زاد الاردن الاخباري -
لم يجد أطفال منطقة فنوش في لواء ديرعلا فسحة للمرح سوى اللعب بمخلفات الأعيرة النارية المتناثرة في الجبال التي تعلو البلدة معرضين أنفسهم وطفولتهم للخطر في سبيل الحصول على الصوت واللهب الذي ينتج عن تفجيرها ما يبعث الفرح والنشوة في أنفسهم ويشكل حافزا قويا للاستمرار في هذا اللعب رغم مخاطره المميتة.
ولعل هذه اللعبة التي تستهوي الكثير من هؤلاء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8-14 سنة هي الملجأ الوحيد الذي يلوذون إليه لقضاء أوقات فراغهم خلال عطلة المدارس، بحيث يعتبرونها نوعا من المغامرة كونهم يأتون ببقايا الأعيرة النارية ويقومون بإلقاء الحجارة عليها كي تنفجر وتصدر صوتا كصوت إطلاق العيارات النارية.
وتكمن خطورة هذه اللعبة في انفجارها وكتلة اللهب التي تنتج عن هذا الانفجار والتي قد تشكل خطرا كبيرا على هؤلاء الأطفال.
ويقول الطفل سعيد (10 أعوام) إن حب الفضول هو الذي يدفعه ورفاقه إلى البحث عن هذه الطلقات وجمعها والبدء في تفجيرها مع "أننا جميعا لا نعرف الأشياء التي نلعب بها ومدى خطورتها"، مضيفا أنه وبالرغم من تنبيهات الأهل ومنعهم إياهم، والذي يصل أحيانا إلى حد الضرب، إلا أن هذه اللعبة ما تزال الوحيدة التي تستهويهم، ما يدفع بعضهم أحيانا إلى الهرب من المدرسة من أجل ممارسة تلك اللعبة الخطرة.
ويشير سعيد إلى أن "البلدة لا يوجد فيها أية ملاعب أو حدائق توفر لنا مكانا آمنا للعب واللهو، فإما أن نلعب في الشوارع والطرقات، أو نذهب إلى الجبال لجمع الطلقات النارية".
ويؤكد أحمد (14 عاما) أن الطفل الواحد يجمع يوميا بين 10-15 طلقة، ويقول "أغلبنا يقوم بتفجيرها في شوارع البلدة فيما يقوم بعضنا بجمعها وبيعها لتجار الخردة الذين يجوبون المناطق مقابل ثمن زهيد"، لافتا إلى أن "المكان الذي نأتي منه بهذه الأعيرة لا يبعد سوى مئات الأمتار عن البلدة ما يسهل علينا جمعها".
من جانبهم، يؤكد أولياء أمور أن الوضع الحالي يعتبر كارثيا ويشكل خطرا على أطفالهم، منتقدين عدم وجود أي اهتمام رسمي بالمشكلة.
ويطالب أولياء الأمور الجهات المعنية بالعمل على منع هؤلاء الأطفال من الذهاب إلى مكان تواجد هذه العيارات النارية ونشر التوعية بين الأهالي للحد من الخطورة التي تشكلها على أبنائهم، عبر توفير رقابة مستمرة على المنطقة.
ويستذكر فيصل علي أن أحد الشبان كان يلهو قبل سنتين بإحدى هذه الطلقات فانفجرت ما أدى إلى إحداث إصابة بأحد أصابع يده، موضحا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الأهالي في منع أطفالهم من اللعب بهذه العيارات وإرشادهم لخطورتها وما قد تسببه من أضرار.
وبعد أن يؤكد على خطورة جمع الطلقات واللعب بها، مشددا على أن الأهالي يعون تماما مدى خطورتها ويحاولون منع أطفالهم من اللعب بها، يشير محمود العلاقمة إلى أن طبيعة الأطفال تجعلهم يستغلون الأوقات المناسبة في غياب رقابة الأهل للذهاب واللعب بها.
ولتجاوز المشكلة من أساسها، يطالب العلاقمة الجهات المعنية بإنشاء مرافق عامة كالملاعب والحدائق التي توفر مكانا آمنا لكي يقضي الأطفال أوقاتهم فيه.
وردا على ملاحظات الأهالي والمواطنين، يؤكد متصرف لواء ديرعلا عبدالكريم أبو هزيم أنه "لن يتم التهاون مع أي شخص يقوم بالعبث بهذه الأشياء التي قد تشكل خطورة على حياته".
ويشير إلى أن "المتصرفية تقوم حاليا بمراقبة المنطقة باستمرار لمنع هؤلاء الأطفال من الاقتراب من مكان وجود فوارغ الطلقات في تلك الجبال".
ويقول إن "المتصرفية تقوم أيضا وبالتعاون مع مديرية التنمية والجهات ذات العلاقة بإقامة محاضرات للتوعية من أخطار اللعب بهذه الفوارغ".
ويضم مدير تنمية ديرعلا ناجي العلوان، صوته إلى صوت المتصرف والمواطنين على حد سواء، ويقول إن المديرية خاطبت الحاكم الإداري بهذا الخصوص لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مشيرا إلى أن "كوادر المديرية ستقوم بعقد محاضرات توعوية لتنبيه الأهالي إلى أخطار اللعب بمخلفات الأسلحة من خلال المدارس والجمعيات في المنطقة".
وإلى حين إيجاد حل جذري للمشكلة، بتوفير مرافق وحدائق عامة تغني أطفال المنطقة عن التوجه إلى الجبال المحيطة بها، فضلا عن توفير رقابة دائمة على المناطق الجبلية التي يجمع منها الأطفال فوارغ الطلقات النارية، يظل أطفال فنوش عرضة للموت قتلا وهم يمرحون ويلهون في "فوارغ" قد يكون بينها رصاص حي، وهم لا يعرفون أن الموت يتربص بهم في لعبتهم تلك.
حابس العدوان