للاسنان لعدة ايام بحيث يصبع غامقا، وتبدأ الاثار بالزوال بعد يومين تقريبا) مما يسهل اكتشاف المدخنين في الاسرة والمدرسة واتخاذ اساليب الحماية لهم، ويمكن انتاج هذه المحاليل بعبوات ذات أحجام كبيرة للمدارس وبكلف مالية مدعومة وتنفيذ الحملات في المدارس لطلبة التاسع الاساسي فاعلى.
• تنفيذ حملات مداهمة لتجمعات الطلبة المتسربين من المدارس في بداية اليوم الدراسي وفي الحصص الاخيرة منه خارج اسوار المدارس وفي مناطق تجمع الطلبة حول المدارس، ووسم من يضبط مدخنا او بحوزته سجائر باستخدام طلاء ذو لون مميز (أصفر أو أبيض) على شعر الراس والملابس آمن صحيًا وقابل للازالة بعد عدة أيام او بالغسل عدة مرات (ليكون دليلا للاهل والاقارب والجيران واقران المدخن في الحي وأهاليهم على هروب الطالب من الدوام وقيامه بالتدخين ولتمييز الطالب المخالف من تلاميذ المدارس لتسهيل مراقبته وارشاده ومتابعة مخالفاته)، الامر الذي يساعد الأسر ايضا في ابعاد ابنائها عن الرفقاء غير المرغوب فيهم.
• تنفيذ حملات دهم للطلبة الذين يحصلون على السجائر بطرق غير مشروعة ويقومون ببيعها لاقرانهم، ومعاقبتهم قانونيا وتوقيع ذويهم في مراكز حماية الاسرة المنتشرة في المراكز الامنية على تعهدات بعدم تكرار ذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية والعقاب المضاعف، وتحويل الحالات المتكررة الى القضاء لردع المخالفين من الطلبة والمقصرين من ذويهم، مع تعديل التشريعات اللازمة لتنفيذ ذلك.
• تفعيل دور الاذاعة المدرسية في المدارس الحكومية والخاصة لزيادة الوعي حول مخاطر التدخين بأساليب مشوقه للمتلقى ومنفّره من التدخين، كتقديم مشاهد تمثيلية وفقرات فنية وإذاعية تنفّر من المدخن وتساعده في الاقلاع عن التدخين.
• تأليف مجموعات إرشادية من الطلبة ذوي الخلق الحسن والقادرين على التاثير في الآخرين لزملائهم المدخنين.
• تنعيل أدوار إدارات المدارس في حصر الطلبة المدخنين داخل وخارج أسوار المدرسة (بعيدا عن التغافل عن المشكلة ومهما كان عدد المدخنين)، وتنفيذ خطط انتشالهم من مستنقع التدخين عن طريق التواصل المباشر مع الاهل (رسائل SMS، زيارات، تواصل بصري، جلسلات ارشادية للطالب والاهل، ...) والتشارك في وضع برامج المعالجة.
• تكليف وزارة التربية والتعليم ببناء خطة لمكافحة التدخين وتعميمها على مديريات التربية وتوزيعها على المدارس، لوضعها موضع التنفيذ ومتابعة تنفيذ بنودها من قبل كوادر مديريات التربية وادارات المدارس.
ابتكار اساليب مستحدثة لتشجيع الاقلاع عن التدخين وبثها في وسائل الاعلام المختلفة مثل تأليف النكات، الرسوم الكاريكاتورية، مقاطع تمثيلية وتوجيهية ورسومات على مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة.
التوسع في انشاء عيادات خاصة لمكافحة التدخين في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية وتشجيع انشاء عيادات أهلية متخصصة.
تشجيع التبليغ عن حلالات تعاطي المخدرات في المدارس والجامعات، وتبسيط وسائل تواصل الطلبة والمسؤولين حيال التبليغ عن حالات الادمان للحفاظ على السرية، وتشكيل فرق ارشاد ومكافحة من الطلبة بالتعاون مع مجالس الطلبة في الجامعات والبرلمان الطلابي في المدارس، واعضاء الهيئات الادارية والتعليمية في المدارس والجامعات.
تنفيذ حملة وطنية من كافة الجهات حول مخاطر السجائر الالكترونية وصولا الى توعية مناسبة لمخاطرها والتعريف بانها ليست بديلا صحيا عن التبغ.
وضع استراتيجية وطنية لمكافحة التدخين باشكاله والحد من زيادة اعداد المدخنين، تطّلع كل جهة بمسؤولياتها، وتقدم بشكل دوري مدى تحقق الاهداف التي تخصها، والصعوبات التي تواجه كل جهة من اجل وضع الحلول لها، ويمكن ان يسبق وضع الاستراتيجية مؤتمر وطني يضم جميع الجهات المعنية يتمخض عن نتائج ملزمة تتضمنها الاستراتيجية.
المساهمة بحملة وطنية تحت عنوان لا مزيد من المدخنين واجب الدولة والمجتمع على موقع فيسبوك ضمن الرابط (https://www.facebook.com/groups/2381866662078957/)، والمشاركة ضمن الافراد والجماعات والجمعيات لادارة حوار مجتمعي حول ذلك واعتبار افكار هذا المقال نواة للنقاش يتم الحوار حولها والاضافة اليها لزيادة الوعي المجتمعي والوصول الى اتجاهات متفق عليها وتقديمها للمسؤولين للتنفيذ.
يجب على الحكومة تعديل عقلية ادارتها تجاه التدخين والمدخنين، وتغيير النظرة الى ان التدخين هو مصدر للمال يصب في الموازنة العامة، من خلال فرض الرسوم على منتجات التبع المحلية والجمارك على المستورد وشمول السجائر الالكترونية بذلك، وحساب مقادير التهرب الضريبي على التبغ ومنتجاته، وعىل الحكومة أن تلتفت الى مقدار الخسارة في صحة الافراد وانفاق المال من المواطن في أوجه صرف غير سليمة، وتوفير ذلك لطعامه وشرابه ومسكنه وتعليم ابنائه ورفاهيتهم، وعلى المستوى الوطني وقف استنزاف المال على استيراد الدخان وملحقاته، واستغلال الاراضي التي تزرع بالتبغ بزراعات مفيدة، وما يرافق ذلك من جهود العمال والادارة والمال، وان تعي الحكومة مسؤولياتها في حماية أفرادها من مخاطر المخدرات والتي يعتبر التدخين طريقا أساسيًا إليها، وبالتالي حماية المجتمع من الجريمة وتوفير مليارات الدنانير التي تنفق على التدخين لمصلحة الاسرة وخدمة للاقتصاد، والمساهمة في تعديل سلوك المواطنين ليصبحوا اكثر نشاطا وأفضل صحة وأكثر سعادة وأقل توترا وعصبية وغير ذلك من الفوائد التي لا تخفى على القارئ الفطين.
ان التوصيات السابقة تضبط عمليات بيع السجائر ومواد التبغ للمراهقين وتضبط عمليات البيع الممنوعة والتهرب الجمركي وتسهم في وضع قيود على المدخنين الحاليين لتشجيعهم على الاقلاع عن التدخين.
لنجتهد أن لا ينظم لعادة التدخين مزيدًا من أفراد المجتمع، ونركز على وسائل المنع والحماية للفئات الاكثر عرضة للانظمام للمدخنين وهم فئات طلبة المدارس والجامعات، والموظفين الجدد (العدد الاكبر للموظفين الجدد في وزارتي التربية والصحة)، وعمال خدمات الطعام والشراب في المطاعم والفنادق ومحلات بيع المنتجات الغذائية، والمجندين الجدد في القوات المسلحة الاردنية والاجهزة الامنية.
ليكون شعارنا لا مزيد من المدخنين. ناقش من حولك، ساهم في الوعي، أسمع صوتك لاصحاب القرار، اجعل ذلك في ميزان حسناتك، دع نفسك تحدثك يوما أنك اسهمت في ذلك الشعار حتى أصبح واقعًا ملموسًا نفخر به في الوطن وأمام العالم.
أخيرا الخّص مقالي بانه قد تبدوا بعض التوصيات غريبة او صعبة التحقق او لها معارضوها، ولكن يلزم لتحقيق الهدف من وسائل خارجة عن المألوف فلهدف نبيل وعظيم ويستحق من المسؤولين الاهتمام ومن افراد المجتمع التعاون.
حمى الله الاردن وألهم الله المسؤولين الصواب وارشدهم الى خدمة الوطن وابنائه.
عادل الخشاشنة. خبير تربوي وخبير في ادارة القوى البشرية والتخطيط.