في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الفلسطينية انقساماً حاداً بين قطبي المقاومة حماس وفتح، جاءت دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء الانتخابات كمفاجئة مدوية، إذ لا يمكن الحديث عن انتخابات ناجحة في ظل حالة التيه والفشل السياسي التي تسيطر على مكونات النظام الفلسطيني من سلطة وأحزاب وحكومات.
لا يملك أحد إلى الآن تحليلاً وافياً حول دوافع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس في التوجه لإجراء انتخابات تشريعية في الضفّة الغربية وقطاع غزّة والقدس المحتلة بعد سنوات من المماطلة والتسويف.
وبالرغم من ترحيب العديد من الدول بهذه الانتخابات، إلا أن دولاً أخرى أبدت تخوفاً من تكرر سيناريو الانتخابات السابقة والذي انتهى بانقسام السلطة بين رام الله وغزة، لاسيما مع تعامل حركة المقاومة الإسلامية حماس بإيجابية مع هذا الإعلان، ما يفيد بحسن استعدادها لاكتساح الإنتخابات مجدداً.
حركة حماس والتي أبدت ليونة لافتة في موضوع الانتخابات الفلسطينية، بقبولها بكل شروط لجنة الانتخابات، بدأت بالفعل في الاستعداد لهذا العرس الديمقراطي، لا عبر نشر برنامجها المستقبلي لخدمة الفلسطينيين الذين يعانون الأمرّين أو رؤيتها المرحلية للقضية الفلسطينية، بل عبر نشر شائعات تتحدث عن نجاحها في إجبار سلطة الاحتلال على عقد صفقات تبادل أسرى في المستقبل القريب .
بعد سنوات من ممارسة السلطة، يرى المحللون أن الحركة الإسلامية قد نجحت في تجاوز بوصلتها الأخلاقية، فلا أخلاق في السياسة، ما يفسر سر حفاظها على السلطة في القطاع رغم حالة البؤس التي تسيطر على متساكنيه مقارنة بنظرائهم في الضفة.
تمرّس حماس جعلها تدرك أن الطريقة الوحيدة في ضرب الحاضنة الشعبية لمنافسها الأول ونقصد بذلك جبهة التحرير الفلسطيني فتح تكمن في زعزعة ثقة سكان الضفة بسلطتهم، ففي الأيام الأخيرة شهدت الضفة العديد من التحركات الاحتجاجية التي تبدو في الظاهر كتحركات عفوية إلا أن العديد من المؤشرات تشير إلى أن حماس تقف ورائها، إذ ترغب الحركة على ما يبدو في استفزاز قوات فتح وجرهم جراً لاستعمال العنف لتفريق المظاهرات.
في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة التي يعيشها الفلسطينيون، لا يملك السياسيون سوى بيع الأوهام أو ضرب الخصوم من أجل كسب ود الجماهير المتعطشة لهذه الانتخابات لمعاقبة المسؤولين عن حالة التدهور التي وصلها هذا الشعب الجريح.