زاد الاردن الاخباري -
تتسع دائرة التعثر وتضيق مربعات الانتشار والتأييد لجمعيات وهيئات تتصل بالعمل التطوعي العام بما في ذلك تلك الهيئات والتجمعات الناشئة حديثا ذات الصلة بالعمل السياسي الاصلاحي والاجتماعي التحديثي في محافظة اربد وربما في غيرها من المحافظات .
ولم تنجح محاولات عديدة في محافظة اربد من قبل مهتمين في هذا المجال من الوصول الى صيغ توفيقية واتفاقية فيما بينها من اجل اشهار هيئة او الحفاظ على ديمومة نشاطاتها في الاجتماعات على اقل تقدير , اذ تتناقص اعداد المجتمعين وانصار فكرة تأسيس هيئة سياسية اصلاحية بعيدة عن التأطير الحزبي بمفهومه السائد ونظمه الداخلية , وتتراجع الافكار الموضوعية في غالبية الاحيان لصالح تقدم الفكرة الذاتية لشخص او مجموعة لا تتفق مع الآخرين ضمن نفس التيار الواحد .
وسجلت التجارب في اربد ثاني اكبر المحافظات بعد العاصمة عمان فشلا متلاحقا في السنوات الخمس الاخيرة وحكم على مجمل الافكار بالموت قبل نشوئها لاسباب وصفها بعض الارابدة بتغليب الخاص على العام وتقدم الفرد على الجماعات في كثير من المواقف التي تسبق الاعداد للفكرة وترجمتها .
العرب اليوم تفتح ملف :اسباب اخفاق العمل العام ,وفشل هيئات قبل اشهارها بل وفي بعض الاحيان قبل اتمام الاجتماع الخامس منذ بدء المناداة للفكرة , كخطوة اولى في الغاء الفكرة برمتها , مما يطرح السؤال : من المسؤول عن ذلك ,أو لم هذا الاخفاق? وهل ثمة مؤامرات تحاك في داخل الهيئة المنتظر تأسيسها , ام ان التخبط في الهندسة البنائية للمشروع القيادي الشعبي يجرى من قبل من لا يمتلكون الخبرة ,او بعض الذين يغلبون الخاص على العام ?! الاجوبة حملت وجهات نظر متباينة مرة ومتفقة مرات عديدة غير ان :الكفر بالفكرة وارد من الغالبية ولاسباب تبدو مفهومة عند جيل العمل العام القديم , وضبابية عند الجيل الناشئ ..
القيادة الشعبية غائبة
القيادات الشعبية الحقيقية غائبة عن العمل العام ,هذا ما استهل به عدد من الشباب من الجنسين اثرنا ان نأخذ برأيهم كدماء جديدة وفكر له رؤيته فيما يحدث من تراجعات على صعيد العمل العام التطوعي ,مؤكدة فاطمة ياسين التي تدرس في قسم اللغة الانجليزية في كلية الاداب في جامعة اليرموك ان غياب القيادة الشعبية الحقيقية التي تهتم في القضايا العامة للوطن والمواطنين غائبة معبرة عن اعتقادها ان غالبية القيادات الحالية تبحث عن مصالح ذاتية من خلال تأسيس جمعيات او هيئات او حتى احزاب سياسية حسب قولها .
وتتفق الطالبة رانيا الزعبي من قسم العلوم السياسية مع هذا الرأي الا انها تضيف قائلة : القيادات الشعبية الحالية تنظير وكلام وفق وصفها معبرة عن خشيتها من انزلاق الجميع بما فيها القيادات الشعبية الجديدة الواعدة في هذا الاتجاه مما يشكل ضياع لمعنى العمل العام التطوعي وقيمته المعنوية وفائدته في الحياة الاجتماعية.
وفيما تتفق الطالبتان ياسين والزعبي ينضم اليهما في هذا الرأي ميخائيل يوسف الذي يدرس في قسم الترجمة مشاطرهما الرأي في غياب القيادات الشعبية عن الساحة مضيفا بشيء من الحدية لا هيئات ولا احزاب بهمها الناس ..كل واحد يبحث عن مصالحه الضيقة وقبل ان اقطع استرساله سألته هل لك تجربة او تتحدث من خلال تجربة مريرة مثلا ليجيب :نعم لقد قدمت استقالتي من احد الاحزاب الوسطية بسبب التنافس المخفي بين القيادات وما يحبكونه لبعضهما بعضا في الخفاء على مسمع من انصار كل منهما في الاجتماعات المغلقة !!
والهيئات غير الحزبية هل جربتها مثلا ? نعم هي ايضا لا تتفق مع الصالح العام مضيفا على اجابته كل واحد بغني على ليلاه !
اجتماعات واراء واجتهادات ..مكانك سر !
تبدو الاشكالية اكثر وضوحا ,واقرب الى التوصيف الدقيق خاصة اذا القينا نظرة من الداخل ..داخل الاجتماعات وما يحدث في الكولسات وما تحمله احيانا قصاصات الورق التي تمر من على سطح الطاولة , او من خلال التمسيج لتشكيل موقف واحد بين مجموعة متجانسة ومتفقة في تبني موقف ما لا يفلت من قبضة الذاتية والصالح الخاص وتغليبه على العام .
ويعتقد النقابي د.عصام شعبان ان العديد من الاجتماعات والاراء داخل الهيئات التنظيمية تستند الى كولسات مسبقة بين البعض لافراز قيادة شعبية تقليدية في حزب او هيئة الامر الذي يعتبره شعبان فيه تعديات على ذكاء الاخر وحرية تفكيره واختياره ضمن تجنيد طاقات داخل الاطر التنظيمية وظيفتها فرز قيادة محددة .
ويؤكد الشاعر والباحث في شؤون العولمة د.محمد مقدادي ان القيادات الشعبية مرت في ظرف ما بزمن مشمشي وذلك لاستنادها على مصداقية في عكس توجهات الشارع الشعبي دونما أي تغليب للصالح الخاص موضحا ان العديد من القيادات الشعبية في الخمسينيات والستينيات حتى اوائل الثمانينيات كانت اقرب الى نبض الشارع واكثرها تفاعلا مع تطلعاته , الا ان د.مقدادي يؤكد في سياق حديثه ل¯:العرب اليوم ان بعض القيادات الشعبية في التنظيمات الحزبية والنقابية وغيرها من الهيئات ما زالت ممسكة بجمر الثوابت في زمن المتغيرات منتقدا حالة التخبط التي تعيشها بعض الاحزاب والهيئات وخلوها من أي جديد وحالة التمركز خلف متاريس قيادة قد تصل الى الابد
ويرى الشاعر عمار الجنيدي من محافظة عجلون الذي يميل الى الفكر الاشتراكي ان القيادات الشعبية على مستوى المملكة تشعر بحالة احباط عام من تسارع الاحداث والمتغيرات العربية والعالمية الا ان ذلك وبحسب وجهة نظر الجنيدي لا يعفي القيادات الشعبية في الاحزاب وغيرها من التصدي لحالة الاحباط والنهوض من سباتهم موضحا ان من يضع نفسه في المقدمة عليه ان يكون خلاقا ومبادرا وليس مستسلما للاحباط السائد .
وتعتقد الناشطة في العمل النسائي العام هناء بطاينة في مدينة اربد ان تراجعا ملحوظا يسجل على مختلف القيادات الشعبية في محافظة اربد وغيرها من المحافظات لاعتبارات وصفتها البطاينة بانها نتيجة محاولات تغليب الخاص على العام وذكاء الشارع في اكتشاف هذه الظاهرة حسب قولها .
احتدام في الرأي ..وانقسام في التأييد
ووصل حد الاحتدام في الرأي الى نقطة حرجة انقسم فيها التأييد الشعبي الى محاور ثلاثة الاول يؤيد القيادات الشعبية التقليدية ويحرص على ديمومتها في البقاء داخل الاطار القيادي الشعبي حتى وان لم تأت باي اضافة مؤكدين اصحاب هذا التوجه ان الصفة للشخص تمنحه الحق في ان يبقى على رأس بعض الهيئات مشيرين في ذلك الى ان الاسم المعروف يعني اشياء ايجابية لبعض القواعد الشعبية.فيما يرى البعض انه لا بد من قيادات شعبية تتسم بالتجديد بعيدا عن الاسماء التقليدية او خطاباتها المستهلكة , ويتجه الصوت الثالث الى اهمية الدماء الجديدة الشابة التي تتعامل مع العمل العام بلغة اكثر قبولا لدى جيل الشباب وخاصة بعد اتساع ظاهرة الفيس بوك والتويتر ووسائل الاتصال الالكتروني وما يحمل ذلك من دلالات محركة للشارع الشعبي لدى جيل الشباب الذي قلب المعادلة السياسية الشعبية في تونس ومصر كنموذج لحراك لعب فيه الفيس بوك احد ابرز مكوناته .
ويعتقد النائب الاسبق د.محمد البطاينة وهو من انصار الصوت الثالث ان القيادات الشعبية التقليدية قد عفى علي غالبيتها الزمن بفعل المتغيرات الحداثوية والتقنية الالكترونية التي اصبحت تصنع قادة شعبيين بعيدة عن كل التوقعات او المراقبة المباشرة .
ويضيف د.البطاينة :آن الاون لاستيعاب الشارع الشعبي لقيادات شابة تعمل بروح الفريق الواحد بعيدا عن المصالح الضيقة او تلك التي تحمل صفة النخب
العرب اليوم - عدنان نصار