الاردن بلد مستهدف منذ تاسيس المملكة الاولى ولا يمكن نفي هذا الوضع، وهناك آراء أن الاردن دولة وظيفية حسب تقسيمات سايسبيكو وأن اختلفا او اتفقنا على الوضع الوظيفي للاردن فأننا لابد أن نتفق أنه بلد مستهدف،وهنا اقتبس من مقابلة جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال في مقابلة في برنامج ستون دقيقة على التلفزيون الاردن: " وكثرين يريدوه أن يبقى حيث هو (الأردن) أو يتراجع وكثرين كانوا لا يؤمنوا فيه بطبيعة الحال في الجوار وفي جهات مختلفة وكانوا دائما يراهنوا انه الأصغر والأضعف والمرشح اكثر للانهيار". وحديث جلالة الملك عبد الله في اكثر من مناسبة عن الضغوط التي تمارس على الأردن ومنها اللات الثلاث واقتبس من بعض لقاءات جلالته: " في ضغط علينا، صحيح لكن بالنهاية الجواب بكون كلا أنا مش شايف انهم بقدروا يضغطوا علينا؛ لان كل الاردنيين على موضوع القدس بوقفوا مع بعض".
والأمر الآخر وهو الحالة الاقتصادي الذي وصل له الأردن وما يعاني منه، إن الوضعين الاقتصادي والسياسي الاردني في حالة غير طبيعية وبمجموعة من المخاطر، وهما جانبين مرتبطين وتختلف الاراء عن تبعية احدهما للاخر فكريا، ورأيي ان السياسية تتبع الاقتصاد وان اليساسة هي رد فعل للاقتصاد وهو الراي الذي ازداد في الحقبة الاخيرة على مستوى العالم مع انه قد يرجع لفكر ماركسي؛ من هنا فلابد أن تكون إدارة الدولة في الاردن بمفهوم إدارة المخاطر واريد أن اوضح أنني استثني من مقالي هذا اي فكر استخباراتي او أمني محض أنما اقصد ادارة الحياة اليومية والخاصة بالموضوع المدني والعلاقات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية.
تعرف إدارة المخاطر: انها إدارة الانشطة المختلفة للابتعاد أو تلافي التأثير على أحد الأهداف على الأقل ؛ وتقسم المخاطر الى ثلاثة انواع الاول معروف ويعرف متى حدوثه والثاني غير معروف ويتوقع حدوثه ولكن غير معروف وقت حدوثه، والثالث غير معروف ولن يؤثر وبالمنطق فإن النوع الاول يمكن الابتعاد عنه و الثالث غير مأثر لذا انصب التركيز على النوع الثاني وبما انه غير معروف فلا بد من التنبوء بحدوثه وفي أي وقت سيحدث للاستعداد إما لتلافيه او تقليل درجة تاثيره، وهنا لابد أن ابين الفرق بين المخاطر والكوارث حتى لا يخلط بينهما فالكوارث قد حدثت بالفعل وهناك خطط عامة في جميع النواحي للتعامل معها، أما المخاطر فهي تختلف في درجاتها وقد تكون كوارث ولكنها لم تحدث ويتم التنبوء بها ليتم تلافيها أو التقليل من الضرر.
إن المراجعة الشاملة لامورمنها : الموقع الجغرافي للدولة وحدودها، والتحالفات السياسية والاقتصادية الاقليمية والعالمية، والهوية الاردنية، والقضية الفلسطينية، والحياة السياسية الداخلية والاصلاح السياسي، والاصلاح الاقتصادي والموارد الطبيعية، والاستثمار، ودور السلطة القضائية، والعلاقة بين المواطن والحكومة وليس الدولة، والتطور التكنولوجي العالمي، ودولة الرفاه والحقوق والوجبات، والتواصل والاعلام الغير تقليدي. كخطر يحتاج له فرق متخصصة لبحثه وتحليله ووضع حلول وبدائل، ولابد للدولة أن تعمل به لادارة هذه المخاطر لتوقع وقت حصوله واحتمالية حدوثه ومقدار تأثيره ومن هنا البداية، ثم لابد من وجود استراتيجيات واضحة للتعامل مع هذا الخطر من خلال: تخطيط وتحديد المخاطر وإجراء التحليل النوعي والتحليل الكمي للمخاطر ووضع خطة مواجهة المخاطر و اخيرا والاهم مراقبة المخاطر والتحكم بها، وهي ليست بالمعقدة ولكنها تحتاج كفاءات محضة لديها بعض الصفات الشخصية وخاصة فيما يخص التنبوء والجرأة في إتخاذ الاجراءات والقرارات، العلم في العالم لم يعد نظريا بل اصبحت جميع العلوم تطبيقية لانها تبني المستقبل بعيدا عن مبدأ التجربة والخطأ والبداية حيث انتهى الآخر ليضيف ولحماية نفسه وخصوصيته حسب ظروفه ومصالحه.
سلطة القرار العليا هي القادرة على إتخاذ إجراءات على مستوى وطني لتجنب وقوع اي خطر وخاصة وأننا نسمع عن قرارات في المنطقة سياسية وإقتصادية ، وبما أننا في وضع إقتصادي صعب فمن الصعب أن نكون جزءاَ من صنعه بل سنكون من المنفذين لهذه القرارات أو المتاثرين بها حيث أن اصحاب هذه القرارات هم من يقدموا المنح للدولة الاردنية ومن هنا فأن الواجب أن يكون لدينا خطط ذات تكتيك وبُعد وطني قوي يتمثل بشكل بديهي باصلاح التواصل بين افراد وفئات الدولة جميعا والبداية في حوار وطني همه الاول اقتصادي معيشي للوصول لقرار سياسي قوي ، خاصة وأن الشعب الاردني وصل لمرحلة من الانهاك الاقتصادي ولم يعد يهمه بشكل أولي الا لقمة العيش وفرص العمل ولم يعد يهتم كثيرا بالصورة الاكبر، وهنا لابد أن أُنوه أن الحكومة الاردنية الحالية بأدواتها الحالية غير قادرة لا عاموديا ولا افقيا ولا فكريا ولا تنفيذيا على التعامل مع المرحلة الحالية أو القادمة للان، وحتى طريقة التقاطها لتوجهات جلالة الملك أو صوت المواطن ليست ببوصلة حقيقية والارقام هي المعيار مع جميع ما أجرته من حزم اقتصادية فليس هنا مكمن الحل، فلإصلاح بشقيه السياسي والاقتصادي الشامل هو الجوهر ، الشيئ الوحيد في الاردن المضمون هو هذا الشعب بجميع مكوناته الذي وإن عانى يبقى صامدا بحبه لوطنه وقيادته الشريعية وإن عارض فهو لا يعارض لاجل المعارضة او التغيير انما للاصلاح، واختم مقالي هذا بأننا لابد أن نكون مستعدين لبدائل كثيرة صدقت أم لم تصدق التنبؤات حول المستقبل القريب، فليس من العقلاني أن نبقى بأنتظار الفعل لنقوم برد الفعل أو التعليق، إنني أُوجه كلامي وخاصة أننا في مرحلة إعداد الموازنة العامة لعل وعسى نغير من فكرنا وسياستنا لما تمثله الموازنة من خطة عمل للسنة القادمة بعيداَ عن الشعبويات والكلام الإنشائي الإعلامي، ولقد سلم من حذر، حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادةَ.
ابراهيم سليمان العجلوني
استشاري وباحث في إدارة المشاريع
كاتب اردني
ibr-ajl@rocketmail.com