بقلم: د. ابراهيم سليمان العجلوني - أظهرت الدراسات الحديثة أن الصور( Images ) يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا عند قيام الجمهور والمجتمع الدولي بتقييم السياسيين، الجميع يبحث عن صفات محددة في القادة السياسيين أو الجماهريين، منها الصدق والذكاء والود والإخلاص والثقة ، عند اتخاذ القرارات الإقتصادية أوالسياسية أو الشعبية. يمكن أن تساعد تقنيات إدارة الصور في خلق الانطباع بأن السياسيين يمتلكون هذه الصفات، يبدو رؤساء الدول والحكومات الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الانتباه من خلال الصور أو مقاطع الفيديو المؤثرة بشكل يومي تقريبًا وكأنهم قاعدة جديدة، على وجه التحديد، من خلال دراسة كمية ونوعية مختلطة من وسائل تحسين الصورة تتضح كيفية تطوير أسلوب الحكم بشكل مرئي ، وكيف يتم استخدام الحياة الشخصية على وسائل التواصل لدعم قيم وأفكار الدولة أو الحكومة أوالحزب أو الشخص ، وكيف يتم وضع رموز ثقافة المشاهير لحشد لمناقشة قضايا السياسة مثل البيئة والشباب والتكنولوجيا. ولإلقاء الضوء على الآثار المترتبة على إدارة الصور؛ بشكل أعم ، لتقديم نظرة تمس الحاجة إليها في السياسة الإلكترونية القائمة على الصور وتساهم في الأدبيات على وسائل التواصل الاجتماعي والحملات الدائمة وكذلك المشاهير والسياسة وإدارة الدول والحكومات.
حولت الثورة السلوكية الأبحاث حول السياسة الأمريكية ثم السياسة الأوروبية في الستينيات وأوائل السبعينيات، وتوسعت هذه المنهجية لتشمل مجال السياسة المقارنة ، حيث أصبح الآن توسيع نطاق البحث التجريبي والنهج السلوكي قريبًا من الانتشار العالمي. في حين أن هناك القليل من الأدلة المنهجية على العمليات السياسية خارج الديمقراطيات الصناعية المتقدمة ، توسعت قاعدة المعارف بسرعة لتوفير مخزون لم يسبق له مثيل من المعرفة حول الحالة الإنسانية، بحيث تغير العالم لتصبح استطلاعات الرأي العام في الصين (والدول النامية الأخرى) أكثر شيوعًا من استطلاعات الرأي العام الأمريكي في السنوات الأولى من الثورة السلوكية.
تتضمن الثورة السلوكية - أو البحث التجريبي كمنهجية - مجموعة من الظواهر السياسية، وولدت دراسات التطور السياسي مجموعة رائعة من المعلومات حول الظروف الاجتماعية والسياسية في العالم، لتتوسع الدراسات السياسية بشكل منهجي من خلال جمع قواعد البيانات الوطنية المتشابهة؛ لتظهر هذه التطورات في فصول المؤسسات والسلوك التشريعي وغيرها من المساهمات الحكومية والشعبية.
لقد اهتمت الدول وخاصة دول العالم الثالث الى صورتها مؤخراَ، خاصة بعد ظهور الوسائل الاجتماعية الالكترونية الحديثة ولم يعد مقبولا أن تكون الصورة من طرف واحد فقط وهو الدولة بل اصبح من السهل الحصول على الصورة الأخرى، لذا فقد اضطرت الحكومات والدول أن تغير استراتيجياتها في بناء الصورة للداخل وللعالم الخارجي، واصبح من الصعب التحكم بآراء الشعوب في الدول الغير ديمقراطية او في الديمقراطيات الغير ناضجة او التي تمارس بشكل ديكور، لان مراكز الابحاث أصلا غير صادقة وتبني نتائجها حسب ما يريده السياسيين والحكومات التي اصلا فاقدة للثقة الشعبية.
صحيح أن الإعلام لعب دورًا مهمًا في السياسة والصحافة كحجر زاوية للديمقراطية في العالم، وهنا اقصد الاعلام الحديث الذي تطور ليكون تواصل اكثر منه اعلام للوصول لنقطة اتصال واجماع على صحة المعلومة بالاتجاهين لان الشعوب والدول تحتاج إلى معلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة ، ومن واجب ااعلاميين إعطائها لهم والقيام بدورين الأول صحة المعلومة ونقلها بمصداقية بعد تحليها لجميع الفئات والمستويات ونقل المعلومة الراجعة.
عندما تكون الصورة الرسمية عن الأداء الاقتصادي أقل جدارة بالثقة ، يعتمد الشعب على تجربتهم الشخصية، عن الاقتصاد لاتخاذ معتقداتهم ومواقفهم وغالبًا ما يرتكبون أخطاء جماعية وقد يلجأ الشعب لمصادر غير دقيقة أو مضللة وبالنتيجة لمعلومات سيئة تخبط الدول وتصل بها لاسمح الله لاوضاع خطيرة لأن الأخبار الوهمية تغير القصة، لذا على الحكومات تقديم المعلومات الموثوقة فيما يتعلق بالاقتصاد بالذات لانه يؤثر على المواطن البسيط. ومع ذلك ، فإن عالم الأخبار المزيفة والتصيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي يزيد من حدة المشاكل التي نواجهها. ومن المفارقات ، أن زيادة الاتصال والوصول إلى المعلومات يجعل الشفافية أقل، لانه ذو حدين اذا ترك على الغالب.
الأردن ليس ببعيد عن هذا الوضع والصورة في الاردن اصبحت ضبابيا لاسباب كثيرة اهمها المشكلات الاقتصادية والديمقراطية الغير ناضجة وتدخل عناصر كثيرة منها الخارجية وملفات اقليمية لها اجندتها ويبقى المعيار هو مدى جدية الحكومة لعرض الصورة الصحيحة للشعب والانطلاق للتواصل هذا بالمقابل للصورة العالمية؛ علما بأن دول العالم لها سفاراتها التي تعمل كمراكز أبحاث ولديها استطلاعات رأي خاصة بها وتستطيع أن تعرف مدى صدق او عدم صدق الصورة الحكومية الأمر الذي يتوقف عليه ما تقدمه الدول العالمية كدعم للاردن وطريقة تقديم الدعم وهي الأهم لانها إن فقدت الدول العالمية الثقة بالصورة الحكومية يترتب على هذا الأمر إجراءات تضر بأمور سيادية وقد يكون من ابواب كثيرة منها المؤسسات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والمشاريع التي تنفذ وتفتقد الحكومة اصلا التحكم بها.
يقوم جلالة الملك بجولات عالمية ويلقي الخطابات هنا وهناك لعرض الصورة وتوضيها وشرحها والحق يقال أن جلالته مبدع في نقل صورة مدنية راقية عن الأردن وإحتياجاته وتحدياته الداخلية والخارجية ولقد توسع الخطاب الملكي أبعد من القضية الفلسطينية التي هي هم هاشمي اردني وطني للاردن، تعدى لصورة الأسلام ووصف الجهاد بطريقة مدنية ناجحة، ومن اهم اسباب نجاح الخطاب الملكي الدولي الخارجي هو أن جلالته يتكلم مع الأخر بلغته وثقافته التي يفهمها جلالته والقادر على ايصالها بجميع اللغات ومنها لغة الجسد، ولكن يبقى التحدي على الحكومة والمستشارين في الديوان وطريقة تعاملهم مع الصورة الداخلية ومتابعة الصورة الخارجية وللاسف إن ما هو واضح أن هؤلاء المستشارين نوعين ألأول يخاطب المواطن كانه في زمن الخميسنيات والستينيات من القرن الماضي والثاني يخاطب ثقافة غير الثقافة العربية الاردنية انه يخاطب المجتمع الامريكي او الاوروبي وهذا مرفوض؛ إن التواصل من اولوياته أن يكون من ثقافة وفكر المجتمع الذي يتم التعامل معه، إن الصورة من اهم المواضيع التي تجدد الثقة بين الشعب والقيادة والحكومة ولابد من العمل على تحسينها وهنا لابد أن يكون التواصل مع جميع الفئات والاشخاص لتجديد الصورة والابتعاد عن الشخوص التقليدين الذين ليس لديهم ما يقدموه من مشورة او راي لانهم من زمن غير هذا الزمن ومن هنا ادعو من يعمل في الحكومة والديوان أن يختاروا وجوه جديدة للاجتماعت التي نسمع عنها كل يوم للالتفاء مع الملك والحكومة من رئيس وزراء وزراء للاستماع للراي الامين بعيدا عن الراي الكلاسيكي ان كل شيء بخير، لأن الامور ليست بخير وهذا حديث الملك الذي يريد أن يحصل على الحقيقة مع حلول حقيقية جريئة ولشخوص قادرين على تحمل جرأة الرأي وإتخاذه، حمى الله الأردن وشعبه العظيم.
ابراهيم سليمان العجلوني
إستشاري وباحث إدارة مشاريع
كاتب اردني
ibr-ajl@rocketmail.com