بقلم: د. ابراهيم سليمان العجلوني - كثرت في الآونة الأخيرة المقالات في االصحف الاسرائيلية وخصوصًا هآرتس: وهي أكثر الصحف الاسرائيلية شعبية وتعتبر محسوبة على الشارع الاسرائيلي وتعبر عن رأيه، الوقاحة التي يتحدث بها هؤلاء عن الاْردن قيادةُ وشعباُ لا يجب السكوت عليها، وغدا واضحاً أن الاسرائيليين بهذا الفكر ليسوا شركاء بالعملية السلمية وقد خالفوا بنود الاتفاقية بل انهم يطالبون بإلغائها حتى قبل ان يطالب الجانب الاردني علنا بهذا الأمر وهو جزء ذو شقين الاول انهم ليسوا بحاجة للطرف الاردني خاصة بما تنص عليه من احترام الدور الاردني للمقدسات والآخر احراج القيادة الاردنية أمام شعبها.
هنا لابد ان نتوقف عند ذكرهم للعرش والنظام وخاصة بما يخص شرعية النظام وأنهم هم من يحافظ عليه وياتي الوصف السيء حول جلالة الملك الذي أتحفظ عن ذكره ليثبت الجانب الاسرائيلي انه يسير باتجاه معاكس بعد مرور اكثر من ٢٥ عاما على معاهدة السلام وأن مؤيدو السلام من طرفهم في نقصان وليس في ازدياد مع كل ما قدمته الدولة الأردنية من ضمانات وتنازلات لأجل الأجيال القادمة التي اصبحت جيل وشعب اليوم.
للأسف ونحن في هذه المرحلة يخرج من يسمون أنفسهم بالنخبة السياسية وابناء النظام، مع إن من صنع منهم سياسين وكما يسمون أنفسهم نخبة هو النظام، ليضعوا السم بتصريحات ضبابية وذات حدين ليكونوا في مأمن إن صدقت التوقعات والمخططات، وهم مع الجميع: الشعب والقيادة والمخططات الخارجية في نفس الوقت (مصالح ومكاسب شخصية) وتصريحاتهم قابلة للتفسير بأكثر من إتجاه، لقد آن الآوان ان يكون الخطاب واضح وليس بالف وجه ومعنى ، والجانب الآخر هو بعض المسؤولين الذين أصبحوا عبئا وإحراجا للدولة والنظام بتصرفاتهم الغير مسؤولة شعبياً وخارجيا بدل ان يكونوا وخاصة في هذا الوقت داعما للدولة وعلى قدر اكبر من المسؤولية، والتعامل الغير فني لمشاكل تعتبر روتينية دون أن تؤثر سلبا على الدولة أو أن يكون لها بعد شعبي، التي عادةُ يستطيع موظف درجة ثالثة التعامل معها.
الاسرائيلين يعتمدون على إضعاف الاْردن على ثلاثة زوايا الاولى العلاقة بين النظام وشرعيته والشعب ، من خلال خلق احداث او معلومات غير دقيقة واعتبارها سرية ومخفية عن الشعب وبداخلها رسالة تحمل قيادة الدولة مسؤولية ما يحدث من خلل إن وجد اصلا.
الثانية تركيبة الشعب الاردني وخاصة المكون من اصل فلسطيني ( ان الشرق الأردنيين خارج حساباتهم) لان الفلسطينين في الضفتين هم من يجب ان يقرر (من منطق العدد متناسين البعد العروبي والمصير المشترك) بعد كنفدرالية أو ما يسمى اتحاد باي شكل مستقبلاُ، ويبقى النظام الشرعي الهاشمي خارج الحسابات لانهم في نيتهم ان الفلسطينين الشرق والغرب يحملوه فقدان وطنهم وان لهم حقوق سياسية ومدنية منقوصة ومهضومة لذا من الواجب التخلص منه وهذا اعتقاد وتحليل اسرائيلي خاطىء.
الثالثة وهو الوضع الاقتصادي الاردني الحرج الذي يمر به الأردن والذي يساهم به الأسرائليين بطريقة مباشرة وغير مباشرة وبرتبط بالزاوية الأولى من حيث عدم دقة أو صحة المعلومات التي تمرر يوميا.
الوحدة الوطنية هي الأساس والهوية المشتركة في كل الأوطان حافظ وضامن للجميع، ولا يوجد ما يمنع من الافتخار والإعتزاز بالهوية الثانوية، وهذا الوطن الاردني الشرعي بقيادته قادر على توحيد الخطوة والرؤية والخروج من هذه المرحلة من خلال المؤتمر الوطني السياسي الاقتصادي الذي يمثل البداية من الاقتصاد والاعتماد على الذات بمصارحة ومكاشفة بين الجميع مع إصلاحات اقتصادية وسياسية وقضائية بشخوص وطنيين همهم الوطن اولا وأخيرًا دون أية مصالح شخصية وهم كثر والمشاريع الكبرى هي الأساس وليس المشاريع الصغيرة والفردية والتي للأسف تروج لها المؤسسات الدولية التي لا نعلم نواياها ولا أهدافها ولا من هم خلفها التي بالظاهر خير والباطن سيئ، ولا مانع من المشاًريع الفردية كمشاريع مكملة لدخل الفرد ولكن لأيمكن ان ينهض بلد بمشاريع صغيرة دون وجود مشاريع كبرى جدا لإنقاذ الاقتصاد والسيولة المالية موجودة من خلال أموال الشعب: إما ادخار الضمان الاجتماعي او مدخرات البنوك التي تجاوزت ٤٠ مليار في البنوك الاردنية، والذي يمنع استخدامها الثقة التي اصبحت معدومة بين المواطن والحكومة وليس الدولة.
الموارد البشرية الحقيقية القيادية الوطنية هي ذهبنا ومن هنا لابد ان ننهض بها وان ندعمها لتستلم زمام الأمور وهم ابناء الوطن سواء من بداخله او المغتربون (يبنون اوطان الغير): ما يحتاجونه هو الفرصة وان جميع من هم بالساحة حاليا ليسوا أهلًاُ لان يكونوا جزءً من القيادة لانهم وبالأرقام والبيانات قد فشلوا؛ فالفساد المالي والفني بوجود أشخاص غير مؤهلين واضح في هذه المرحلة وقد قال ابن خلدون ويل إذًا أوكل ألامر لغير أهله وأيضا ويل إذا انحرف المتعلمون.
الإعلام والتواصل جزء قوي وأساسي وجوهري في التعامل مع المرحلة بالمعلومة الحقيقية والصحيحة والواضحة لجميع مستويات الشعب وبثقافة وفكر الاردني العربي دون ان يكون الخطاب مستوردا، وأن تكون المعلومة متوفرة للجميع وبطريقة سلسة غير معقدة أو تأخذ اشهراُ للحصول عليها، وخاصة وأننا في زمن تغير فيه مفهوم الإعلام واصبحت الدولة تشكو من أمور سلبية فيه وخاصة التواصل الإجتماعي فلماذا لم تكن هي المبادرة لإستخدامه بالشكل الصحي لتوفر البيئة الصحية دون اللجوء للعقوبات.
الأردن لنا جميعا والشرعية هي أساس كل شيء والحل اولا وأخيرًا بيدنا ووحدتنا هي أساس قوتنا فلابد ان نسير بخطى واضحة بالشقين الاقتصادي والسياسي بالتوازي، بتخطيط واضح المعالم اوله وآخره وطني بصراحة وشفافية والبداية بمصالحة وطنية وهنا اتحدث عن المواطن الشريف الوطني ابن الشارع العادي لا يوجد معارض أو معارضة في الاْردن إنما مواطن يعاني من وطئت هموم اقتصادية في مقدمتها الفقر والبطالة أو نخبة وطنية هدفها النصح والإصلاح أما اصحاب المصالح الحاليين والطارئين وأصحاب الأجندات والسفارات فليسوا في اجندة الوطن ولا تاريخه وان استلموا في غفلة من الزمن أو يحلموا بان يستلموا منصبًا فسيبقى حلم في نفسهم بفضل القيادة الشرعية والشعب العظيم وان غذا لناظره لقريب ويبقى ان نبدأ خطوات جريئة نحو الإصلاح من صانع القرار الأول، وللاردن تجربتين سابقتين في 89 و90، حمى الله الأردن وأصلح شأنه.
ابراهيم سليمان العجلوني
إستشاري وباحث إدارة مشاريع
كاتب إردني
ibr-ajl@rocketmail.com