بقلم: د. ابراهيم سليمان العجلوني - تم اعلان صفقة القرن وتبعها تعليقات واستنكارات وهجمات ووقفات شعبية خطابية في كل الاتجاهات من اعلى الى أسفل ومن اليمين واليسار وتم عقدت اجتماعات ووضعت الصفقة في سهلة المهملات وما الى ذلك من إجراءات عاطفية ولكن انتهت، والآن كل هذه التعبيرات لا تلغي او تهدم الصفقة أو تنهيها وحاولت ان ابتعد عن الكتابة والكلام لانه يجب ان يكون ذا فائدة وليس فقط للنفي وكسب المواقف، مع انني كنت اتوقع اردنيا وعربيا إتخاذ إجراءات مضادة حتى لوكانت معنوية أو تقديم تحليل ورأي منطقي غير عاطفي عنها والبحث عن تحالفات جيدة لعرض صفقة مقابلة.
واتذكر خطاب وهو ليس بالقديم منذ اشهر في السنة الماضية للرئيس الأمريكي بعد إعلانه القدس عاصمة لدولة اسرائيل والخطاب موجود على اليوتيوب لمن يحب أن يراه حيث قال: انه لم يقبل أية اتصالات من اَي رئيس عربي كان رئيس او ملك قبل اسبوعين من إعلانه القدس عاصمة لاسرائيل واخبر الموظفين في البيت الابيض بالاعتذار لانشغاله وانه سيكلمهم قريبا وأنه كلمهم بعد إعلانه وقد حاول البعض منهم ايصال رسالة ان اعلان القدس عاصمة لاسرائيل يهدد السلام فكان رده ان القرار قد اتخذ لو كلمتني قبل القرار و ردد اكثر من مرة ما الذي حصل ما الذي حصل وردد لاشئ لاشيء حصل وهذا ما تراهن عليه الادارة الامريكية والاسرائيلين هو الوقت والقبول بالواقع وللان هم ناجحين بهذا ألامر.
الاردن هو المتضرر الوحيد بعد فلسطين ومع ذلك الحكومة الاردنية أعطت الملف للشعب من خلال تفويض المؤسسة البرنمانية مجلس النواب وقد قام بعقد اجتماع للبرنمانيين العرب وقد اعجب هذا الوضع الدول العربية وشاركت بنفس الصفة -الصفة الشعبية- ولكن دائما الموقف الرسمي الجاد هو الأساس وهو الذي يحكم العلاقات بين الدول.
الحكومة الاردنية عقدت خلوة لتقييم نفسها ووضع خططها لعام ٢٠٢٠ ولكن كان الاولى ان يكون عنوان هذه الخلوة تحديات صفقة القرن، فالصفقة تهدد الاردن سياسيا وإقتصاديا وجغرافيا وامنيا وديمغرافيا وهويةَ ...الخ، فاذا لم تتخذ تدابير لهكذا أمر فالى أي أمر آخر ستتخذ؛ إنه البقاء، وما يفهم ان الحكومة اما غير مهتمة او مهمشة بهذا الأمر، وأكثر ما تهتم به هو بقائها لاطول فترة ممكنة ولايمكن تفسير ذلك الا بمصالح شخصية آنية لجميع افرادها. وأقل ما يمكن توقعه من دولة في مثل هذه المواجهة خطة إعلامية ودبلوماسية من خلال الاعلام المحلي الرسمي ودور السفارات في الخارج لمخاطبة المواطن العالمي العادي في العالم الأمر الذي لم يحصل.
السياسين الأردنيين الحاليين والسابقين يتجنبون الكلام في هذه المسالة وان تكلموا يتكلمون ان الاْردن ضعيف ومعزول وان الشعب يجب ان يتحمل عزلة وتحديات اقتصادية والشعب اصلا منهك بهذا الجانب، صحيح أن الدولة الاردنية خياراتها قد تكون معدومة لأسباب سياسية وأخرى اغلبها اقتصادية ولكن يغيب عنها امور كثيرة والسبب ضعف العنصر البشري القائم على إدارة الحكومة؛ فهم ذو أفق ضيق ولنعود للوراء لازمة الاْردن خلال حرب الخليج وعزله سياسيا واقتصاديا ولكن نجح الجيل السابق بتخطي الأزمة في وقتها مع انه كان خارج من مشكلة داخلية وهي هبة نيسان ولكن هكذا هم للكبار خلقوا للصعاب للتغلب عليها وتخطيها.
صفقة القرن يتم الحديث عنها منذ سنتين قبل إعلانها وكان موقفنا فقط خطابي وفي دور الضعيف المغلوب على أمره ولكن التاريخ يسجل لدول كثيرة مرت بظروف اصعب وتعدتها بقوة ونجاح من خلال اهم عامل وهو العامل البشري وخطة مخاطر ومنهجية إدارة المشاريع تعتبر الموارد البشرية من اهم العناصر وتعتبر خطة إدارة المخاطر من اهم مقومات النجاح فالخطر موجود دائما ولكن يختلف درجة حصوله او تاثيره.
إن أهم ما تحتاجه الدولة الاردنية خطاب واضح في طريقة مجابهة هذه الصفقة من خلال تعديل البوصلة نحو الداخل واجراءات قد يعتبرها البعض انها معنوية ولكنها تكون ذات اثر عالمي والبداية تكون من الإصلاح السياسي الداخلي وتعيين حكومة قادرة على إصلاح العلاقة الأساسية بين الشعب والدولة ليكون الجميع مقتنع انه جزء من الوطن ووضع خطة اقتصادية واضحة مبنية على البيانات والأرقام الشفافة ولنبتعد عن العواطف والكلام الإنشائي الذي لا يقدم ولا يؤخر وان أراحت المشاعر فانها وقتية انية ويكون بعدها طوفان لا يحمد نتائجه لا سمح الله وسياسية الإشغال الوقتي لن تدوم ولن تبقى إيجابية لوقت طويل كذلك لانها مدمرة على المدى الطويل، مع انني ارى ان الحال مائل في كفة ابقاء نفس الشخوص والسياسة في الاْردن بل واصرارعلى ذلك، ولنكون واضحين أن الأردن حسب الصفقة جزء مهم فبدونه تكون غير كاملة وهذا عامل نتسطيع المناورة به.
الجهة الأخرى التي لا احب ان انظر لها ولست مشجعا لها ولكن لابد من عرضها ومناقشتها وخاصة اذا كان الإصرار على بقاء نفس الشخوص في صنع وتنفيذ القرار الاردني بشقيه السياسي والاقتصادي وهو اذا كانت القناعة متأصلة ان لاشيء بيد الاْردن وأن الصفقة منفذة بنا أو بدوننا: فالأصل ان تقوم الدولة والحكومة بما يقتضي بالشقين السياسين والاقتصادي فيما يخص المصالح الاْردنية والتعامل معه على مبدأ المصالح الوطنية العليا والاساسية والمراوغة للاستفادة اكثر ما أمكن من مصالح اقتصادية وسياسية وتبتعد عن العواطف وتبدأ باتخاذ إجراءات للاستفادة من الصفقة كفرصة وهنا أكون محترمًا للحكومة لانها ففعلت شيء لصالح الدولة والشعب فالوقت الذي يستخدم كسلاح علينا لابد ان ناخذه بجدية للاستفادة منه وما يعنيني عدم الجلوس كمتفرج في لحظة مصيرية وحاسمة وخاصة ونحن في الذكرى المئوية للدولة الاردنية، فإدارة الوقت (Time Management) وأصحاب العلاقة (Stockholder) في مفهوم ومنهجية إدارة المشاريع من العناصر الأساسية الأربعة الاولى لذا فاننا في هذه الفترة بحاجة لقرار واضح بغض النظر عن اتفاقنا وقناعتنا معه من ناحية تاريخية او أيدلوجية او مذهبية بل المهم ان يكون اولا واضحا وشفافا ومهنيا من الناحية السياسية والإقتصادية والثانية خادمًا للمصالح الاردنية كدولة وأول مكونات الدولة الشعب ثم الجغرافيا متوجا بالقيادة كمثلث يحق للضلع الأساس والأقوى الشعب ان يكون جزءً من قراره ولديه المعلومة الواضحة ليكون هو الداعم للأضلاع الأخرى لا حاملًا ولا محتملا على اياً منهما حفظ الله الاْردن وشعبه العظيم ومهما قيل او خطط او نفذ تبقى فلسطين في قلوبنا وارواحنا والقدس هي عاصمتنا والزمن دول ولا يبقى على ما هوالا هو الله سبحانه وتعالى.
ابراهيم سليمان العجلوني
كاتب اردني
استشاري وباحث إدارة مشاريع
ibr-ajl@rocketmail.com