\" إلى هذا الكائن, جهاد الخازن \"

سوف أحاول لجم غضبي وأنا أرد على ما كتب الخازن, فليس القوي بالصرعة بل من يملك نفسه عند الغضب, وسوف لا أهبط بنفسي وبلغتي إلى حيث ذهب هذا المتصيد بالماء العكر, ولن أغوص بعكره فقد كفى هو ووفى ونضح بما في إنائه, وسوف أكلمه بضمير الغائب لأنه لا يشرفني وهذا فكره وهذا منطقه, أن أوجه له الحديث مباشرة كمخاطب.
ولكنني سوف أشد رسنه وألجم \"عقاطه\" بموضوعية وتجرد.
الزميل والصديق العزيز تحسين التل وجه لهذا الخازن في مقالته ( كلام سوقي كأصحابه ) ما يلزم وما يليق به وبمنطقه من كلام ونقطة نظام, ولكنني لا أجد بدا من أن أبين لجهاد الخرف التالي من الحيثيات التي يجب أن يفهمها قبل أن يغوص بشؤون الأردنيين الذي يعرفهم هو وغيره جيدا:
أولا, ما كتب به الخازن هو شأن أردني محض لا يحق له ولا لغير أردني أن يخوض به أو يتخبط في بحره. وأهل مكة أدرى بشعابها, وإلا سينطبق عليه المثل القائل, لا تتدخل بما لا يعنيك فترى شيئا لا يرضيك.
ثانيا, إن من استقبل الهاشميين وأحاطهم بالحب والدفء ودفع عنهم شرورا وأخطارا كثيرة, وحموهم بالمهج والأنفس, وكانوا لهم الأهل والعشيرة والسند عقودا طويلة ممتدة من شريف مكة وثورته الكبرى إلى حامل الأمانة سيد البلاد عبد الله الثاني بن الحسين مرورا بأحداث جسام مرت بها المملكة الفتية, لم يكن أقلها خطرا فترة الكفاح المشلح السبعينية وعصابات التخريب والسلب والنهب, والتي عانيتم منها أنتم في لبنان الأمرين, إن هؤلاء من أبناء الأصول والعشائر الأردنية الراسخة في التاريخ, المتجذرة بالأرض, الذين تخرجوا من مدارس الأخلاق الصافية الصحراوية, من إكرام الضيف إلى إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم والدفع عن الجار والمستغيث, والتي يعجز الخازن حتى عن فهم معانيها وسبر غور أصحابها, ليسوا بحاجه من يعلمهم القول وأصول التعامل وخلق المخاطبة فيما بينهم ومع مليكهم وهرم السلطة عندهم.
ثالثا, أن ينصب الخازن من نفسه كبيرا لسدنة الحق والشرف فيوزع شهاداتهما على البعض ويحرم البعض الآخر, فيقطع بمن \"يرفع رأس الأردن ويخفضه\" وأن يمنح وسام الشرف الخازني للسيدة سوزان مبارك بعد أن لفظتها مصرها ونزعه عنها شعبها, ويضعها في ميزان الشرف راجحة على شرفاء الوطن من أبناء العشائر والمسلسلة أصولهم كنقي الخيل, فهذا ضرب من البله وإمعانا بالتخبيص الوقح والتدخل بشأن الغير.
رابعا, ما يسميه الخازن بجرائم الشرف, هو أيضا شأن داخلي أردني له ضوابط قانونية مشرعة في برلمان متنخب وله أصوله وثوابته وخصوصيته المجتمعية, ولنا أن نسن القوانين أو نعدلها أو نلغيها كما نشاء, وقت ما نشاء, فلماذا هذا التطفل واللعب بالنار في ميدان غير ميدانه؟
خامسا, وعند الحديث عن عصور الظلام وربطها بالعشائر الأردنية العزيزة, فلا بد للخازن من تحري الدقة والأرقام, وبما أنه كما يدعي يتلقى بطاقات تهنئة سنوية من أصحاب الجلالة, فإنه لقادر الحصول على إحصائيات دقيقة عن حملة الدكتوراه والعلماء والمفكرين من أبناء العشائر الأردنية والتي نشرت النور حتى خارج الحدود ونقلت المعرفة إلى أقطار شقيقة كثيرة.
سادسا, الحقارة التي يشير إليها هذا الخرف \"هيكل الثاني\" جهاد الخازن مشيرا إلى أصحاب البيان العشائري محور الحديث, فلا بد للخازن أنه كان ينظر بالمرآة وهو يتكلم بهذا اللامنطق, ولعلمه وقد اعترف بجهله بالشأن الأردني وعلم القبائل والعشائر, فإن فرسان الصحراء الأردنية لهم مثال العادات الكريمة والمثل السامية والبروتوكول اللغوي الرفيع الذي يصلح لتربية حتى أمثال هذا الخازن وما دونه.
سابعا, أقتبس من ترهات الخازن: البيان وقعه 37 رجلا ( النساء في المطبخ أو غرفة النوم ) انتهى الاقتباس, سبحان الله, يتمادى الخازن إلى الهجوم على النشميات الأردنيات باختزالهن على المطبخ وغرف النوم, وكان الأجدر به أن يقف عند عدد الوزيرات والنائبات والمديرات وصاحبات الشركات والبزنس الأردنيات وبالذات من بنات العشائر والحمايل صاحبات الحسب والنسب حفيدات وبنات السالفات من حملة العصبة والعباءة البدوية الشريفة العفيفة النظيفة التي ربت أجيال الثورة العربية وفرسان الكرامة الوطنية ودعاة القومية العربية.
ثامنا, أم زعل وجروة وبزعة اللواتي يتعرض لهن الخازن مستهزئا, هن أرفع وأشرف من أن ينال منهن كلام هذا الساقط المسترزق على حساب الكلمة والقلم. وليحذر جهاد الخازن من أن يفتح شدقيه إلى حدود لها تبعات عشائرية لا هو بحجمها ولا هي على مقاسه.
تاسعا, الملك ملكنا والملكة ملكتنا أيها الأبله, فلا تحاول ولوج هذا الباب للاسترزاق وركوب الموجة المعطاءة, ولتخيط بغير هالمسلة. والأردن وعشائره وعاداته وتقاليد أهله هي أكبر من المتنطعين والنرجسيين وعبدة النفس.
وحتى يفهم الخازن ما ذهبت إليه بوضوح, فإليه تلخيصا شعريا لما أسلفت.

جرجر غرورك للمدى وتمادى وافخر بكونك للأنذال أمجادا
يا ابن النقيصة لا حرا تطاوله فالعبد أنت, وكل الخلق أسيادا
شنك لنعلي ولن تأتي لسامقه يكفيك حلما بأن للنعل سجادا
إن تنبح الأنجاس نلقمها الأذى واقعي بحق السما يكفيك إجهادا

جمال الدويري