الدكتور: رشيد عبّاس - نحن اليوم على مسافة قصيرة جدا من حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام في ظل انتشار فيروس كورونا عبر العالم, والسؤال هنا كيف سيمارس المواطن طقوس وشعائر هذا الشهر لهذا العام؟..اعتقد جازما ان الاجابة على مثل هذا التساؤل او غيره من الاسئلة تقع في قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدّة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلّكم تشكرون).
لا شك ان رمضان هذا العام سيكون بنكهة وطعم ومزاج مختلف تماما, فالصوم وجميع العبادات الاخرى ستكون جائزة ومقبولة ان شاء الله مع التزمنا بالإرشادات والتوجيهات التي أصدرتها الحكومة للوقاية من فيروس كورونا والمعلن عنها من خلال اصدارات دائرة الافتاء وارشادات وتوجيهات قانون الدفاع, كيف لا وعدم التزام المواطن بهذه الإرشادات والتوجيهات والتي اخذت طابع الافتاء قد يعطّل جهود الحكومة المبذولة في الحد من انتشار فيروس كورونا في المجتمع, فالله سبحانه وتعالى يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر, واعتقد هنا اننا اذا اضفنا لهذا الشهر بعدا جديدا وهو الصبر فان الله سبحانه وتعالى سيضاعف لنا الاجر, قال تعالى: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا).
القاسم المشترك الاكبر لجميع العبادات هو الصبر, ورمضان هذا العام ومع وجود فيروس كورونا يحتاج من كل واحد فينا الى مزيد من التحلي بالصبر, فالصبر على البلاء والرضا بالقضاء هو الأعظم أجراً والأعلى منزلة يوم القيامة, والجميل في المشهد هنا ان كل عبادة تحتاج الى درجة معينة من درجات الصبر, فمثلا درجات الصبر في عبادة الصلاة تختلف تماما عن درجات الصبر في عبادة الصوم, ودرجات الصبر في عبادة الحج تختلف تماما عن درجات الصبر في عبادة الزكاة, ومن حكمة الخالق ان جعل لكل عبادة صبرها الخاص بها, وجعل لكل إنسان فينا درجة صبر وتحمل معينة, ومن هنا جاء عدل الله سبحانه وتعالى في قبول العبادات او ردها.
وبعد، فان أشكال الصبر التي ينبغي ان نتحلى بها في شهر رمضان المبارك هذا العام والذي تزامن مع وجود فيروس كورونا كثيرة وفرصة لنا ان نحتسب اجرها عند الله سبحانه وتعالى, هذه الصور تتمثل في ان نصبر على الواقع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه ويعيشه العالم من حولنا, وتتمثل في ان نصبر على الواقع الاجتماعي الجديد الذي نعيشه ويعيشه العالم من حولنا, وتتمثل في ان نصبر على الواقع النفسي الجديد الذي نعيشه ويعيشه العالم من حولنا, اضافة على ذلك هو ان نصبر على الصيام, وذلك بأدائه على أحسن وجهٍ دون تذمُّر من جوع وعطش، وطبيعة ما يُرافقه من عناء، وان نصبر ونصوم عن الغيبة والنميمة والقال والقيل, بتركها والابتعاد عنها ما أمكن، كذلك علينا ان نصبر على مرحلة مكافحة فيروس كورونا والحد من انتشاره وذلك بعدم السَّخط والشكوى والتذمر.
النجاح في الامتحان يتحقق بقليل من الصبر, والشفاء من المرض يتحقق بقليل من الصبر, والانتصار في المعركة يتحقق بقليل من الصبر, والتغلب على الجوع والعطش يتحقق بقليل من الصبر, والعبادات بزمن كورونا تتحقق بقليل من الصبر, ..نعم كورونا سيفرض علينا انماط حياتية جديدة لم نعهدها من قبل, فكثير من الطقوس الاجتماعية والدينية التي كنا نجتمع فيها بأعداد كبيرة, اصبحنا اليوم وفي عصر كورونا نمارسها بخلاف ذلك, والمجتمع تقبل كل ذلك (وهذا امر جيد) من خلال اصدارات دائرة الافتاء وارشادات وتوجيهات قانون الدفاع التي تصدر عن الحكومة بين الفينة والاخرى وحسب الموقف.
بقي ان نقول: شبّه احد المفكرين فيروس كورونا بالطفل اللقيط, حتى كبر هذا الطفل تدريجيا واصبح رجل كبير لنجد حوله اشارات استفهام عديدة يصعب ازالتها...