بقلم د. ابراهيم سليمان العجلوني - العالم يعود للاقتصاديات البسيطة بسبب ارتفاع الكلف لقلة الطلب لان الاستثمار مبني على الاقتصاد الكمي (انتاج كثير بكلف منخفضة) والتضخم المتوقع بعد أزمة كورونا: والواجب أن يكون العمل متصلا من إجراءات خلال هذه الازمة لما بعدها ولكن للاسف فإن الحكومة الاردنية الحالية تصر أن تصدم الجميع بطريقة التفكير والقرارات المتخذة لانها تفكر بفكر إدارة شؤون الموظفين وهذا نابع من فكر ضيق وبسيط، والاصرار على التصرف بهذا الشكل والفكر يخلق بطالة جديدة وجياع وخروج استثمارات وعدم انتماء لا سمح الله.
إدارة شؤون الموظفين قصيرة النظر وظالمة بالاتجاهيين لانها تقوم على تقليل أعداد الموظفين في الازمات وتقليل الاجور والامتيازات ومثال ذلك بان أمريكا (بالامكان الرجوع لهذه التجربة) حيث اثبت المختصيين أنهم قادرون على المشاركة بنجاح العمل بدون فكر شؤون الموظفين وبفكر قريب من الهندسة القيمية والسكس سجما (SIX SIGMA )، وللعلم فقد استغنى العالم عن شؤون الموظفين واصبح فكر الموارد البشرية وادارتها مرتبطة بالمورد البشري بشمولية وشريك وجزء من الاصول المؤسسية للشركات والدول.
الحكومة يجب أن تعنى بتقليل كلف المؤسسات والشركات والتركيز على الصناعة والاقتصاد الزراعي الشمولي من خلال تامين مدخلات الانتاج والسوق المحمي للمنتج المحلي، وبناء انظمة مجانية لادارة الاعمال لتخفيف الكلف ومنها البرامج الحاسوبية الشاملة وخدمات شؤؤون الموظفين والخدمات اللوجستية لتقليل الكلف على الشركات والمؤسسات الوطنية في القطاع الخاص مهما كبر أو صغر والاهم القطاعات الصغيرة باعفاءها من الكثير من التكاليف الحكومية لانها سوف ترفع عن كاهل الحكومة تكلفة الحماية الاجتماعية لاحقا.
لابد من إعادة رسم خريطة صناعية بالتنسيق مع القطاع الصناعي، لتحديد ما يمكن أن يُصنع محليا والاستغناء عن تصدير أية مواد خام لتعود لنا كمواد وسلع مهما كانت (وبالاخص الزراعية) خاصة مع كلف النقل العالمي والشحن المتوقع ارتفاعها لاسباب كثيرة منها ارتفاع قيم التامين لقلة المنافسة مستقبلاَ، اضافة للمجهود الوطني بقطاع الانشاءات.
قطاع التعدين هو من أهم القطاعات التي يجب على الدولة إعادة تنظيمها والنظر في الشركات العاملة واتاحة الفرصة لدخول راس مال محلي كامل في استثمارات جديدة بمنتجات جديدة ومحاولة عدم بيع المواد الاولية التي تعاد لنا بعد تصنيعها وايضا التوسع في الانتاج بانهاء اي إحتكار في هذا القطاع والسماح للاستثمارات الصغيرة بدخوله.
إعادة الثقة مع المواطنين لتحفيز الاستثمار الداخلي (لدى الافراد في الاردن ودائع كبيرة بالمقارنة بقيمة السوق الاجمالي) إن بناء برامج متخصصة من خلال قاعدة بيانات وإعطاء الافراد ضمانات حكومية لتشجيع الاستثمار وبناء شركات وطنية أو محاولة استرجاع بعض المقدرات من خلال افكار كثيرة منها التأميم ولكن بطريقة يحفظ مصداقية الاردن عالميا وتحفيز الاستثمار في الراسمال المحلي خاصة مع انخفاض الفائدة السنوية للودائع وايضا تلاشي الجوائز التحفيزية لحسابات التوفير.
على الحكومة وضع حوافز تشجيعية للمهن الصغيرة وخاصة مهن صندوق العدة لتشجيع انخراط الشباب ومحاولة تشجيعهم على تشغيل بعضهم البعض وتقليل الكلف عليهم (لتكون أجورهم لاحقا مقبولة بسبب توقع قلة انفاق الافراد لانخفاض مباشر وغير مباشر للدخل) مع مظلة حماية إجتماعية، وفرص اقتراضية بدون فوائد، إن هذه المهن تحتاج لمبلغ اقل من الف دينار لتمارس العمل وخلق سوق اضافي، خاصة مع إرتفاع البطالة وتوقع إزديادها.
لن تستطيع أي دولة في العالم أن تقف في موجة الكساد القادم بنفس السياسات والاشخاص والافكار فالتغير قادم والعاقل من منع التسنومي البشري أو الانهيار الاقتصادي بفكر جيد وبتوزيع الضربة لتشتيتها بين القطاعات، والاقتراض لن يكون مجدي في الخمس سنوات القادمة ولن يكون هناك دعم دولي لاي دولة في العالم لان اعظم اقتصاد متوجه لحماية نفسة بالانغلاق والاكتفاء الذاتي واوروبا ستكون مشغولة بتداعيات ديون داخلية ومضطرة لمواجهة افلاس دول اخرى إن بقي الاتحاد قائما ولو صوريا لاسباب سياسية وليست إقتصادية؛ فليس متوقع أن يقدم مساعدة لغير دول الاتحاد.
دول شرق اسيا القوية وبالذات النمور السبعة ستكون ضمن تداعيات اقتصادية وتتحول الى اقتصاديات محلية وشعوبها جاهزة بثقافتها لهذه المرحلة فهي لم تذهب بالرفاهية ببعد ثقافي بعيد واصرت على الالتزام بتقاليدها والذي سيتأثر هو التصدير لدول اوروبية أو امريكا وهنا ستقوم دول اسيا بتحويل صناعتها الى صناعات محلية خاصة مع انتهاء اتفاقية التجارة الدولية وخداع الملكية الفكرية.
الارن بلد صغير وهذه حسنة تحسب له ولديه اصول مؤسسية وموارد بشرية لا يستهان بهما ومع أن المتوقع عودة الكثيرين من أبنائه المغتربين وخاصة العاملين في دول الخليج العربي لتوقف الاستثمارات وتأجيل المشاريع حتى يتعافى اقتصاد دول الخليج لسببين الاول ارتدادات الكورونا والثاني انخفاض دخلها والذي بدأ منذ اشهر بسبب إنخفاض اسعار موردها الاساسي (النفط)، فلابد من التفكير بتحويل المخاطر لفرص قبل أن تحول نفسها لازمات وكوارث وهنا الفرق بالادارة، حيث أن أغلبهم سيعود بمكافاته المالية لذا لابد من وضع فرص استثمارية مناسبة لهم.
ومن منطلق موارد الاردن البشرية المميزة: فلابد أن تتخذ الدولة قرارا حقيقيا بإعطاء الفرصة للتخطيط ورسم السياسات للمرحلة القادمة للقادرين نعم كفى ما مر تسليم زمام الامور لغير أهلها من الاصدقاء والاحبة والاصل في إختيار الرجل الاول في الحكومة رئيسها على أن يكون شخصا من لدن معاناة الشعب هو وفريق مصغر يستطيع أن يفهم ماذا يعني رجل لا يستطيع أن يؤمن رغيف خبز لعائلته وطالب ينتظر الدينار للذهاب لجامعته وامور بسيطة خاصة بأغلب ابناء الشعب فالشعب والاردن ليس عمان وليس أجزاء من عمان لا نريد مخمليين لا يعرفون مناطق الاردن والمعاناة الحقيقية لابناه.
برأيي قانون الدفاع لم يستغل لما وجد له ولما اراد المشرع له وكما كان مأمول منه: إن أوامر الدفاع يجب أن تكون بفكر يتماشى مع اصرار القيادة لحماية الدولة والشعب وتحقيق احتياجات الشعب الاساسية في هكذا ظروف وللاسف لقد كانت القيادة والشعب سابقين للحكومة والحكومة تركض وتلهث خلفهما ولم تصل لا لتطلعات القيادة ولا احتياجات الشعب أو تنظيمه، وحتى القرارات كانت بدون إجراءات تنفيذية التي هي بالاصل روح القرار ونحن نعمل بوقت أزمة، مع إرتجالية لبعض المواقف، وثبات على نفس سيناريو الادارة من سوف وسنعلن لاحقاَ أو وضع لجان لتحدد الاجراءات، وحتى عند تشكيل لجان إستشارية صعق الجميع أن هذه اللجان اعضائها من الفريق الوزاري الذي هو بالاصل عضو في مجلس الوزراء ويستطيع أن يقدم رآيه مباشرة بعيداَ عن هذه اللجان والسبب لا يخفى على أحد هو الامكانات الفردية من خبرات وتأهيل للفريق الوزراي كاملا بمن فيهم الرئيس، نعم كانت الحمولة اكبر منهم؛ وكان الهم الانا والظهور الاعلامي والتداخل في الاختصاصات، حفظ الله الاردن قويا منيعا بشعبه العظيم الصابر.
ابراهيم سليمان العجلوني
استشاري وباحث إدارة مشاريع
كاتب إردني
ibr-ajl@rocketmail.com