زاد الاردن الاخباري -
بترا - من فيروز مبيضين - الاختباء وراء الملك لم يعد امرا مقبولا ، لا من صاحب الشأن ولا من الشعب وكلمة " اجاني توجيهات من فوق " لم تعد الكلمة الملجأ لتبرير عدم تحمل المسؤولية او التقصير في اداء الواجب او احداث خلل في اي شأن من شؤون الدولة نتيجة اتخاذ القرار غير المناسب .
ويأتي قول جلالة الملك عبدالله الثاني يوم امس الاول في لقائه السلطات الثلاث "عندما يتخذ المسؤول أي قرار يجب أن يتحمل مسؤولية هذا القرار، أمام الناس وأمام ضميره، بكل شجاعة وأمانة، ولا يجوز أن يختبئ وراء أحد" , تأكيدا لما ورد في الدستور الاردني بان رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون امام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة وان اوامر الملك الشفوية او الخطية لا تعفي الوزراء من مسؤولياتهم .
وتنص المادة 30 من الدستور على ان "الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية" .
سياسيون في لقاءات مع وكالة الانباء الاردنية ( بترا ) اتفقوا على ان رسالة جلالة الملك واضحة وتعني السلطات الثلاث ولا تعني سلطة بعينها وان المطالبة بتسريع وتيرة الاصلاح الشامل مسؤولية مشتركة يجب ان لا تكون ضمن رؤية ضيقة لتحقيق مكاسب شخصية او آنية او اجندات خاصة .
ويرى عدد منهم ان هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية في مراحل متعددة اضعف دور السلطتين واوجد ذلك الاتكاء الذي يلجأ اليه البعض للتنصل من مسؤولياتهم واشاعة ان قراراتهم كانت بتوجيهات من رأس الدولة، وهذا ما اكد جلالته رفضه بوضوح .
ويرون كذلك ان بعض بنود الدستور تحتاج الى وقفة تأمل واجراء تعديلات تعزز مبدأ فصل السلطات شرط ان لا تمس هذه التعديلات الثوابت التي يتفق عليها الاردنيون جميعا وان لا تمس النظام السياسي الاردني وحقوق المواطنين وواجباتهم .
في عمان ، وكما يبين رئيس الوزراء الاسبق العين الدكتور فايز الطراونة يسود الاعتقاد لدى البعض بان الديمقراطية تتجذر بوصول اصحاب الصوت العالي " لكن الاردن ليست عمان وحدها " يستطرد الطراونة مستعيرا هذا الوصف من جلالة الملك ، والعمل الميداني والالتقاء المباشر مع الناس هو المطلوب لمعرفة ماذا تريد الاكثرية في جميع محافظات المملكة وليس ماذا يريد اصحاب الصوت العالي .
ويقول : ان ما تفضل به جلالة الملك يوم امس الاول من انبل ما يمكن ان اسمع وفيه تأكيد بانه الفيصل بين الناس وانه للجميع ، ويفهم منه التالي " الملك يعطي توجيهاته بحكم الدستور كرئيس للسلطة التنفيذية , لكنه يمارس صلاحياته من خلال رئيس الوزراء والوزراء " .
"التوجيهات الملكية السامية التي تحدد السياسات العامة للدولة وفق متطلبات المرحلة تظهر واضحة في خطب العرش والمزيد من التفصيلات تبدو جلية في كتب التكليف السامية للحكومات وغير ذلك لا يجوز ان ينسب للملك بصفة توجيهات " يضيف الطراونة .
هي مرحلة جديدة تضع حدا للتنصل من المسؤوليات وما تتطلبه المرحلة الحالية لتسريع وتيرة الاصلاح وفق احد قياديي جبهة العمل الاسلامي الدكتور ارحيل الغرايبة ويجب ان لا ترتبط عملية الاصلاح بجهة محددة بل ان يكون ذلك مسؤولية كل الاطراف بلا استثناء واول هذه الاطراف الشعب .
"نرقب خطوات الحكومة الحالية الجادة في هذا المجال ونطالب باصلاحات جوهرية وليس بخطوات تسكينية او استيعابية لمجاراة الواقع ، والمطلوب حقيقة ان نقترب من الرؤية المتفق عليها وهي تمكين الشعب الاردني من الوصول الى مستوى تشكيل حكومات برلمانية" يقول الغرايبة .
قانون الانتخابات بالنسبة له وهو رئيس الدائرة السياسية في جماعة الاخوان المسلمين هو السبيل للاصلاح الحقيقي والوصول الى مجلس نواب برامجي وسياسي " نريده قانونا يجمع بين نظامين - نظام الدوائر ونظام القائمة النسبية - " ولا يغفل في حديثه اهمية اصلاح القوانين الاخرى الناظمة للحريات العامة مثل قوانين الاجتماعات العامة والاحزاب السياسية والعمل التطوعي .
ويرى الاكاديمي المتخصص في العلوم السياسية والدراسات الدولية الدكتور عبدالله نقرش اننا ننطلق بداية من ان النظام السياسي الدستوري الاردني هو نظام برلماني في الاساس ، وهذا يعني ان السلطة المنتخبة في البرلمان الا وهي مجلس النواب يجب ان تكون مركز الثقل الاساسي في هذا النظام كونها تعكس ارادة الامة ومبدأ السيادة للشعب.
ويعبر الدكتور نقرش عن رأيه في ان بنودا في الدستور اتاحت للسلطة التنفيذية احيانا الهيمنة على مجلس النواب وللحكومات المتعاقبة ان تتنصل من مسؤولياتها بالاتكاء على الملك ولان الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة وفق الدستور فان الاصل ان تجري محاسبة الحكومات على هذه الاخطاء .
الاصلاحات يجب ان تكون سريعة والقراءة المتأنية لكلام جلالته تشير بوضوح الى ان اهتمامه الاساس والاول هو المواطن العادي وشأنه، وهذا يقتضي ان تكون هناك حركة سريعة ومؤثرة وليس قرارات يبررها المسؤولون - مرة اخرى- بانها جاءت من فوق وفق ما يؤكده الدكتور الطراونة .
ويتابع ان جلالته يعي وهو ( ابو الديناميكية) ان سرعة التحرك سواء باتخاذ القرار او بما يحتاجه الوطن من اصلاح وتطوير وفقا لمتغيرات البيئة الاقليمية او الدولية او الداخلية تقتضي ان يتدخل من خلال خطبة جامعة تتضمن الخطوط العريضة والتوجيهات العامة ,لكن في الوقت ذاته يريد ان يتحمل الجميع مسؤولياته بادراك ما يحدث وعدم التلكؤ او التباطؤ في اداء واجباته.
اما الباحث في الشؤون الاستراتيجية عبد السلام الحرازنة فيقول ان الاردن دولة متحضرة لها دستورها الذي يغطي جميع متطلبات الامن الشامل ، السياسي والاجتماعي والاقتصادي وهو دستور جامع وشامل ويحظى باحترام اطياف المجتمع كما القيادة السياسية .
ويضيف ان رئيس الوزراء والوزراء وهم يؤدون اليمين الدستورية " أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إلي بأمانة" مطالبون بان يبقى هذا القسم نبراسهم امام الله والشعب والقائد , فماذا بعد هذا القسم المرتبط بالامانة في اداء الواجب ،وكيف يتجاهل البعض ويبرر اخطاءه ويحمّل غيره تبعاتها .