الدباس: تعييني محافظاً لجرش انتصار للمرأة الأردنية وكسر للموروث التقليدي

زاد الاردن الاخباري -

تتسلم المحافظ رابحة الدباس مهام عملها حاكماً إدارياً في محافظة جرش مع إطلالة صباح يوم غد الأحد، في خطوة تعد "انتصاراً" و"كسراً" للموروث التقليدي.

الدباس، أم لابنتين، تنقلت بين عدة وظائف أكسبتها خبرات متنوعة في مجالات يتصل بعضها بشؤون السياسة والتنمية والسياحة، ما يؤهلها للنجاح في منصبها الجديد.

وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية نايف القاضي قرر في 25 كانون الثاني (يناير) الحالي تعيين رابحة الدباس محافظاً لجرش اعتباراً من 31 من الشهر نفسه.

واعتبرت الدباس، في مقابلة مع "الغد"، أن الاستمرارية في العمل بمنصب وظيفي لمدة تزيد عن الـ5 أعوام من شأنه أن يؤثر على الأداء العملي بشكل "سلبي".

وتضيف "أن عطاء الموظف يكون متجددا وإبداعيا خلال الخمسة أعوام الأولى من عمله، وبقاؤه في مكان العمل لمدة أطول من ذلك من شأنه أن يصيبه بالروتين، ويؤثر سلباً على أدائه".

وتتابع أن سعة الأفق والإلمام بالمعلومات والخبرات "أمر مكتسب إثر التنقل الوظيفي".

بدايات عمل الدباس، الحاصلة على درجة الماجستير في الإدارة العامة والعلوم السياسية، كانت في وزارة العمل بمنصب مديرة دائرة المرأة، ومن ثم انتقلت للعمل ضمن برنامج الأمم المتحدة للنشاطات السكانية ومع "اليونسكو" ووزارة التنمية الاجتماعية وديوان الخدمة المدنية.

وشغلت الدباس منصب مستشار لوزير الثقافة وكذلك السياحة والآثار، ومستشار لوزير التنمية السياسية في الأعوام الأولى من تأسيس الوزارة، كما عملت في رئاسة الوزراء على برنامج الأجندة الوطنية ومتابعة الأداء الحكومي إلى أن شغلت منصب محافظ مسؤول عن مديرية التنمية المحلية لمحافظات المملكة.

وكان لطبيعة عملها الأخير، الذي تطلب منها جولات ميدانية واحتكاكا مباشرا مع المجتمعات المحلية بمختلف محافظات المملكة، ميزة منحتها الخبرة التنموية ومهدت لها الطريق للوصول إلى منصب الحاكم الإداري محملة بالخبرات الكافية واللازمة لتحمل مسؤولياتها تجاه أبناء المحافظة.

وتعتقد الدباس أن تمرسها على التواصل مع المجتمعات ومؤسسات المجتمع المحلي والدوائر الرسمية سيكون أساسا لنجاحها في مهمتها الجديدة، مشددة على أهمية تلمس احتياجات المجتمع.

تعلم الدباس جيداً أن عملها محافظا لجرش يتطلب منها التعامل مع الملفات الحساسة والتي تتصل بالجانب الأمني والإشكاليات العشائرية، كما تدرك أنها تسلمت منصباً كان لأعوام طويلة حكرا على الرجال، مؤكدة أنها "قادرة على قيادة دفة الحكم".

وتقول "لا فرق بين رجل وامرأة ... وسأتعامل مع الملفات كافة من دون أن تكون هناك محاباة لطرف على حساب آخر".

وتضيف الدباس صحيح أن قرارات المرأة "في الغالب تحتكم إلى العاطفة"، إلا أن طبيعة المنصب يحتم علي التعامل مع الأمور بـ"عاطفة موزونة تحتكم للعقل وهي ميزة تحتسب لصالح المرأة".

تعيين امرأة بمنصب حاكم إداري هو "انتصار" للمرأة الأردنية على حد تعبير الدباس التي تعتقد أن تعيينها محافظا، فيه "رسالة واضحة من جلالة الملك عبدالله الثاني للهيئات النسائية بشكل خاص والمجتمع الأردني بشكل عام".

وتضيف الدباس "أفتخر وأعتز بالثقة الملكية، فهي دليل على الاهتمام بالمرأة وتشجيع لها على الدخول إلى جميع الميادين"، مؤكدة أن تبوئها منصبا كهذا يحمل رسالة للمجتمع الأردني مفادها "أن المجالات مفتوحة أمام المرأة، وأن لا مناصب محظورة على المرأة".

طموح الدباس كان يقودها دوما للتفكير في منصب المحافظ، إذ تقول "كنت أعمل وأجتهد للوصول إلى أعلى المناصب، فأنا أؤمن بأن للمرأة دورا رياديا في المجتمع".

التحديات التي تواجه المرأة الأردنية لتقلد المناصب تحصرها الدباس في "الموروث التقليدي، والعقلية التي تفضل الذكور على الإناث".

إلا أنها تضيف أن المرأة "تمكنت" من تجاوز بعض التحديات إلى حد معين نظرا لتوفر التشريعات والقوانين التي منحتها حقوقا تتساوى فيها مع الرجل.

وتضيف على المرأة أن تستغل التشريعات كافة لتثبت وجودها على الساحة وتزيد من مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، موضحة "لا يوجد ما يستدعي التقاعس في ظل توفر أرضية صلبة للعمل العام للمرأة الأردنية".

وبالرغم من أن مجتمعنا لا يحبذ فيه رجال أن تتسلم المرأة مواقعهم بسهولة، إلا أن الدباس وجدت كل ترحيب من زملائها في الوزارة.

وتلفت إلى أن عملها محافظا مسؤولا عن مديرية التنمية المحلية للمحافظات على مدار 3 أعوام "كان مقنعا للجميع بأنها قادرة على حمل المسؤولية وأداء المهام بالكفاءة المطلوبة".

الاتصالات التي تلقتها الدباس من أبناء جرش منذ تعيينها محافظاً طمأنها بأن المجتمع الجرشي يرحب بوجودها وينتظر منها الكثير للنهوض بمجتمعهم وتنميته.

وتشير الدباس إلى أن نجاحها أساسه التواصل مع المواطنين وتلمس احتياجاتهم، مؤكدة "سيجدونني في الميدان، وسأستمع إلى شكاواهم، وبالتعاون المشترك سنعمل لما فيه مصلحة المحافظة".

النشاط النسوي يوصف بـ"الخجول" في محافظة جرش، إلا أن القيادة النسائية، وفقا لهيئات نسائية، سيكون لها دور فاعل بعد أن تم تعيين الدباس محافظاً لجرش.

وتعتقد الدباس أن عملها سيكون حافزا للمرأة الجرشية بشكل خاص، إذ سنعمل على زيادة فعاليته من خلال توعية المرأة بكافة حقوقها، مضيفة "لن أوفر أي مجهود للنهوض بالمرأة والكشف عن قدراتها، سيما وأنها بحاجة إلى الدعم".

ورغم ما حققته العديد من النساء من خطوات ريادية في مختلف القطاعات، إلا أن الدباس تعتقد أن عدم التزام المرأة بالعمل طويلا "أضعف" من مساهماتها، بالرغم من أن التشريعات نظريا ضمنت لها كافة الحقوق إلا أن ممارستها ما تزال ضعيفة بسبب تقاعسها عن العمل.

وتضيف "ما يزال نفس المرأة قصيرا في الحياة العملية، وهو ما يحول دون تبوئها للمناصب العليا".

وتعلم الدباس أن عملها محافظا يتطلب منها الاستعداد لحل الإشكاليات ومتابعة شؤون المحافظة على مدار الساعة.

"في بدايات حياتي العملية كنت أُما وموظفة وطالبة في وقت واحد، وهي مرحلة اكتسبت فيها خبرة وقدرة على تنظيم العمل وتنسيق وقتي بما يسمح لي بإنجاز المهام على أكمل وجه" على ما تضيف الدباس.

خطة العمل الخاصة بمحافظة جرش ما تزال غير واضحة المعالم بنظر الدباس التي أشارت إلى أنه يلزمها الوقت للتعرف عن قرب على احتياجات المحافظة وذلك من خلال التشاور مع أبناء المجتمع المحلي.

الدباس، التي اكتسبت خلال أعوام عملها خبرات في القطاع السياحي كونها كانت تشغل موقع منسق مشاريع الشراكة الأورومتوسطية، عازمة على جذب الاستثمارات للمحافظة والنهوض بواقعها التنموي واستثمار الخصوصية السياحية لمدينة جرش.

وتعتبر الدباس تعيينها بمنصب حاكم إداري "تكريما وثقة ودعماً للمرأة الأردنية"، مؤكدة أن الأردن يمنح الفرص لكافة أفراده.

الغد